يعلم الكثير أن مجالات الحظ البحتة هي أقرب ما تكون للقمار، وبالرغم من أن القمار محرّم في ديننا الحنيف وممنوع في كل دول الخليج، إلا أن المقامرين منتشرون بكثرة في أسواق الأسهم، حيث يبرعون في خسارة أموالهم في مجالات شرعية في ظاهرها لكنها لا تختلف كثيراً عن القمار. وبالطبع الكثير من المضاربين الذين يسعون للربح السريع قد يعترضون على هذا التشبيه، حيث يقولون إن القمار أمر عشوائي وناتج عن الحظ، أما مضاربتهم فهي مسألة علمية مبنيّة على دراسات متعمقة تختلف باختلاف أصحابها (من رسوم بيانية أو تحليلات نفسية أو سواها)، ولكن من المفارقات أني في حديثي مع الكثير ممن يلعبون القمار بل والمدمنين عليه، وجدتهم أيضاً مقتنعين بعدم عشوائية النتائج ويحاولون أن يبنوا قراراتهم أيضاً على ما يعتبرونه دراسات متعمقة (من عدّ للأوراق، أو الأساليب الإحصائية أو نفسية اللاعبين الآخرين). ولكن الحقيقة أن كلتا الحالتين لا تختلفان كثيراً. لذا فإننا نعتقد أن المستثمرين ''يقامرون'' في كل مرة يستثمرون فيها مالهم في شيء لا يفهمون فيه. فعلى سبيل المثال، لنفترض أنك سمعت شريك خال ابن عم صهرك يتحدث عن شركة الربح السريع في إحدى المناسبات قائلاً: ''هذي الشركة بتطير الأسبوع الجاي، والكلام مضمون، ادخل فيها وما عليك.'' ولنفترض أنك دخلت لموقع شركة الوساطة التي تتعامل معها صباح اليوم التالي ووضعت طلباً لشراء 100 سهم في شركة الربح السريع. في هذه الحالة ستكون قد قامرت بمالك. فهل تعلم ما هو مجال عمل شركة الربح السريع؟ وهل أنت ملمّ بشركاتها المنافسة (كشركة حط فلوسك ونام)؟ وكيف كانت أرباحها العام الماضي؟ فهناك الكثير من الأسئلة التي لابد أن تسألها عن أي شركة قبل أن تلقي بمدخراتك فيها، مهما كانت التوصية بشأنها ''مضمونة''. فلا يوجد شيء أسوأ من أن تخسر مالك بسبب عدم فهمك لما كنت تستثمر فيه.
ولنحاول إضفاء بعض الأرقام للمقارنة بين هاتين الحالتين، فإننا سنستعرض دراسة أجراها (نسيم نكولاس طالب) المفكر البارز في علم الفرضيات ومؤلف الكتابين المشهورين Fooled by Randomness و Black Swan. فلو فرضنا أن هدف المستثمر في الأسهم هو بطبيعة الحال أن يحقق عائداً يفوق عائد السندات، في هذه الحالة يكون احتمال تغلب أداء المستثمر في الأسهم على السندات عالياً نسبياً 93 في المائة إذا نظرنا بمنظور سنة فأكثر، ولكنه يبدأ في الانخفاض كلما قصرت المدة الاستثمارية حتى تصل أعلى قليلاً من النصف 54 في المائة إذا نظرنا بمنظور يوم واحد (كالكثير من المضاربين النشطين)، أي أن احتمال التغلب على أداء السندات في هذه الحالة مقارب لاحتمال رمي قرش القرعة. وهذا يعني أننا في هذه الحالة نبدأ الابتعاد عن مدار الاستثمار ونبدأ الدخول في مدار الحظ البحت والذي يدخلنا في دائرة القمار. والسبب في هذه الظاهرة هو أن حركة الأسهم والفئات الاستثمارية المختلفة تتسم بالصعود على المدى الطويل (وذلك لعدة أسباب من ضمنها النمو الاقتصادي العالمي)، هذه الوتيرة على المدى الطويل تمت تجربتها عبر عقود عدة (وإن اختلفت وتيرتها من أصل استثماري لآخر). ولكن هذه الوتيرة الصاعدة على المدى الطويل دائماً ما تتخللها فترات تذبذب على المدى القصير لتصعد فوق التيار العام تارة وتنخفض دونه تارة أخرى، وذلك بفعل مد الأسواق وجزرها على المدى القصير وبسبب غريزة البشر التي تنجرف للجشع من ناحية وللخوف من ناحية أخرى فتزيد من شدة أي انخفاض أو ارتفاع. لذا فإنه كلما قصر الأفق الزمني للمستثمر فإنه يعرض لتذبذب السوق من يوم إلى يوم والذي يصعب التكهن به بل قد يصفه البعض بالعشوائية، دون أن يستفيد من تياره الصاعد على المدى الطويل.
ومما سبق فإني أوصي عموم المستثمرين بالتركيز على الاستثمار عبر المدى الطويل. والمدى الطويل هو ما يتسم بأفق استثماري يزيد على ثلاث سنوات ويفضل أن يكون أكثر من خمس سنوات، مع إمكانية تعديل السياسة الاستثمارية عبر تلك الفترة ولكن دون أن ينتج عن تلك التعديلات قلب للسياسة الاستثمارية بأكملها. وكلما انخفض الأفق الاستثماري عن ذلك دخولاً في السوق وخروجاً منه فإن المستثمر يعرض نفسه لمد السوق وجزره العشوائي الذي قد يغيب عليه فائدة التيار الصاعد للأسواق على المدى الطويل، فيدخل في أعلى السوق ويخرج في قاعه.
بارك الله فيك استاذ محمد على النصائح الجمة التي تقدمها للمستثمرين
كلام جميل جدا ان يكون الاستثمار قصير او طويل الاجل ، ولكن ذلك لا يتوافق مع السوق الهابطة ، فكيف لي ان استمثر في سوق تنخفض قيمة اسهمها السوقيه بعد كل موجة ارتفاع قصيرة .. خصوصا مع سوق الاسهم السعودي فهو يتعرض لدورات حياة قصيرة لا نستطيع ان نقول انه في اتجاه صاعد ونوصى بالاستثمار طويل او قصير الاجل ففي المرة الاولى انطلق المؤشر من 9471 وارتفع على قمة 13542 .. ثم دخل في موجة هبوط .. والمرة الثانية انطلق من 6767 وارتفع الى قمة 8956 .. ثم دخل في موجة هبوط .. والمرة الثالثة انطلق من 6777 وارتفع الى قمة 11961 .. ثم دخل في موجة هبوط .. والمرة الرابعة الحالية انطلق المؤشر من 4078 وارتفع الى القمة 6578 نقطة .. فمن المستحيل في ظل هذا السوق ان ابقى مستثمر طويل او متوسط الاجل والا لخسرت نص اموالي .. اعتقد ان ترقب الموجات الصاعده والدخول فيها هي الحل الامثل في ظل تحركات السوق الحالية .. اما من استثمر في سهم كسابك او الراجحي من 3 سنوات فانه اليوم سيرى استثماراته لم تتحرك هذا فضل عن تسجيلها خسارة راسمالية . وكما يقول المثل trend is your friend
صار لي كم سنة مستثمر ولكن بالقوة (غصب) لاني متعلق في كم سهم وبعض الاسهم خسارتها تفوق 50% ربنا يكرمنا ويكرمكم