لاشك ان جميع الاوساط الاقتصادية ورجال الاعمال والتنفيذيين بالمملكة يريدون ان يعرفوا الى اين تتجه بهم الاسواق والمشروعات وهل معرضون لازمة جديدة ام ان اثارها قد ولت وذهبت الى غير رجعة ....
وقد اعرب العديد من الاقتصاديين والتنفيذين عن تفاؤلهم بأنْ يتغيّر المناخ الاقتصادي بالمملكة نحو الأفضل خلال الربعيْن المقبليْن، لكنّ العديد منهم لا يزال حذراً إزاء كلّ شيء؛ من توظيف عاملين جدُد إلى إعادة ملء مستودعاتهم، وذلك طبقاً لنتائج الدراسة التي أجراها البنك السعودي الفرنسي لإعداد أوّل مؤشّر لثقة الشركات السعودية. ونظراً إلى التوقّعات ببقاء أسعار النفط عند مستويات مناسبة لدعم الاقتصاد المحلي وظهور مؤشرات على تعافي العديد من الاقتصادات العالمية بصورة معتدلة، توقّع معظم مديري شركات أكبر اقتصاد عربي حدوث تحوّل إيجابي في المؤشرات المالية خلال الربعيْن المقبليْن .. فقد أعربت غالبية الشركات التي استُطلعت آراؤها، وعددها 824 شركة، عن إحباطها بسبب شحّ القروض المصرفية؛ إذ رأى قُرابة 59 %من المديرين التنفيذيين أنّ معدّل نمو النشاط الائتماني للمؤسسات المالية جاء دون توقّعاتهم، لأنه لم يسجّل إلا ارتفاعاً طفيفاً بالمقارنة مع مستوى الربع الأخير من العام الماضي (61.8 % ). فقد تحسّن المستوى العام لمؤشّر ثقة الشركات السعودية خلال الربع الأول من العام الجاري ليسجل 99.4 نقطة أساس، بالمقارنة مع 98.2 نقطة أساس في الربع الأخير من العام الماضي.
في حين، بلغ مستوى المؤشّر مئة نقطة أساس في الربع الثالث من عام 2009. كما أبدى الذين استُطلعت آراؤهم بين الخامس عشر والثالث والعشرين من يناير 2010، التوقّعات التالية بشأن المناخ الاقتصادي العامّ وكيفيّة تأثيره في مؤشرات الاقتصاد الرئيسية:
• توقّعت الغالبية العظمى من الذين استُطلعت آراؤهم (89.9 %) أنْ يكون وضع الاقتصاد السعودي "أفضل" أو حتى "أفضل بكثير" خلال الربعيْن المقبليْن، علماً بأنّ نصفهم رجّح التوقّع الأخير.. وتعكس هذه النسبة تحسّناً ملموساً بالمقارنة مع مستواها في الربع الرابع من العام الماضي (76 %). ويُظهر التقرير الأول في عام 2010، أنّ جميع الذين استُطلعت آراؤهم يعتقدون أنّ وضع الاقتصاد الوطني لن يتردى في المدى المنظور.
• أبدى أكثر من ثلثي المديرين التنفيذيين الذين استُطلعت آراؤهم عن ثقتهم بأنّ الأداء المالي لشركاتهم سيتحسّن خلال الربعيْن المقبليْن. إذ توقع 69 % منهم أنّ تسجّل شركاتهم أداءً مالياً أقوى، بالمقارنة مع 53.7 % في الربع الأخير من عام 2009. وتوقّع 30.7 %من المديرين التنفيذيين أداءً ثابتاً خلال الشهور الستّة المقبلة، بينما لم يتوقّع أيٌّ منهم حدوث تراجع في الأداء المالي خلال نفس الفترة.
• وتوقّع 69.3 % من الذين استُطلعت آراؤهم أنْ تنمو أرباح شركاتهم في الربعيْن المقبليْن، بينما توقّع 52.3 % من المديرين التنفيذيين أنْ تزداد مبيعات شركاتهم خلال نفس الفترة .. في الوقت نفسه، أبدت نسبة كبيرة نسبياً من المديرين التنفيذيين الذين استُطلعت آراؤهم قدراً من التحفظ بشأن مستقبل شركاتهم ـ إذ يعتقد 30.7 % أنّ أرباح شركاتهم قد تتقلص خلال الشهور الستّة المقبلة، بينما بلغت هذه النسبة 25 % في التقرير الأخير. وتوقّع أكثر من الثلث بقليل أنْ تتراجع مبيعات شركاتهم خلال الربعين القادميْن.
تنتمي عينة المديرين التنفيذيين الذين استُطلعت آراؤهم بهدف إعداد هذا المؤشّر إلى العديد من القطاعات، بما فيها قطاعات البيع بالجملة وبالتجزئة والصناعة والبناء والعقارات والسياحة وتقنية المعلومات والمؤسسات المالية والإعلانية.
تتوقع الشركات السعودية أنْ تستمر أسعار النفط القويّة في الربعين المقبليْن. وتُعدُّ أسعار النفط عاملاً مهماً بالنسبة لثقة الشركات السعودية بسلامة الاقتصاد المحلي لأنّ المملكة، التي تُعدُّ أكثر مصدّري النفط نفوذاً في العالم، تحصل على نحو 90 % من إيراداتها الرسمية من خلال عائدات صادرات النفط. كما أنّ لأسعار النفط ومستويات الطلب عليه انعكاسات مهمّة على القطاع غير النفطي، لا سيما صناعة البتروكيماويات. وتتوقع غالبية بسيطة من الذين استُطلعت آراؤهم (52.9 %) بأنّ أسعار النفط ستتعدى الخمسة والثمانين دولاراً للبرميل خلال الربعيْن المقبليْن.
وتحوم أسعار النفط منذ بضعة أشهر حول الخمسة والسبعين دولارا للبرميل، مما يعزّز القدرة الانفاقية لمصدّري النفط، كالمملكة التي وصفت هذا السعر بأنه عادل ويمكّنها من مواصلة الاستثمار في رفع طاقتها لإنتاج الهيدروكربونات، وتوسيع بناها التحتية لتلبية احتياجات سكانها الذين تتزايد أعدادهم .. لكنّ مديري الشركات لم يكونوا جميعاً متفائلين بشأن مستقبل أسواق الطاقة؛ إذ توقعت نسبة كبيرة منهم (47.1 %) أنْ تنخفض أسعار النفط إلى ما دون الخمسة والسبعين دولاراً للبرميل، ونحن نرى أن هذا المستوى مرتفع بما فيه الكفاية لتغطية الميزانيات العامة القويّة لدول الخليج المصدّرة للنفط، بما فيها المملكة.
وقد تجلّى لنا أنّ الشركات التجارية السعودية تتوقع حدوث نمو في طلب المستهلكين خلال عام 2010، ولكنّها لا تزال تنتظر ظهور الأدلة القاطعة على هذا النمو المتوقع قبل تعديل خططها. كما أنّ حوالي 44.5 % من المديرين التنفيذيين للشركات (مقابل 33.7 % في الربع الرابع من العام الماضي) لا يخططون لتغيير أسعار منتجاتهم أو خدماتهم خلال الربعيْن المقبليْن لأنهم يفضّلون إبقاء الأسعار ثابتة، في انتظار التحقق من نمو الطلب.
في المقابل، يتوقع أكثر من ثلث الشركات السعودية بقليل رفع الأسعار خلال الربعيْن المقبليْن (مقابل 35.9 بالمائة في الربع الأخير من عام 2009)، بينما يخطط 9 بالمائة منها لخفض الأسعار (بالمقارنة مع 8.2 بالمائة في الربع الرابع من العام الماضي).. وما زالت شركات تجارية عديدة تمتنع عن زيادة مخزوناتها بشكل كبير بسبب التباطؤ الذي شهده عام 2009، حيث تراجعت الواردات السعودية بأكثر من الخُمس لأنّ الشركات حاولت التكيّف مع انحسار الطلب الذي رافق الأزمة المالية العالمية.. وتجلى لنا أنه لم يطرأ أي تغيير يُذكر على توجّهات هذه الشركات منذ الربع الرابع من عام 2009.
وعندما سئلت الشركات التجارية السعودية حول خططها لتعزيز مخزوناتها من السلع المستوردة خلال الربعين القادميْن، أجاب 37.5 % منها بأنها ستحافظ على المستويات الحالية. ولا يخطط إلا أكثر من ثلث الشركات المستطلَعة آراؤها بقليل لزيادة مخزوناتها خلال نفس الفترة، بينما يتوقع 29 % منها تقليص مخزوناتها.
وتجلى لنا أيضاً أنّ غالبية الشركات الانتاجية السعودية تميل إلى إبقاء طاقاتها الانتاجية عند مستوياتها الحالية أو تخطط لتعزيزها خلال الربعيْن القادميْن .. فقد أفاد 38 % من هذه الشركات أنها سترفع طاقاتها الانتاجية، بينما أكّدت نسبة 41.6 % منها أنّها ستُبقي طاقاتها الانتاجية ثابتة .. في حين، توقّع خُمس الشركات المستطلَعة آراؤها تخفيض طاقاتها الإنتاجية. كما أظهرت الدراسة أنّ التفاؤل الحذر انعكس على خطط التوظيف التي تتبناها الشركات السعودية .. ومع أنّ جميع المديرين التنفيذيين الذين استُطلعت آراؤهم لا يخططون لتسريح أيّ موظّف خلال الربعيْن المقبليْن، يخطط 47.8 % منهم للاستمرار في تجميد التوظيف؛ وهذه النسبة أدنى من رديفتها في الربع الرابع من العام الماضي (53.3 %) .. وبالتالي، يمكن للباحثين عن عمل أنْ يستفيدوا من العدد المتزايد للشركات التي تخطط لتوظيف عاملين جُدد خلال الربعيْن المقبليْن .. فعلى وجه التحديد، تبلغ نسبة هذه الشركات 38.7 %؛ أيْ أكبر من النسبة المرادفة في الاستفتاء الأخير %29.8 .
إنّ تسريع وتيرة نمو الإقراض المصرفي شرط مسبق لتعافي الاقتصاد، خصوصاً القطاع الخاصّ .. أما الشرط المسبق الآخر، فهو رغبة القطاع الخاصّ في التوسّع .. لكنّ الرأي السائد لدى شركات القطاع الخاص هو أنّ القروض المصرفية لا تزال شحيحة .. إذ رأى الكثيرون أنّ معدّل نمو النشاط الائتماني المصرفي جاء دون توقّعاتهم، لأنه لم يسجّل إلا ارتفاعاً طفيفاً بالمقارنة مع مستوى الربع الأخير من العام الماضي الذي بلغ 61.8 %، وهو ما يؤكّد على استمرار التناقض بين التوقّعات الاقتصادية العامّة وتلافي المخاطر من جانب البنوك.
واتخذت مؤسسة النقد العربي السعودي خطوات مهمة لتحفيز الاقراض المصرفي، أبرزها: خفض أسعار الفائدة على الودائع وتقليص نسبة الاحتياطي المصرفي .. ولئن اتخذت هذه المؤسسة جميع الإجراءات اللازمة التي تُجيزها صلاحياتها القانونية، إلا أنّ هذه الاجراءات لم تترك أثراً إيجابياً يُذكر على توسيع النشاط الائتماني للبنوك المحلية؛ بل لقد تقلّص حجم القروض التي قدمتها هذه البنوك إلى القطاعيْن العامّ والخاصّ بنحو 5 % خلال العام الماضي وفق أحدث البيانات
ولا يتوقع أغلب الذين استُطلعت آراؤهم (58.9 %) حدوث أيّ تغيير في أسعار الفائدة خلال الربعيْن المقبليْن لأنّ مؤسسة النقد العربي السعودي تسعى لتوفير البيئة المناسبة لتشجيع البنوك على الإقراض عندما يزاداد استعدادها للمخاطرة.
وفي وقت سابق من شهر يناير قالت مؤسسة النقد العربي السعودي إنّها لا تُخطط لرفع أسعار الفائدة لأنّ الضغوط التضخّمية ليست مقلقة ولأنّ الطلب على القروض ليس قوياً بما فيه الكفاية.
وفي العام الماضي، خفّضت مؤسسة النقد العربي السعودي سعر فائدة عقود إعادة الشراء (الريبو) إلى 2 % وسعر فائدة عقود إعادة الشراء العكسي (الريبو العكسي) إلى 0.25 %. في الربع الأخير من عام 2009، كانت نسبة الشركات التي توقّعت أنْ ترتفع أسعار الفائدة أكبر، ونتوقّع أن تبدي البنوك مزيداً من المرونة إزاء الاقراض، لا سيما خلال النصف الثاني من العام الجاري، وذلك لسببيْن رئيسييْن: النمو المعتدل في طلب شركات القطاع الخاصّ على القروض لتمويل مشروعات توسيع طاقاتها الانتاجية؛ والحاجة إلى زيادة الأرباح الضئيلة التي حققتها البنوك في عام 2009، بسبب أسعار الفائدة المنخفضة. فحتى نوفمبر، كانت الأرباح التراكمية للبنوك السعودية قد تراجعت بنسبة 9.6 %بالمقارنة مع السنة السابقة. وطبقاً للتوقّعات قد يرتفع إلى 8 % معدّل نمو القروض المصرفية الممنوحة للقطاع الخاص في عام 2010، بعدما سجّل 2.1 % فقط في عام 2009. ولعلنا نستكمل فى مقال قادم افاق الاستثمار بالمملكة والتوقعات لعام 2010 .
الله اسال ان يعم الخير والرخاء على ربوع المملكة واهلها وان يجنببنا تداعيات الازمات ..... ويوفقنا جميعا لما فيه خير البلاد انه ولى ذلك والقادر عليه .......
مع تداعيات الأزمة أصبح الاقتصاد السعودي منقسم الى شقين... الشق الذي يعتمد على الانفاق الحكومي ونموه واضح ولا غبار عليه على الاقل خلال عامي 2010 و 2011... والشق الخاص بالقطاع الخاص الذي يبدو انه لن ينمو خلال عام 2010 بسبب احجام البنوك عن الاقتراض... شكرا دكتور جمال بانتظار الجزء الثاني