في الوقت الذي بدأت بعض الدول دولة بعد دولة تتحول من مصدرة الى مستوردة للبترول، كذلك بدأت بعض الدول الأخرى تشعر بأن حقولها الرئيسية يتناقص إنتاجها فانتقلت إلى تطوير حقولها التي كانت تدخرها للمستقبل. وفي الوقت الذي تأكدت الدول المستهلكة أن الدول المنتجة لا تستطيع (حتى إذا أرادت) أن تلبي كل احتياجاتها من البترول فبدأت تكشف الغطاء (رويدا رويدا) عن بترولها غير التقليدي رغم تكاليفه وأضراره بالبيئة.
رغم هذه الحقائق يصر البعض بأن يستشهد بالطرفة (وإن شئت فقل النكتة) على أن البترول مصيره كمصير الحجر سيستغنى الانسان عنه فيبقى الذهب الأسود دون جدوى حبيسا تحت الأرض.
هذا التسطيح في التفكير (الذي يجد في النكتة حلاً للأزمات) يذكرنا بتفكير النعامة التي تدس رأسها في التراب اعتقاداً منها أنها إذا لم تر الخطر فإن الخطر لن يراها.
في 25 يونية 2000 (قبل 12 سنة) نشرت صحيفة The Telegraph مقابلة نسبتها لمعالي الشيخ اليماني. قالت الصحيفة ان اليماني قال: إنه بعد خمسة سنوات سيحدث انهيار مريع Cataclysmic Crash في أسعار البترول، وأنه بعد ثلاثين سنة ستطرح كميات ضخمة للبيع لا يوجد لها مشترون، وأنه بعد عقود قليلة سترقد احتياطات هائلة تحت الأرض لا يريدها أحد. ثم ختم معاليه المقابلة بعبارته المشهورة: "لقد انتهى العصر الحجري ليس لانعدام الحجر، كذلك سينتهي عصر البترول ليس لانعدامه بل لاستغناء الإنسان عن البترول".
لقد مضت الخمس سنوات وبدلاً من أن تنهار أسعار البترول قفزت الى 148 دولارا للبرميل فاستنجدت الدول المشترية بالدول البائعة أن تزيد إنتاجها فتجاوبت معها بأريحية تحت شعار السعر العادل فاصبح السعر يحوم حول 100 دولار بفضل تضحية الدول المنتجة، وحسب توقعاتي فإن عوامل السوق (وليس المضاربون) ستقفز بالسعر الى الأعلى بعد انتهاء الانتخابات الامريكية.
الآن بعد اثنتي عشرة سنة من المقولة أصبح المختصون (وانا منهم) يعتبرها نكتة ولكن أخي ابن جمعة يبدو أنه لازال يعتقد بصحتها فخيّل له أن أسعار البترول انهارت فعلا بعد خمس سنوات من المقولة وأنه بعد ثماني عشرة سنة (المتبقية من الثلاثين سنة) لن نجد من يشتري منا البترول فيقول بالنص: "انه فعلا رائع لأنه ... ينظر الى المستقبل في ظل وجود البدائل" ولا أدري هل أخي ابن جمعة يقصد أن النكتة هي الرائعة أو أن تحقق استشراف معاليه هو الرائع.
نحن لا نلوم معاليه على توقعاته لأنه حين قال مقولته كانت أسعار البترول على مدى العشرين عاما (1980 - 2000) تحوم حول العشرين دولارا للبرميل الى أن انخفض سعر برنت الى 12.72 دولاراً عام 1998، فلا غرو إذن أن يقع معاليه (متأثراً بذكريات الثمانينات) في فخ انهيار الأسعار وإغراق السوق بالبترول.
لكن الآن تبين لنا ولمعاليه العكس فأخذت الأسعار ترتفع لأن العرض لم يستطع أن يجاري الطلب وزادت الضغوط على الدول المنتجة بأن تزيد إنتاجها وتشرع في توسيع طاقاتها فأصبح واجباً وطنياً (إكمالاً لماضيه الناصع) أن يعلن معاليه مجدداً هل لا زال يصدق طرفته القديمة؟.
الأسبوع القادم -إن شاء الله- سأجاوب على تساؤل أخي ابن جمعة: هل سلوك أوبك تنافسي؟.
ابو الزيك لم يكن يتوقع بل كان يتمنى.
نقطتان: نقطة لارقام والثانية للكاتب، ١- المقال جزء من سجال بين الكاتب ويفند فيه ادعاء المدعو ابن جمعة، لماذا تنقل أرقام جزءاً من السجال وتهمل الاخر؟! ٢- الكاتب يسخر من مقابلة مع الوزير اليماني، لماذا لم يسخر من نظرية ذروة البترول التي ناضل عنها لفترة طويلة ثم أقر بأنها خاطئة فيما بعد.
لا يجرؤ عاقل -مختص بالبترول- على إنكار موضوع ذروة البترول. عزيزي المعتصم، نحن نتحدث عن نفط له كميات غير متجدده (حط تحت "غير متجدده" ألف خط) وما ينطبق على المناجم وإحتياطياتها ينطبق على البترول وآباره مع إختلاف طرق الإستخراج والأخذ بالإعتبار تنوع النفط وتنوع أماكن تواجده وطرق إستخراجه لكن تبقى النقطة الجوهرية وهي كلمة (غير متجدده). العديد من الدول تجاوزت مرحلة الذروة منذ سنين والموضوع معروف ويناقش دائماً وليس فيه مؤامرات أو سرية. من المهم أن نفرق بين النظرية والفرضية. ما يكتبه بن جمعه لا يصعب تفسيره في بلد يدار بالبركة من رأس الهرم لأصغر مسؤول، ولن أدخل في النيات ولكن ما يفعله بن جمعه وإستماتته في الإنكار دون أي إثبات أو أرقام بل مجرد حشو إنشائي وأماني أقل ما بقال عنه أنه حشو ويثير العديد من الشكوك حول الأسباب التي دعته للكذب في موضوع حيوي وإستراتيجي وعلى هذا القدر الأهمية لمستقبل السعودية.
فعلا , البعض يعتقد ببقاء النفط بدون أي أدلة , في حين أنه يجب الاعتقاد بنضوب النفط حيث أنه معلوم للجميع أن النفط غير متجدد , فلماذا نسرف في الشيء الذي اذا خسرناه لن يعود
"لا يجرؤ عاقل مختص!" هل هناك مختصون مجانين؟! الكاتب نفسه اكبر مناضل عن الفكرة باللغة العربية، ودافع عنها اكثر من واضعها، قال بانها لم تتحقق. والواقع اكد انها غير صحيحة. بدون شك هناك اكثر من مدرسة واكثر من فكر، ما أوده من الموقع هو إما إبداء الرأي والرأي المخالف أو عدم إبداء أي منها.
أخي الغالي أتوقع أن ألفا بيتا متاح للجميع، بإمكان أي شخص المشاركة فيه.
اخوي المعتصم ممكن تتكرم و تذكر عنوان الموضوع الذي اقر فيه الكاتب بخطأ نظرية ذروة البترول؟
هل سمعتَ بعقدة "حرف الدال"؟ القلة هم من لديهم هذه العقدة، واهم صفاتهم احتقار الرأي الآخر وربما الآخر نفسه. الصفة الأخرى: يهرف بما لا يعرف. تحياتي أخي الغالي.
أخوي المعتصم، القصد أن ما نتكلم عنه هو موارد طبيعية، وفي حالة النفط يحرق أغلبه للحصول على طاقة وليس كبقية الموارد الطبيعية التي بالإمكان إعادة تدويرها كالمعادن. أنا تعودت على متابعة "الجنون" والمجانين في منطقتنا العربية من الرؤساء للمسؤولين للأفراد وما نفعله الآن بثرواتنا الطبيعية أقرب للجنون من العقل. من ينكر أو حتى يشكك في أن النفط طاقة غير متجدده إسمحلي هذا مجنون رسمي أو له مصلحة من التشويش على الرأي العام. لك تحياتي.