تغيير المدرب غير كاف!

18/10/2009 2
سليمان المنديل

نراقب إخفاقات منتخبنا الوطني لكرة القدم، ومثله أداء عدد كبير من فرقنا الرياضية، وكل ذلك يثير تساؤلاً حول سبب ذلك، وهل تغيير المدرب، أو مدير المنتخب، هو الحل؟!

الجواب لا يحتاج إلى إعادة اختراع العجلة، وإنما هناك أمثلة عديدة ناجحة يمكن الاقتداء بها، ولكن ربما أكثرها نجاحاً على مستوى العالم، هي كرة القدم الأمريكية، والتي أصبحت تدرّس في كليات الاقتصاد والأعمال، كمثال للنموذج الاقتصادي الناجح. وباختصار لنجاح الرياضة عندنا لابد من تحويلها من نشاط رعوي يحتاج دائماً وأبداً إلى إعانة، ودعم الحكومة، إلى نشاط اقتصادي، وتجاري.

كرة القدم الأمريكية موجودة منذ بداية القرن العشرين في الجامعات، وهناك عدة فرق محترفة، ولكن في عام 1964، أوجد مستثمرون منظمة منافسة، وهو ما قاد إلى التفاوض ثم اندماج المنظمتين في منظمة واحدة (NFL)، وأصبحت تجرى مسابقات بين المجموعتين، تنتهي عادة بمباراة نهائية اسمها السوبربول، وهي أهم مباراة رياضية سنوية، من حيث عدد المشاهدين، والأرباح المالية.

لقد نجحت منظمة «الفوتبول» الأمريكية لأنها أديرت، وتدار على أسس تجارية بحتة، وإليكم فيما يلي بعض الإجراءات التي ساهمت في نجاح ذلك النموذج:-

1 – لتنظيم العلاقة بين ملاك الفرق، أوجدت إدارة مركزية للمنظمة، وأعطيت كل الصلاحيات، وهي مستقلة عن أي تدخل خارجي، والملاك ممثلون فيها بالتساوي.

2 – لإعطاء فرص متساوية لكل الفرق، فقد اتفق على توزيع الدخل المتحصل من البث التلفزيوني (وهو الدخل الأكبر)، بين الفرق بالتساوي، وبذلك تحصل الفرق الموجودة في المدن الصغيرة على حصة مماثلة لما تحصل عليه فرق المدن الكبرى، والتي تحصل عادة على دخول دعاية إضافية، بحكم وجودها في مدن كبيرة، وبذلك يتاح للجميع أن ينافسوا.

3 – سمح للاعبين بالانتقال، بدون عقوبات، بعد ثلاث سنوات، وهو ما أتاح الفرصة لكل الفرق الضعيفة أن تحسن وضعها بشكل أسرع.

4 – وضع سقف أعلى لمجموع رواتب اللاعبين لكل فريق بشكل متساو، وبذلك أصبح لزاماً على كل فريق أن يفكر في حجم الرواتب التي يعطيها للاعب ما، لأن ذلك سيخفض المبالغ المتاحة لباقي اللاعبين، وبذلك ألغي نفوذ الملاك الأغنى.

5 – بعد انتهاء الموسم تجري عملية اختيار اللاعبين من خريجي الجامعات، وتعطى الأولوية في الاختيار للفريق الذي حقق أسوأ النتائج، ثم من يليه، وبذلك تتحقق الفائدة في سرعة تعافي الفرق، وخلق منافسة حقيقية.

6 – كل ما يتعلق باللعبة، أخضع للمعيار التجاري، وتحت إشراف المنظمة، ومنها ما يباع وعليه شعار الفريق، كما توسعت عملية بيع الكابينات الخاصة في الملاعب، والتي سمحت للأغنياء بشراء تلك الكابينات بأسعار عالية، مقابل حصولهم على خصوصية لدعوة عوائلهم، وضيوفهم، ولكم أن تتصوروا كم أن ذلك سيكون مرغوباً من قبل عوائل سعودية أن تحضر المباريات سوياً، وفي جو عائلي.

نموذج منظمة الكرة الأمريكية (NFL) هو الأنجح في العالم، وحري بنا أن ندرس ذلك النموذج، وننظر فيما يمكن استخدامه منه لتحسين وضعنا الرياضي، وحتى لو افترضنا عدم ملائمة كامل النموذج، فالمؤكد أن استخدام المعايير الاقتصادية، والتجارية هي المخرج لأزمتنا الرياضية، وبدون ذلك سنستمر بالدوران في حلقة مفرغة، أبطالها المدرب، ومدير الكرة.