بلغت قيمة التداولات في سوق الكويت للأوراق المالية يوم الخميس الماضي الموافق 27 سبتمبر ما يقارب 48 مليون دينار كويتي.. تمثل هذه القيمة تحولاً مهماً في أداء السوق بعد التراجع في التداولات وقيمتها على مدار الشهور الماضية. وغني عن البيان أن التعليمات السامية التي صدرت عن سمو أمير البلاد للإدارة الاقتصادية بتفعيل آليات التنشيط الاقتصادي ومعالجة الاختلالات الهيكلية، كما أشارت التوصيات العديدة التي تضمنتها الدراسات، كان لها الأثر البالغ في رفع معنويات المتعاملين في السوق. ويبدو أن السوق كان ينتظر الأخبار الجيدة حتى يتمكن من الإقلاع. لكن إذا كان لهذه الدفعة النفسية من آثار إيجابية حتى الآن فهل ستكون كافية لتعزيز أداء أفضل في الأسابيع والشهور المقبلة؟ لا بد أن تتأكد التطورات الإيجابية من خلال تحقيق الاستقرار السياسي بعد اجراء انتخابات مجلس الأمة المقبلة، كما يجب على مجلس الوزراء إنجاز الإصلاحات القانونية والإدارية بما يتسق مع متطلبات الإصلاح البنيوي. هناك أهمية لإصلاح قانون الشركات وتفعيل دور هيئة أسواق المال وتحويل ملكية سوق الكويت للأوراق المالية إلى القطاع الخاص بموجب معايير واضحة.
كذلك، لا بد من إعادة النظر في جميع القوانين والأنظمة التي تحول دون قيام القطاع الخاص بتفعيل دوره وتوظيف أمواله على اسس منهجية وبموجب معايير الجدوى الاقتصادية. ومن أهم هذه القوانين ما يتعلق بالمبادرات ونظام الــ BOT ومعالجة القانون الذي يحد من قيام شركات القطاع الخاص بدور أساسي في توفير الإسكان الخاص.
لا يمكن لسوق الكويت للأوراق المالية أن يكون فعالاً من دون تطوير دور شركات القطاع الخاص في مختلف القطاعات الأساسية وإفساح المجال أمامها للعمل وتوظيف الأموال في قطاعات ما زالت حكراً للدولة وقطاعها العام. وكما يذكر المختصون فإن سوق الكويت للأوراق المالية يجب أن يكون عاكساً بشكل حقيقي لأداء الاقتصاد الفعلي وليس مجالاً للمضاربة. ولذلك، فإن أداء الشركات والمؤسسات ذات الإيرادات التشغيلية يجب أن يكون المحرك الأساسي للسوق، بما يعني أهمية معالجة أوضاع الكثير من الشركات التي اعتمدت لفترة طويلة على اقتناء وبيع الأسهم لتحقيق إيرادات ومن ثم أرباح، وهي تعاني الآن من خسائر متراكمة. لقد سبق للكثير من المختصين أن تقدموا بتوصيات مهمة لإدارة السوق والمسؤولين في الحكومة من أجل تطوير آليات التعامل بالأسهم وتعزيز إمكانيات التعامل بأدوات أخرى مثل السندات، ولذلك لا بد أن يُتعامل بشكل إيجابي مع عدد من هذه التوصيات الحيوية.
وإذا كان القانون والأنظمة يسمحان بالتداول بالأوراق المالية في الكويت من قبل الأفراد والمؤسسات الأجنبية فإن الجاذبية لا تزال متواضعة، كما أن الكثير ممن تعاملوا في هذه الأوراق من خلال السنوات الماضية قد سيلوا الاصول واتجهوا نحو أسواق أخرى. لا بد من دراسة الأسباب التي لا تزال تحول دون تدفق أموال إلى السوق من خارج الكويت، كذلك يجب تعزيز قدرة السوق على تشجيع المستثمرين في الخارج على إدراج شركاتهم المؤسسة خارج الكويت في سوق الكويت للأوراق المالية. إن المعالجات الحكومية تظل مهمة، ولكن يجب تعزيز المعالجات الموضوعية في تطوير أداء هذا السوق المالي