الوطنية.. فعْلٌ قبل القول

22/09/2012 2
عبد الحميد العمري

الإيمان فعل قبل القول، والحب والولاء والانتماء وكذلك هي بقية المفردات العظمى التي تميّز الإنسان عن غيره من المخلوقات في هذا الكون الفسيح، إنها أفعالٌ فقط ودونها تظل مجردةً تماماً من حقيقتها، تلك الحقيقة الأولى والأعلى في منظومة كون الإنسان إنساناً من عدمه. وليس أجدر بعد الدين من الوطن بمعانقة الحقيقة الأثمن في الإنسان بهذا الكيان المتمثل في موطنه، وموطن من سبقوه من أهله ومن سيلحق به من نسله من بعده.
تمرُّ بنا لحظاتٌ كثيرة ننشغل فيها قسراً عن حقائق غالية في حياتنا؛ لعل من أثمنها الوطن! نقع نتيجة هذه الغفوة لا المسؤولة ولا المقصودة بالطبع في أخطاءٍ تحتسبها الحياة علينا فيما بعد، وكل ما تمكنّا من سدِّ هذه الثغرة البغيضة كل ما تقدّمت بوطننا الخطوات إلى الأمام، وسجّلت في سجلاتنا الخالدة إنجازات الإنسان والحضارة وأسباب البقاء كأقوياء بين مصافِّ بقية الأوطان على سطح الأرض. ليست الحقيقة تلك معزوفة لأجل الترنّح طرباً على أنغامها في يومٍ كاليوم الوطني، بقدر ما أنها حقيقة يجب أن تتجسد «فعلاً» في حياة كل فرد منا؛ ذكراً كان أم أنثى.
نجح الملك المؤسس -رحمه الله- في تحقيقها وكان الوطن، وفي تحويل «الحلم» إلى «حقيقة» باهرة، وانبثقتْ أثراً لذلك من بعده أحلام وأحلام في أفئدة كل السعوديين، أُنجز كثيرٌ منها، وبقي كثيرٌ منها أيضاً. تتمحور فلسفة ذكرى اليوم الوطني للسعودية في هذه الحقيقة الكبرى تحديداً، حقيقة الحلم السعودي العظيم بالوحدة والبناء والتقدم، الحلم الذي بدأ في قلب وعقل الملك المؤسس، وامتد متصلاً ومستقرّاً في فؤاد كل سعودي وسعودية من بعده. يتكرر مجيئ اليوم الوطني مرة كل عام ليُحيي فينا كسعوديين حلمنا المشترك اتصالاً بأصله الطموح، وصولاً لامتداداته في فؤاد كل واحدٍ منا، ننعم بوطننا الأبهى والأزهى وها نحن والحمدلله، نتنفس فيه العدل والمحبة والمساواة، كما نتنفس فيه الأمن والأمان والسلام والرخاء.