فى الحياة العملية يلتقى الانسان بنوعيات مختلفة من المديرين فهناك مديرين تجدهم اصحاب همة وعزيمة وهناك من تجدهم ليس لهم اى هوية او اتجاه ، ومن المديرين اصحاب فكر وموهبة وادارة مبدعة. وهناك مدير قد يكون ناجحا فى تخصصه كأن يكون طبيبا ناجحا او مهندسا فذا ولكنه لا يتقن فنون الادارة، وهذا غالبا ما يظلم غيره ويظلم نفسه !!
و لعل من أسوأ عيوب المديرين إدارتهم لأعمالهم من مكاتبهم فقط والاعتماد على التقارير التي ترفع إليهم عن سير العمل بل وإطلاق الثقة في هذه التقارير واعتمادها كمصدر وحيد عند اتخاذ القرارات دون التثبت من هذه التقارير ودون الثقة فى اصحابها فتجد المدير يدير إدارته من برج عاجي، يسمى حجرة مكتب المدير العام وإذا رفعت إليه شكوى أو ملاحظة بغير ما يعلم عن مؤسسته اتهم قائلها بالبعد عن الحقيقة، بل وأحيانا يتهم القائل بأنه مغرض، وأحيانا يسفه رأيه ويضع على الناصح له دوائر حمراء، ولا يدري أن العيب فيه هو وليس في الناصح له، وهو لا يفكر مطلقًا في النزول إلى مواقع العمل ليرى كل شيء على طبيعته، ويحدث لا محالة انفصال تام بين الإدارة من ناحية وبين العمل والمرؤوسين من ناحية أخرى، ولا يكتشف المدير تلك المشكلة الكبيرة إلا بعد وقوع كارثة، وعندها يكون ـ أي المدير ـ أكبر ضحاياها، ولذا وجب على كل مدير أن ينتبه إلى ذلك الخلل في إدارته قبل وقوع الكارثةوهناك مديرين تجدهم فى موقع الحدث بل فى قلبه وهذاهو .
الدرس الاول : ( كن فى موقع الحدث )
فإذا حدثت مشكلة انزل فورًا إلى موقع الحدث فتواجدك السريع في موقع الحدث أو المشكلة يقضي على 50% منها، لأن المدير الناجح بيده كل مفاتيح الحسم فينبغي ألا يغيب عن موقع الحدث، وإياك أن تعتمد على التقارير فقط ، لأنها عادة ما تكون متحيزة إلى أحد وجهتي النظر، وإذا اعتمدت عليها وحدها فلن تأخذ قرارًا إلا لتأييد وجهة النظر الموجودة في التقارير، أما وجهة النظر الأخرى والتي قد تكون هي الأصوب لن تتفهمها أو تقتنع بها لأنك من الأصل لم تسمعها.
انظر الى صاحب القدوة الحسنة والقائد العظيم الى رسول الله صلى الله علية وسلم كيف كان يتعامل مع أصحابه في حل المشاكل . كان دائمًا في موقع كل الأحداث يعيش مع أصحابه كل مشكلاتهم ويتدخل في حل المشكلة بسرعة.
فذات يوم حدث خلاف بين أبي ذر الغفاري ـ وكان حديث عهد بالإسلام ـ وبين بلال بن رباح، فقال أبو ذر رضي الله عنه لبلال: يا ابن السوداء. ولك أن تتخيل لو أن هذه المشكلة تركت ليوم واحد فقط في مجتمع عربي يأبى الذل والخنوع ربما حدثت مشكلة لن يستطيع أحد أن يحلها، ولكن الرسول علية افضل الصلاة والتسليم تدخل سريعًا وقال لأبي ذر: »إنك امرؤ فيك جاهلية« وهنا يشعر أبو ذر بالخطأ ويهدأ بلال لأن القيادة أحيطت علمًا وهو يثق في قيادته أنها تستطيع أن ترد له حقه وبالفعل يشعر أبو ذر بالندم ويضع خده على الأرض ويطلب من بلال رضي الله عنه أن يطأ بقدمه على خده ويصفح عنه، ولكن بلالاً يرفض ويرفع أخاه ويقبله. إننا لا ننكر حسن أخلاقهم رضي الله عنهم أجمعين، ولكن شاهدنا هنا تواجد القيادة السريع في موقع الحدث.
وحدث آخر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيدًا عنه ثم سمع به فانظر ماذا فعل ؟
يذهب رجلان إلى بئر لسقي الماء كعادتهم كل يوم؛ الغفاري ـ وهو مولى لعمر بن الخطاب أي هو من المهاجرين ـ ووبر بن سنان ـ من الأنصار ـ ، وأدلى كل منهما دلوه في الماء فاشتبكا كل منهما يريد أن ينزع دلوه أولاً، وكما رأيت إنها مشكلة بسيطة جدًا ولا تحتاج إلى تدخل، ولكن انتظر ولا تتعجل.
اشتبك الرجلان ـ وهذا من نزغ الشيطان ـ ولطم كل منهما الآخر، فتصايحا فقال المهاجري: ياللمهاجرين. وقال الأنصاري: ياللانصار. فجاء المهاجرون ينتصرون للمهاجري الذي ضرب، وجاء الأنصار لنصرة الأنصاري الذي ضرب، وكل يرى صاحبه هو صاحب الحق، وهنا تضخمت المشكلة، فالمهاجرون والأنصار يرفعون السيوف لا لقتال عدو ولكن لقتال بعضهم بعضًا، ويسمع بتصايحهم النبي صلى الله علية وسلم فماذا يفعل؟
يذهب مسرعًا إليهم في مكان اجتماعهم، وهو في الطريق يسمع المنافق عبد الله بن أبي بن سلول يقول: أوَقد فعلوها، لقد نافرونا وكاثرونا، إنما مثلنا ومثلهم ما قال الأول ,وفهم الرسول علية الصلاة والسلام أنه وصحابته المهاجرون هم المقصودون بهذا السباب، ولكنه لم يتوقف، ووصل إلى المهاجرين والأنصار في سرعة بالغة قبل أن يحدث شيء بينهم، ووقف بينهم قائلاً: الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟! دعوها فإنها منتنة فعاد الصحابة إلى رشدهم، وعلموا أن الشيطان ينزغ بينهم. لم ينتظر رسول الله علية الصلاة والسلام أن يُرفع إليه تقرير عن المشكلة , ويشكل لجنة تفحص المشكلة، ثم...، ثم...، ثم...، وأيضًا لم يتوقف للسباب الذي سمعه، بل مضي في طريقه لاجتثاث جذور المشكلة فبل نموها واستفحالها.
ثانيًا : قسم عملك إلى أربعة مراحل ( تخطيط – تطبيق – مراجعة - تطوير )
1ـ تخطيط: أي وضع القواعد التي يتعامل بها العاملون مع المشكلات، ووضع حلول لها، ووضع العوامل التي تذلل العقبات من طريق العمل من أجل الوصول إلى الهدف المنشود، مهما قل أو عظم ذلك الهدف لابد من مرحلة التخطيط له.
2ـ تطبيق: وفيه تنزل الخطة والأهداف للمرؤوسين لتنفيذها بدقة بالغة حسب المتفق عليه، ولا يسمح بالاجتهاد إلا في الأمور التي يصح فيها الاجتهاد الشخصي كالأمور البسيطة التي لم ترد في الخطة.
3ـ مراجعة ومراقبة التنفيذ: فلا يكتفي المدير بوضع الخطط والأمر بتنفيذها فقط ثم الاعتماد بعد ذلك على التقارير المتدفقة عليه التي تخبره بأن العمل يسير وفق الخطة الموضوعة ـ وأن كله تمام ـ كلا، بل يجب عليه أن يتابع سير العمل هل يسير حسب الخطة الموضوعة أم لا؟ ورحم الله عمر بن الخطاب حينما قال لمن حوله من أصحاب النبي ذات يوم في خلافته رضي الله عنه :أرأيتم لو تخيرت أفضلكم ووليته على عمل ثم أمرته ونهيته أكنت أديت ما علي؟ قالوا: نعم. قال: لا، حتى انظر في أمره أأدى ما أمرته به وانتهى عما نهيته عنه أم لا؟
هذه هي المراجعة والمراقبة، فلا يكفي وضع خطة جيدة ولا الأمر بتنفيذها فقط، بل يجب المراجعة للتأكد من سير العمل وفق ما خطط له، فما أكثر الخطط الجيدة التي وضعت ثم ذهبت أدراج الرياح لأن من وضعوها وأمروا بتنفيذها اكتفوا بالمقاعد الوثيرة، ولم يكلفوا أنفسهم عناء المتابعة، ففشلت الخطط العظيمة، فكان أصحابها الذين أمضوا الليالي الطوال في إعدادها هم أول من دق مسمارًا في نعشها بعدم متابعتهم لها.
4ـ وبعد تقييم الخطة تأتي مرحلة التطوير لكي تستفيد أنت أولاً من أخطاء الخطة السابقة، فتعمل على تجنبها, فلابد من الاستفادة من الأخطاء, فهذه هي دورة أي عمل ناجح.
وهناك امور ينبغى ان ينتبه لها اى مدير خلال قيادته ومنها على سبيل المثال :
1ـ إذا عرض عليك اقتراح جديد لا تنظر إلى من قدمه ولكن انظر دائمًا إلى جدوى الاقتراح، وفكر دائما في 'كيف' تنفذ الاقتراح الجديد الجيد، وليس في 'لماذا' لا تنفذه. فربما يصلك اقتراح جيد من عامل صغير بسيط فلا تتكبر عن تنفيذه لان من قدمه عامل بسيط .
فقد وقف رسولنا يوم بدر على عين ماء وعسكر بجيشه، فجاءه جندي بسيط اسمه الحباب بن المنذر، فقال له: يا رسول الله، أهذا منزل أنزلكه الله، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة ، قال الحباب: ليس هذا بمنزل، الرأي عندي أن ننزل بأدنى ماء من بدر، ونغور ما وراءها من الماء. فقال: أشرت بالرأي ، وتحول إلى الموضع الذي ذكره الحباب.
2ـ كن طموحًا دائمًا واطمع في المزيد، فليس بعد التمام إلا النقصان، فإذا رضيت عن مستوى العمل الذي تعمل به أنت وأعوانك هبط المستوى بعد ذلك، وكن تواقًا إلى ما هو أفضل من ذلك، ولذا لا تقبل مبررات انخفاض الإنتاجية من موظفيك. فهي ليست ثابتة ولا يجب أن تكون كذلك.
3ـ لا تبحث عن الكمال في الاقتراح الجديد ـ فالكمال لله وحده ـ ، فقط نفذه ولو بنسبة نجاح 50%، فليس هناك اقتراح به نسبة نجاح 100% ، والعبرة كما قلنا بكيفية التخطيط له، ثم التنفيذ الدقيق، ثم المراقبة والمراجعة والتقييم ساعتها ربما تجد أن نسبة النجاح قد ارتفعت كثيرًا.
4ـ صحح الأخطاء فور وقوعها، ولا تتركها فتستفحل ثم تستعصي على الحل والتصحيح، والإنسان أسير العادات، فربما نشأ جيل كامل من العمال والمعاونين على خطأ ولا يستطيعون تغييره والآن قد تركه مديره السابق الذى كان يقدر على تغييره بكلمة أو بإشارة.
5ـ لا تجعل من تطبيقك لنظام معين سببًا في زيادة التكاليف وزيادة الإداريات والروتين، إذ تكمن كفاءة اى نظام في تقليل الروتين، فلا تجعلها تنقلب إلى نقيضها كما يحدث لأغلب الممارسات الإدارية.
6ـ تخلص من الجمود الفكري بشأن: 'أننا يجب أن نفعل ذلك، بهذه الطريقة فقط'، بل يجب عليك أن توجد قدرًا من الحرية في ممارسة أسلوب العمل، ولكن بما لا يخرج عن الخطة الموضوعة.
7ـ كن يقظًا، فليست كل شكوى كيدية، وليس كل اعتراض على أمر نوعًا من التمرد يجب عليك قمعه، كلا حاول التحقيق في أمر الشكاوى وخاصة عند تكرارها من عمل معين أو مكان معين أو شخص معين، حتى يمكنك تطوير عملك والقضاء على مشاكله، فربما قضيت على المشكلة قبل أن تحدث، وهذا قمة النجاح.
كما كان يفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قطع الشجرة، وحين عزل خالدًا كان يشعر بالمشكلة قبل أن تحدث، فيقطع عنها تبعات تفاقمها رضي الله عنه.
8ـ أمامك مسئوليتان: مسئوليتك عن الأفراد، ومسئوليتك عن العمل، فلا تجعل حبك للإنجاز يطغى على مسئوليتك عن الأفراد فتهلكهم أو تفقدهم، ولا تجعل اهتمامك بالأفراد يطغى على العمل فيفسد العمل ويسوء، فتفشل في إدارتك للعمل. وضع نصب عينيك ان تكون ذا عزيمة وعلى قدر اهل العزم تاتى العزائم .
هذه بعض صفات القادة الناجحين فى قيادتهم والمديرين فى اعمالهم .ان الادارة الواعية المسئولة المبدعة من اهم اسباب النجاح الاعمال ..... ارجو ان نكون قد اتفقنا !!!
وفق الله القادة والمديرين لما فيه صلاح الاحوال و الاعمال .
كلام جميل ورائع ... وأنا شخصيا ك " مدير " استفدت منه كثيرا .. جزاك الله خير د. جمـــــــــال
انا اتفق معك يادكتور جمال بأن هنالك اشخاص او مدراء يكون منصبهم غير مناسب لهم (المدير) وخاصة بعد هذه القصه... من هوالمدير وصانع القرار؟؟ منذ بدء الحياة البشرية وأعضاء الجسم المختلفة تتصارع على منصب: " إدارة الجسم" ومن هو صاحب الكلمة الأخيرة في الجسم؟؟ قال العقل : انا الذي يصلح لذلك لأني اتحكم بجميع احكامكم وأفعالكم. العينان كانت لها حجة اخرى: نحن من يدل الجسم على طريقه. وقال القلب : أنا الذي اصلح لأكون مديركم.. انا الذي يضخ الدم في العروق. المعدة حاولت اقناعهم بقولها: انا من سيكون رئيسكم ، لأنى من يطعمكم. الساقان قالتا : أنا من سيصبح مديركم لأنني أنا من يحمل الجسم بكامله. جميع الاعضاء كانت تعتقد جازمة انها الاصلح للمهمة. وفجأة.. اعلن ""البراز"": انا المدير شئتم ام أبيتم!!! فبدأت جميع الاعضاء بالضحك.... عندها غضب البراز وقرر قائلاً: لن أغادر الجسم لمدة 5 ايام!!!!!! شعر الجسم باعراض المرض: المعدة اصيبت بمغص مؤلم العينان بغشاوة القلب بدا يدق فوق العادة الساقان لم تعودا تتحملان الجسم عندها بدا الجميع يصيح ويستعطف: قبلنا ان تكون ""مديرنا"" ( هنالك اشخاص نرى بأنهم لايستحقون منصب الاداره ونحكم عليهم من خلال المظهر الخارجي او .... غيره من الاحكام ولا نحكم عليهم على عقولهم وتفكيرهم وادارتهم .. ولكنهم بالحقيقه هم يستحقونها مثل الذي حدث مع البراز)
ياسلام .. صراحه عندنا مدراء الادارة في الشركة تحطهم على الجرح يطيب ... ام المدراء اللي تحتهم تحطهم على الجرح يوللللللللللللللللع ...
" تعلم مني " ،،، في أي شركة تعمل .... لعلنا نحصل عمل عندكم طالما مدراءكم بهذه الطريقة .... تري أهم شئ في العمل يكون مديرك زين ..... أقول زين مو موبايلي
دائما اقول صاحب الاهداف الواضحة و يملك مباءدي هو الناجح حتي اذا لم يملك تخطيط
اعزائى الافاضل تعليقاتكم وارائكم اضافة هامة لمقالاتى ... اسعد بها جدا .. واسعد بتواصلكم ... وشكرا للجميع على التواصل الجميل .. و للجميع تحياتى . د . جمال شحات
شكرا لكل الاخوة الذين اثروا المقال بتعليقاتهم