قرض من صندوق النقد أم من الأشقاء ؟!

04/09/2012 6
محمد ابو الحسن

نتابع جميعًا ما يدور حاليًّا فى الشأن المصرى بشأن القرض الذى تحاول الحكومة المصرية التوصل لإتفاق للحصول عليه من صندوق النقد الدولى . وبتحليل بسيط نجد الآتي :

صندوق النقد الدولى - على وجه الخصوص - يحظى بسمعة غير طيبة، خاصة فى علاقاته بالدول النامية أو "النايمة" .. فصندوق "النكد" الدولى ببساطة شديدة يشكل أداة تستخدمها الدول الكبرى لتنفيذ سياساتها فى الدول المتخلفة , ولا يمكننا أن ننسى ما فعله هذا الصندوق ، عندما ربط تقديم التمويل بتحرير الاقتصاد وتحرير سعر صرف الجنيه، فهبط الجنيه بين عشية وضحاها أمام الدولار الأمريكى من 330 قرشًا إلى حوالى سبعة جنيهات !

الأمر الآخر هو أننى لست الوحيد فى العالم الذى يشكك فى سياسات هذه المؤسسة، فقد كتب قبلى العشرات وربما المئات أن هذا الصندوق كان لا يتردد فى منح التمويل للدول التى تتوافق فى سياساتها مع سياسات "القطب الأوحد" الولايات المتحدة، وبالتالى فإن تاريخ صندوق النقد الدولى مع الدول النامية، ومن بينها مصر، تاريخ غير مشرف على الإطلاق .

إلا أننى ورغم كل هذا، أدرك أيضًا واقع مشكلة الاقتصاد المصرى والحاجة الملحة لهذا القرض .

كنت أتمنى أن تحصل مصر على هذا القرض الكبير من الأشقاء فى دول الخليج العربى، وحتى أكون منصفًا فإن المملكة العربية السعودية ودولة قطر لم تقصِّرَا فى دورهما تجاه الشقيقة الكبرى، ولكن ماذا عن باقى دول مجلس التعاون التى خسرت مئات المليارات من الدولارات أثناء تداعيات الأزمة العالمية بسبب استثماراتها فى الأسواق الأمريكية والأوروبية ؟!

فدول الخليج العربى تستثمر ما يزيد على 3 تريليونات دولار ( ثلاثة آلاف مليار دولار) فى الأسواق الأمريكية والأوروبية، وجانب كبير منها يستثمر فى أذون الخزانة الأمريكية بأقل من 4% سنويًّا ( طرحت وزارة المالية المصرية أذون خزانة منذ أيام بعائد 15.7 % ) ، كنت أتمنى أن تدور الأموال العربية فى الجسم العربي فتستفيد مصر ويستفيد الأشقاء .

مؤكدٌ أن قرض صندوق النقد الذى يدور حول خمسة مليارات دولار لن يكون كافيًا، لذا علينا أن نولى وجوهنا شطر الأشقاء العرب وألاَّ تأخذنا العزة بالإثم. علينا أن نتحرك بوصفنا مصر الجديدة التى تسعى لاستعادة المجد العربى، وفى الوقت نفسه تحترم خيارات الشعوب العربية فنحن لا نسعى إلى تصدير الثورات، لأن لكل بلد قسماته وثقافته، لذا علينا أن نُسكت أصوات الفتنة والوقيعة، لأن مستقبلنا أكبر وأهم كثيرا من مغامرات السفهاء والمراهقين فكريًّا.

مع قدر ضئيل من الثقة بيننا وبين الأشقاء لن نكون بحاجة إلى مؤسسات - كصندوق النقد – أو غيرها, يؤيد هذا الرأي أن رأس مال صندوق النقد يتشكل من مساهمات الدول ، ودول الخليج العربى من بين أهم المساهمين فى رؤوس أموال المؤسسات الدولية. إذًا هى أموالنا العربية تعود إلينا، ولكن بشروط قاسية. فلِمَ لا نختصر الطريق ونضع رؤية لحفز الاستثمارات الخليجية من السعودية والإمارات والكويت وقطر وعمان والبحرين للقدوم إلى الشقيقة مصر فتستفيد مصر ويستفيد الأشقاء الخليجيون دون أن تكون لطرف يد على الآخر .

وأخيراً علينا أن نتخلى نحن العرب عن الثقافة المخجلة ونعرات الجاهلية، وأن ننظر إلى المستقبل بتفاؤل، تمامًا مثلما فعل أعداء الأمس فى أوروبا، هل تتذكرون فرنسا وألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية ؟ هل توقفت بهم عجلة الزمن أم واصلوا الرحلة نحو مستقبل مشرق ؟! علماً بأن ما يجمعنا كعرب لا يتوافر لأى أمة أخرى على وجه الأرض .. فهل من مجيب أم أن السياسة ستواصل هوايتها فى تقطيع أواصرنا ؟!!

ملحوظة : كاتب المقال عربي مصري حلم وأراد وتمنى أن يرى مبدأ المشاركة لا المغالبة , والوحدة لا الفرقة واقعاً فعلياً كان حلماً لآبائي وأجدادي , وأتمني أن يكون واقعا لا حلما لأبنائي ..