معلقات السوق المالية السعودية!

27/01/2010 1
محمد العمران

في العصر الجاهلي، تعتبر المعلقات الشعرية السبع أبرز ما أنتجه لنا ذلك العصر من فنون الأدب العربي الأصيل والتي لا نزال نتدارسها ونحللها إلى يومنا هذا. أما في عصرنا الحديث هذا، فنجد أن هناك معلقات لا تقل أهمية عن تلك ولكن من نوع آخر يرتبط بالشركات المدرجة في السوق المالية السعودية (ولهذا يحق لنا تسميتها بمعلقات السوق المالية السعودية) لأنها لا تقل في الغرابة والإبداع عن معلقات العصر الجاهلي على الرغم من اختلاف فارق التوقيت. من أشهر هذه المعلقات القضية القانونية العالقة بين شركة نادك وشركة أرامكو والتي يتوقع البعض أن تصل التعويضات بها لأكثر من ثلاثة مليارات ريال، فالقضية بدأت منذ نحو عشرة أعوام والتطور الوحيد الذي حصل حتى الآن هو صدور حكم ابتدائي (وأرجو أن تركزوا هنا على كلمة ابتدائي) من محكمة الخبر يقضي برفع يد "أرامكو" عن الأرض، لكن من حقنا أن نتساءل: إذا استغرق لصدور حكم ابتدائي عشرة أعوام فكم سيستغرق الوقت لصدور حكم نهائي؟ وكم سيستغرق الوقت أيضاً لصدور حكم من محكمة التمييز يا ترى؟

ومن أشهر معلقات العصر الحديث، القضية العالقة بين شركة المصافي وشركة المجموعة السعودية للاستثمار الصناعي، فالقضية بدأت منذ عام 2005 إلا أن المضحك في تطوراتها أنه بعد نحو خمس سنوات من الأخذ والرد صدر حكم من ديوان المظالم بعدم الاختصاص ومن ثم تحويل القضية إلى لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية والتي بدورها أصدرت حكماً بعدم الاختصاص أيضاً! مما أجبر شركة المصافي على التقدم إلى فضيلة رئيس القضاء الأعلى لتحديد واعتماد الجهة المختصة لنظر الدعوى وكانت النتيجة الاعتذار عن تحديد جهة الاختصاص القضائي وهو ما أجبر الشركة أخيرا على رفع موضوع تنازع الاختصاص إلى مقام رئيس مجلس الوزراء (حفظه الله ورعاه).

هناك قضايا كثيرة أخرى لا تزال عالقة (قد تصل إلى سبع أو حتى أكثر من ذلك) وما قدمته في شركتي نادك والمصافي ما هو إلا أمثلة بسيطة لذلك، إلا أن المهم هنا أن تأخير حسم هذه القضايا العالقة لفترة زمنية طويلة سيكون له مع الأسف الشديد تبعات سلبية غير ملموسة ستؤثر في ثقة المستثمرين وفي جذب الاستثمارات الأجنبية على المدى الطويل. بشكل عام، نحن نتفهم أن القضايا القانونية قد تأخذ وقتاً طويلاً وهذا طبيعي، لكن أن يصل هذا الوقت إلى أعوام طويلة ثم تصدر بعد ذلك أحكاماً ابتدائية فقط أو أن تصدر أحكام بعدم الاختصاص، فهذا بالتأكيد وضع يحتاج إلى إعادة نظر إذا كنا حريصين فعلاً على الارتقاء بوطننا الغالي إلى أعلى المستويات والمعايير.