كثيرة هي المنظمات التي ظلت تعمل في عملياتها الإدارية البسيطة بمبدأ خط الإنتاج، وهو أن كل موظف يُكلف بتكرار مهمة محددة في عملية ما، ثم يمرر تلك العملية إلى الموظف التالي الذي يؤدي مهمة أخرى في ذات العملية، وهكذا حتى تنتهي المهام وتكتمل العملية. وعلى الرغم من أن هذا المبدأ الذي قد يبدو في ظاهره مناسبًا لمثل هذا النوع من العمليات الإدارية ويحقق كميات إنتاج كبيرة، إلا أنه يجعل الموظفين يعملون دون هدف. كيف لا، وكل شخص منهم مسؤول عن مهمة محددة فقط، يكررها ولا يعمل غيرها. إن الأهداف وإن كانت تبدو في ظاهرها شخصية، لكن القائد الناجح هو الذي يُفصل الأهداف على الموظفين بما يخدم أهداف المنظمة.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد أسند المهمات وفصلها على أصحابه -رضي الله عنهم- تفصيلًا، فقد كلف بلالًا -رضي الله عنه- بالأذان، وجعل أبا عبيدة -رضي الله عنه- أمينًا للأمة، وأسند علم الحلال والحرام لمعاذ بن جبل -رضي الله عنه-. ويبقى الجهد الأكبر على القائد الذي يعرف كيف يوزع الأدوار على الأفراد وفق تخصصاتهم وما يمتلكون من مهارات؛ ليتمكنوا من إنجاز المهام الموكلة لهم على أكمل وجه ويشعروا أن لهم هدفًا يستيقظون كل صباح من أجله، يقول طَرَفةُ بن العبد:
إذا كنتَ في حاجةٍ مُرسِلًا ... فأرْسِلْ حَكِيمًا، ولا تُوصِهِ
خاص_الفابيتا