الحذر ... ثم الحذر من أوهام الرافعة المالية في سوق العملات

23/09/2009 0
ديلي فوركس

للكاتب: خالد المناصرة

يعتبر سوق الفوركس ميدان متاجرة مثالي لجني أرباح حقيقية، حيث لا تحتاج للعمل فيه سوى الحاسوب، إتصال للشبكة العنكبوتية (الإنترنت) ومنصة لتتداول بواسطتها. وبالرغم من أن إمكانية الربح في سواق العملات كبيرة، إلا أن إحتمال الوقوع فيه كبيرة بنفس الدرجة، لمن لا يدرك أسس هذه التجارة وملم بالأخبار الإقتصادية الجارية وتأثيرها على حركة العملات.

فالفوركس بأجمعه مليء بالأفكار الخاطئة عما هو صحيح وما هو خطأ عندما يتعلق الأمر بالمتاجرة. كثير من المتاجرين يُخدعون بمعلومات كاذبة يروجها "خبراء" غير مدربين وفي كثير من الأحيان يروجها وسطاء الفوركس أنفسهم لكي يربح على حساب المتداول المبتدئ.

سوق العملات.. ليس لكل هاوٍ يريد كسب المال بسرعة

من المجالات التي يسيء متاجرو الفوركس فهمها، على سبيل المثال، هي الفكرة العامة بأن الفوركس يمكنه أن يوفر لك ربحا مباشرا بنسب هائلة. هذا بالطبع غير صحيح كلياً، ويمكن أن يكون على العكس تماما من الحقيقة الفعلية للمتاجرة بالفوركس. فالإحصائيات تؤكد ذلك، فما بين 80% و 90% من جميع الصفقات بسوق الفوركس تنتهي بخسارة (يتوقف هذا بالطبع على من تسأل، شركة وساطة أم جهة محايدة). وبالتالي، يمكن لسوق الفوركس أساسيا أن يمنيك بخسائر مباشرة وبنسب هائلة، وليس بالذات أرباحا.

خطأ شائع آخر بالفوركس هو أنه يمكنك دخول السوق الأكبر في العالم من دون تحضير نفسك ذهنياً من خلال البحث الشامل للسوق، وماديا من خلال التأكد من أنك تملك رأس المال الكافي للمتاجرة بالفوركس، وعاطفيا من خلال إكتساب معرفة جيدة بنفسك وأي نوع من المتاجرين أنت قبل المخاطرة بأموالك. صحيح أنه هناك كثير من الأموال لجنيها بسوق الفوركس، ولكن الإحتمال الأكبر أنك لن ترى أي من هذه الأموال من دون إنفاق الوقت الكافي للمتاجرة بحساب تجريبي وتعلم الصناعة.

 

خطأ شائع آخر بين كثير من المتاجرين وهو أنه لكي تصل إلى إمكانية حقيقية للربح بسوق الفوركس، فيجب عليك المتاجرة برافعة مالية (leverage) عالية. وقبل أن نناقش هذا الاعتقاد الخاطئ، والسبب الذي يجعله يضر بنجاحك كمتاجر، دعونا نقضي بضعة دقائق قليلة لفهم المفهوم الأساسي للرافعة المالية والهامش بسوق الفوركس.

بعض تعريفات الرافعة المالية:

"القوة الميكانيكية أو الميزة المكتسبة من خلال استخدام رافعة." "الدرجة التي ينتفع عندها المستثمر أو الشركة بالمال المُقرض." "استخدام الإئتمان أو الأموال المُقرضة لتحسين قدرة المرء على التكهن وزيادة معدل عائد الاستثمار، كشراء سندات مالية بنطام الهامش."

وحسب تعريفنا نحن، فإن الرافعة المالية هي القدرة على استخدام أي أموال تملكها لزيادة المقدار الذي يسمح لك باقتراضه من هيئة أخرى. أما الهامش فهو مقدار ما تملكه من رأس المال الفعلي.

ولتوضيح هاذين المصطلحين الأساسيين، فعلى سبيل المثال، عندما تشتري منزلا ولا تستطيع دفع ثمنه دفعة واحدة، فإن البنك يتحقق من مفردات مرتبك ومن ثم يرى أنك قادر ماليا على دفع الأقساط الشهرية. ولهذا فإن البنك على استعداد بالسماح برافعة مالية (إئتمان) لمرتبك وقرضك المال الذي تحتاجه لشراء المنزل. تعريف كلا من الهامش والرافعة المالية بسوق الفوركس متشابهين جدا.

عندما يناقش الناس (وأنا واحداً منهم) إيجابيات المتاجرة بالفوركس، فإن أول الأشياء التي يذكرونها هي الرافعة العالية. عند المتاجرة بالفوركس، يمكنك أن تفتح مراكز تساوي مئات الألوف من الدولارات برأس مال يساوي مئاتين دولار أو أقل من ذلك.

صحيح أن هذا يجذب الكثير من الناس للمتاجرة بالفوركس، ولكن إذا أمضى هؤلاء عدة دقائق بالتفكير حقا بهذا المفهوم وما الذي يفعلونه حقاً بأموالهم، فمن الممكن أن يترددوا أكثر عند قرارهم بالمتاجرة برافعة مالية بنسبة 1:100 و1:200 و حتى 1:400.

الرافعة كسرعة السيارة... إذا إزدادت قد تكون عواقبها مميتة!!

قام شخص ما ذات مرة بمقارنة الرافعة المالية بالفوركس بقيادة السيارة. أي شخص قام بقيادة سيارة من قبل يعرف أنه عندما تقود بسرعة 60 كلم في الساعة أو بسرعة 200 كلم بالساعة، فإن تأثير دوران عجلة القيادة عند كلتا السرعتين مختلف تماما. إذا كنت تقود السيارة بسرعة بطيئة وقمت بدوران عجلة القيادة قليلا من غير قصد، فإن السيارة قد تغير إتجاهها قليلا، وتمهلك الفرصة لتصحيح خطأك. أما إذا كنت تقود بسرعة عالية جدا وقمت بنفس الخطأ، فإن العواقب سوف تكون مميتة. فالسيارة سوف تغير من إتجاهها تماما وسوف يكون أمامك وقتا أقل إن لم يكن معدما لتصحيح الموقف.

في عالم الفوركس، الرافعة المالية تشبه السرعة العالية. كلما زادت الرافعة المالية، كلما كنت تسير بسرعة. ولهذا، فإن أي تغيير بسيط بالسوق يمكن أن يسبب ضررا بحسابك لا يمكن تفاديه. ولكن مع هذا، إذا قدت ببطئ وبتمهل، فإنه يمكنك أن تصل إلى وجهتك متأخرا بضع دقائق، ولكن على الأقل سوف تصل حيا. وهذا يعني أنك إذا تتاجر برافعة مالية منخفضة أو بدونها، يمكنك أن تصنع أرباحا قليلة، ولكن لن يمكن لصفقة واحدة أن تغلق حسابك كلية. سوف تجد أمامك دائما خيار تدارك الموقف بفتح صفقة أخرى.

المشكلة التي يواجهها غالبية المتاجرين عند البدء بالمتاجرة بالفوركس هي القدرات التسويقية لوسطاء الفوركس. أول الأشياء التي ستواجهها عند زيارة موقع أي شركة وساطة هو كيف أن رافعتهم المالية عالية. هل فكرت من قبل عن السبب الذي يجعلهم يقرضونك المال بنفس الطريقة التي يقوم بها البنك، هل يقومون بذلك بدون فوائد؟  وإذا كنت تخاف الله وتتحاشي العمل مع الربا، هل تقوم الشركة بعفوك من الفوائد بدافع من طيبة قلوبهم وإيمانهم أم أنهم يعرفون شيئا عن هذه الأموال لا تعرفونها أنتم؟ فلتفكروا بذلك.

رافعة أقل = مخاطر أقل

فبينما تقوم غالبية شركات الوساطة بمحاولة إقناع المتاجرين عن طريق فريق التسويق المتمرن جيداً بالمتاجرة بأعلى رافعة مالية ممكنة، يجب أن يكون هدفك كمنداول أن تتاجر بأقل رافعة ممكنة. فمثلما أنك لن تقترض من البنك لشراء منزلا، إلا إذا كنت مضطرا، وأنك سوف تحاول أن تجعل مقدم الدفع عاليا بقدر الإمكان، فيجب أن تتاجر بالفوركس بأقل رافعة مالية ممكنة.

أحد السمات الأساسية التي يتسم بها سوق الفوركس هي التذبذب. الرافعة المالية تجعل هذا التذبذب أعلى، وبهذا تزيد من نصيب المخاطرة. الشيء المهم الذي يجب أن نتذكره عن المتاجرة بدون رافعة مالية هو أن السبيل الوحيد لخسارة أموالك هو إذا خسرت تلك العملة كل قيمتها. وبكل تأكيد فإن الدولار واليورو سيحتفظان بقيمتهما دائما، ولذا فإن المتاجرة بدون رافعة هو الرهان الأمن.

 

إذا كنت تتاجر 40 صفقة بالشهر برافعة 1:20 وبفارق سعري 5 نقاط، فبمعادلة رياضية بسطة تجد أنك تتحدث عن 4.000 دولار نفقات قبل أن تخسر صفقة واحدة. عندما تطبق هذا على متاجر يخسر 35% من صفقاته، وهذا سجل جيد إلى حد ما، سوف ينتهي به الأمر على خسارة 14% من حسابه. باستخدام هذا السيناريو المتفائل، بعد فترة طويلة، فإن أي متاجر جيد سوف يخسر، قد لا تكون الخسارة مباشرة، ولكن على المدى البعيد. السبب وراء ذلك هو أنه في حين أن الرافعة المالية تقدم إحتمالية للربح، فإنها تستنزف حسابك ببطئ.

فبجانب أنها تلعب دورا سلبيا جدا عندما يتعلق الأمر برأس مالك، يمكن للرافعة أيضا أن تضعف تركيزك وتبعد عينيك عن تطوير السوق، وتحذي لك إلى هواجس عن التذبذب وتطوير حسابك السخصي. وينتهي بك الأمر بتحليل أرباحك التجريبية الكبيرة واستنتاجات غير صحيحة عن استراتيجيتك.

أما إذا كنت ستتاجر بدون رافعة مالية، فيمكنك أن تراجع نفسك وتقيّم إنجازاتك، ويمكنك التأكد أنها مبنية على أساس تكتيكات المتاجرة، وليست الرافعة. استخدام الرافعة المالية العالية يمكن أن يقودك إلى استنزاف أموالك، وحرمانك من قدراتك على المتاجرة بالمنطق والعقل.

وختاما، لا يمكن تجاهل الواقع وفيه الرافعة المالية أصبحت مصطلحا شائعا بدرجة كبيرة في عالم سوق العملات (الفوركس). السبب وراء ذلك ليس أنها الأفضل للمتاجر بالفوركس، على العكس تماما، يندفع المتاجرون وراء الرافعة المالية بسبب مهارات فرق التسويق المختلفة لشركات الوساطة. السبب الذي يجعلهم شديدي الإهتمام بجعلك تتاجر برافعة مالية عالية هو جميع الأسباب التي ذكرناها أعلاه، ولكن أساسا هم يقومون بذلك لأن احتمالات أن يغلق المتداول صفقات رابحة ومن ثم الخروج وهو على القمة برافعة عالية قليلة جدا، وفي نهاية اليوم، فإن غالبية الوسطاء، أو على الأقل صناع السوق منهم والذين يتاجرون مقابلك، يربحون نتيجة خسائرك.

المزيد من المقالات حول سوق العملات على ديلي فوركس العربي