أنا قلق

04/10/2009 4
سليمان المنديل

الكل احتفل، وسعد بافتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ولأسباب يسهل فهمها، فالقطاع الخاص يشتكي من نوعية خريجي جامعاتنا القائمة، ومستواهم الضعيف في التخصصات العلمية، والكل يأمل أن تكون هذه الخطوة بداية لعملية شاملة لإصلاح النظام التعليمي في كل مراحلة. ولكنني أعترف بأنه يخالجني قلق كبير، يأتي من مصدرين رئيسيين، هما: -

1 – القلق من الضغوط التي قد تحدث، وتؤثر على ذلك الحلم الجميل، وأعني بالضغوط ما يمكن أن يأتي لزيادة عدد الطلبة، بقدر أكبر من الطاقة التعليمية للجامعة، وهو ما قد يؤدي إلى الاهتمام بالكم، على حساب الكيف. أو الضغوط لتعديل المناهج، بإضافة مواد نظرية غير مفيدة لسوق العمل، أو ضغوط لإعادة هيكلة أسلوب عمل الجامعة للحد من مشاركة المرأة، أو تقليص المشاركة الخارجية. كل تلك الضغوط محتملة، وقد بدأت طلائعها برفع عقيرتها بالشكوى من خلال الإنترنت، وهناك من التجارب التاريخية مايبرر قلقي، وقلق غيري.

2 – مصدر قلقي الثاني هو حول ما أمتدح من سرعة إنجاز المشروع، لأن إدارته، وتمويله قد تم عن طريق شركة أرامكو، وهذا صحيح، لأن أرامكو تمتلك المرونة المالية، ولا تحتاج أن تمر على النظام البيروقراطي المتهالك لتنفيذ أعمالها. ولكن أرامكو هي شركة بترول، ولديها من أعمال النفط، والغاز، ومؤخراً الطاقة الشمسية، ما يكفيها، ولو تحول إعجابنا بأرامكو إلى تكليفها بتنفيذ مختلف أنواع المشاريع، فقد يكون ذلك على حساب مهمتها الأصلية، والهامة، وقد يكون ذلك هروباً إلى الأمام من المطلب الأساسي، والضروري، وهو الحاجة إلى إصلاح النظام المالي، والإداري، والرقابي للجهاز الحكومي ككل.

ولئلا أتهم بالسوداوية، والتشاؤم، فسأستعرض التسلسل التاريخي لنشأة، وتطور جامعة الملك فهد بالظهران، والتي كان يرأسها خلال مرحلة تأسيسها، رجل تربوي متميز، هو الدكتور صالح أمبة، رحمه الله، ومن أمثلة تميزه أنه كان يفرض على الطلاب وهم يسكنون جميعاً في سكن الجامعة البسيط المكون من وحدات جاهزة الصنع، أن يكون الطلبة الأربعة في كل غرفة من مناطق مختلفة من مناطق المملكة، وبذلك يزيد الألفة، والتقارب بين أبناء الوطن. كما أدخل في منهج الدراسة سنة التدريب العملي في السنة الرابعة (coop)، وكانت نتيجة ذلك أن خريجي الجامعة حصلوا على عروض عمل قبل تخرجهم، ولم يتعطل أي منهم.

اليوم مازالت تلك الجامعة هي الأفضل بين جامعاتنا، ولكننا في القطاع الخاص، بدأنا نلحظ ضعفاً في المستوى عن الماضي، وعند السؤال تبين أن ضغوطاً مختلفة قد أثرت، ومنها:-

- تمشياً مع الضغوط العامة لاستيعاب المزيد من الطلبة، فقد قبلت الجامعة عدداً أكبر من طاقتها الفعلية.

- أصبحت الجامعة تراعي الطلبة المتعثرين أكثر، وتعطيهم فرصاً، أكثر مما كان يحدث في الماضي، بسبب ضغوط مختلفة.

- بسبب عدم وجود طاقة إسكان كافية، وبسبب رغبة الطلبة المقتدرين في استئجار سكن خاص بهم، فقد ذبلت روح الحرم الجامعي المشترك.

- بعض الطلبة لم يعودوا مهتمين بالسنة العملية الرابعة، وأصبحوا يرتبون ذهابهم إلى جهات لا تهتم بتدريبهم، وتعطيهم شهادات مواظبة غير صادقة! هل اتضح مصدر قلقي الآن؟!