الخبر بسيط و عنوانه "تم بيع شركة موبينيل للاتصالات إلى شركة فرانس تيليكوم بمبلغ مليار و700 مليون دولار" . و الأمر معلوم بأنه تمت الصفقة بناءً على قرار صادر عن محكمة التحكيم الدولية بغرفة التجارة الدولية بباريس، باعت بمقتضاه شركة موبينيل كل أسهمها إلى شركة فرانس تيليكوم، بسعر 273.26 جنيه "49 دولارا" للسهم الواحد. و هو أمر يتم تداوله في معظم الجرائد المصرية .... و لكن المتابع للشارع المصري في حكايات المقاهي (حكاوي القهاوي) يستشعر قلقاٌ عاماً علي عائلة ساويرس أو بالأدق من العائلة.
و قبل أن أشرع مبحراً في مخاوف المصريين و لماذا و مما يخافون، أجد أنه من الأجدي إلقاء الضوء علي جذور العائلة و هو الأب أنسي نجيب ساويرس (80عاماً ) أحد أبرز رجال الأعمال المصريين. ثروته الحالية تقدر بـ 9,1 مليار دولار ، وهو مؤسس ورئيس مجموعة أوراسكوم. ولد في سوهاج لعائلة قبطية. كانت إنطلاقته في الخمسينات من خلال شركة مقاولات اسمها لمعي وساويرس كان نشاطها يتمثل في تمهيد الطرق وحفر ترع الري. عام 1961 أممت الشركة جزئيا ثم كليا وبقي ساويرس على رأسها خمسة سنوات قبل أن يهاجر إلى ليبيا سنة 1966. عمل هناك أيضا في المقاولات قبل أن يرجع إلى مصر في منتصف السبعينات. سنة 1976 أسس شركة أوراسكوم للمقاولات العامة والتجارة والتي أصبحت في ما بعد تسمى أوراسكوم للصناعات الإنشائية.
في الثمانينات والتسعينات توسع نشاط الشركة ليشمل السياحة والفنادق وخدمات الكمبيوتر وخدمات الهاتف المحمول ، ولتصبح المجموعة من أضخم الشركات المصرية. أجنحة العائلة حالياً بخلاف الأب هم المهندس نجيب (54 عام) رئيس أوراسكوم للأتصالات (محل الخلاف المذكور أعلاه) و هو أغني رجل مصري بثروة 12,7 مليار دولار و بالمناسبة هو صاحب قناة (أو تي في) و مساهم رئيسي في جريدة (المصري اليوم)، أما الأخ الثاني سميح (52 عاماً) وهو رئيس أوراسكوم للفنادق و التنمية و هو من أسس منتجع الجونة الشهير و حصل علي المركز الأول في مسابقة رجل أعمال 2009 بسويسرا بالرغم من أنه خرج مؤخراً من قائمة الأغنياء في العام الماضي و قد كانت تقدر ثروته في العام المنصرم بمليار و نصف (فقط)، أخيراً أعرفكم علي الاخ الثالث فهو ناصف ( 48 عاماً ) و هو رئيس "أوراسكوم للصناعات الأنشائية" و ثروته 11 مليار دولار بحسبة بسيطة لو جمعنا ثروة العائلة ستقارب علي 34 مليار دولار (187 مليار جنية) و هو ما يوازي 17% من الناتج المحلي المصري و البالغ 1100 مليار جنية، و بلا مؤاخذة 83% من أيرادات الدولة المصرية (بالعيش و السلطة ) و هي أرقام تجعل ثرثرة المقاهي حقيقة و خوف المصريين من هجرة هذة العائلة. بل أن الثرثرة لا تعتبر دخاناً بلا نار .. فها هي أنتقلت سريعاً الي شوارع الأنترنت و تحديداً مقهي "كتاب الوجه" أو " الفيس بوك" و ستجد "قروبين" أحدهم يشترك به أكثر من سته الاف مستخدم تحت أسم " كام واحد حيسيب موبينيل لو أجبروا نجيب علي البيع" و قروب أخر "معال يا ساويرس و موش عاوزين نبيع موبنيل" و هي تشمل ما يزيد عن الألفين مشترك.
هذا بخلاف بعض المجموعات الصغيرة و التي لا تبنعد كثيراً عن دعم المهندس نجيب. هذا ما يجعل ملايين ممن يعملون في موبنيل يخافون عليها و لكن مما الخوف من العائلة ؟!! ، فتصريحات المهندس نجيب الشهيرة بحلمه في الأستراحة من عالم الأعمال و أمله في مشروع خيري ضخم في زيارة أفقر قري سوهاج مسقط رأسه و أعادة بنائها و رصف شوارعها و بناء مستشفي و مدرسة و أدخال شبكة الأنترنت من المفترض أن تؤكد أنه غير عازم علي ترك مصر في أحلك مشاكله فيها.
و لكن يبقي تظل تساؤلات عن إعلان أوراسكوم بيلدينج بيع قطاع الأسمنت التابع لها الي شركة لافارج الفرنسية بـ 13 مليار دولار و هل فعلاً يمكن أن نعتبر هذة بداية تصفية منهجية لأعمال الشركة في مصر ؟!!! ، و هناك شاهد أخر علي الأمر و هو إعلان شركة أوراسكوم للفنادق و التنمية عن نيتها للأستثمار في سويسرا بتأسيس شركة قابضة هناك لتصبح الشركة الأم و يتم تسجيل أسهمها في سوق الأوراق المالية بزيورخ، و بالمناسبة قد يكون مهندس عملية زراعة أوراسكوم في سويسرا هو المهندس سميح فهو الأشهر هناك ، بل و أعلن أن الشركة تود زيادة رأس مالها هناك إضافة الي الاعلان عن قيام الشركة بمشروع منتجع سياحي في قرية "أندمارت" علي أن يكون هذا المشروع أحد الخطوات لترسيخ أقدام أغني عائلة مصرية في بلاد الألب بعيداً عن بلاد النيل .
"معك يا ساويرس" أم "ضدك" فالأمر المؤكد أن العائلة الساويرسية تمثل للبورصة المصرية ثلث مؤشرها و بالتأكيد المخاوف من خروجها من مصر في محله، و لن يبدد هذة المخاوف إلا المثلث الأخوي نجيب – سميح - ناصف ، و لننتظر و نرتقب ، إنا لمنتظرون...