هل يمكن إنعاش الاقتصاد الكويتي؟ هناك محاولات، لكن هل هذه المحاولات ذات جدوى وتتوافق مع أهداف الإصلاح الهيكلي؟ تواجه الكويت ركوداً مهماً تعاني منه قطاعات حيوية، مثل قطاع العقار ومؤسسات الاستثمار والصناعات التحويلية.. ولا شك أن هذا الركود القطاعي سيؤدي إلى تراجع التسهيلات المصرفية، وهي قد تراجعت كما تؤكد بيانات بنك الكويت المركزي. وإذا كان هناك من عوامل على آليات الإنفاق العام، فإن النتائج لا تؤكد تدفق الأموال في شرايين القطاعات الأساسية. وتضطر الحكومة بعد فترة ركود طويلة إلى توظيف الأموال في اقتناء الاصول، مثل الأسهم والعقارات.. لكن هذه السياسة ستؤدي إلى زيادة ملكية الدولة في الاصول المالية والعينية من دون أن تكون لديها خطة خروج Exit Strategy للتحرر من هذه الاصول، بما يعني تكريس ملكية الدولة وهيمنتها على النشاط الاقتصادي في مختلف القطاعات. يرى رجال أعمال واقتصاديون أنه بالرغم من مثالب هذه السياسة فإنه ليس هناك من بدائل لإنعاش القطاع الخاص وتمكينه من مواجهة التزاماته وأزماته دون تدخل الحكومة. ويضرب هؤلاء الأمثال بأن الحكومة الأميركية والحكومات الأوربية وحكومة اليابان تدخلت بأموالها من أجل إنقاذ البنوك والشركات المالية الرئيسية والشركات الصناعية.. لكن في تلك البلدان كان التدخل محسوباً وفي أوقات حرجة ومن أجل إنقاذ مؤسسات أساسية، ومحاولة الحد من قيام تلك المؤسسات بالاستغناء عن عمالتها.. هل تنطبق هذه المعايير على الأوضاع الكويتية؟
لا شك أن توفير الإمكانات لمواجهة الالتزامات تجاه النظام المصرفي مسألة مهمة، حيث أن حماية النظام المصرفي تمثل أهمية في أي اقتصاد وطني مثل حماية لحقوق المودعين والمساهمين بعد ذلك، لكن في البلدان الصناعية التي ورد ذكرها تقوم الدولة باسترجاع أموالها بعد حين، وتتحرر من الملكية في الاصول، فهل هناك إمكانات في الكويت لتوظيف الأموال ثم بيع الاصول بأسعار معقولة؟ لا بد أن تكون هناك خطة واضحة عند التعامل مع مسألة اقتناء الاصول. من أهم عناصر الخطة أن توظف الأموال في الشركات الحيوية القادرة على تحقيق إيرادات تشغيلية وتقوم بتوظيف العمالة الوطنية خلال السنوات المقبلة. كذلك لا بد من التأكيد على تحرير هذه الشركات والمؤسسات التي يتم اقتناء اصولها أو أسهمها من إراداتها الناشطة، إن وجدت أو كانت مسؤولة عن تراجع أدائها. هناك، أيضا، أهمية لتطوير الاقتصاد عن طريق استصدار قوانين حديثة، مثل قانون الشركات وتطوير سوق الكويت للأوراق المالية وتعزيز جاذبية البلاد للاستثمار الأجنبي وتحديث الإدارة الحكومية والاتقاء بمهارات العمالة الوطنية.. هذه الاعتبارات ضرورية ومهمة وإن تطلب تحقيقها زمناً قد يبدو طويلاً. ومهماً يكن من أمر فإن المعالجات قصيرة الأجل يجب أن تربط بأهداف طويلة الأجل حتى تتحقق الأهداف التنموية المنشودة. إن من الأهمية بمكان توظيف الإمكانات المالية المتاحة ليس فقط من أجل الإنعاش على المدى القصير، ولكن من أجل الإصلاح الهيكلي على المدى الأبعد.