سبق أن كتبت مقالاً حول العلاقة المفقودة بين النظامين القضائي، والمصرفي، ونتيجة لذلك لا تستطيع البنوك توثيق الرهونات لدى القضاء، وترفض المحاكم استقبال مندوبي البنوك. وكانت نتيجة ذلك حرمان المجتمع من فرصة تمويل نشاط بناء المنازل، ومازال المجتمع ينتظر الإفراج عن نظام الرهن العقاري، والذي مازال حبيس الأدراج، بسبب اعتراضات هنا، وهناك، ونتيجة لذلك ركزت البنوك على تمويل البيوتات التجارية الكبرى، وبدون أي ضمانات، فقط لأنها بيوتات كبرى، ولها مصالح كبيرة، ومتنوعة، ومن ثم فمن غير المتوقع أن تنكر حقوق البنوك. وهنا أجدني مضطراً لطرح عدة تساؤلات:-
• أنا لست فقيهاً، ولكنني أسأل: هل الربا المنهي عنه، والمبني على استغلال الإنسان لأخيه، والذي خصص له الرسول صلى الله عليه وسلم جزءاً هاماً من خطبة حجة الوداع، هو ذات التعامل المصرفي القائم اليوم.
• كيف يعجز علماء المسلمين، من خلال المجمع الفقهي، من إيجاد حلول نهائية تيسّر أمر المسلمين، وتعينهم على أمورهم الحياتية، وهم اليوم كمسلمين، في آخر قائمة الدول النامية اقتصاديا؟!
• من يتابع الندوات، والمؤتمرات التي تعقد حول المصرفية الإسلامية، لا يفوته ملاحظة ذلك القدر الكبير من الاختلاف حول المنتجات الإسلامية، ومنها تحليل، ثم تحريم منتجات التورق، بل يذهب الشيخ صالح الحصين، إلى رفض جميع المنتجات الإسلامية القائمة اليوم، ويطالب بالبحث عن بدائل أخرى، لكنه لا يوضح ما هي البدائل؟!
• هناك من يغالط نفسه، ويعتبر إقبال البنوك العالمية على تطوير منتجات ذات سمة إسلامية دليلاً على نجاح المصرفية الإسلامية. والواقع أن المصرفية الإسلامية هي الأسرع نمواً حول العالم، ولكن ليس للأسباب التي يروج لها البعض، بل هي نتاج اكتشاف تلك البنوك الأجنبية أن بإمكانها وبدون تغير في درجة المخاطر وربما بعائد أعلى تعليب وتغليف منتجاتها بغلاف إسلامي، دون تغيير المحتوى.
لكل ذلك، فنحن كمسلمين، وكمتعاملين في القطاع المصرفي، نتمنى حسم هذا الأمر بشكل نهائي، وواضح، وألا تترك الأمور عائمة كما هي عليه الحال اليوم، حيث تلجأ البنوك السعودية إلى إيداع أغلب أموالها مع البنوك العالمية، بسبب محدودية فرص الإقراض المحلية، في ظل الفجوة القائمة بين النظامين المصرفي، والقضائي، والخاسر الأكبر في كل ذلك هو الوطن.
• أخيراً أود أن أختم بما يشبه الطرفة، وهي تقول لا تسأل الشيخ الأزهري (المصري) عن حكم حلق الذقن، ولا تسأل الشيخ اليمني عن حكم تعاطي القات، ولا تسأل الشيخ السعودي عن حكم الاقتراض من سوق الجفرة!! وللتوضيح فإن سوق الجفرة هي سوق تقليدية، في الرياض، تستخدم بها أكياس الأرز، كوسيلة بيع وشراء، وهمية، لغرض إتمام عمليات الإقراض، والاقتراض، وبأسعار فائدة عالية!
كان الله في عون المواطن المسكين!!
الفائدة الموجودة حالياً على العملة بالتأكيد تختلف اختلافاً كلياً عن الربا أيام الرسول عليه الصلاة والسلام و ذلك بسبب التضخم فالمليون اليوم يختلف عن المليون قبل 10 سنين