ما العلاقة بين حركة المؤشر والتداول حسب الجنسية؟ (2 من 2)

13/08/2012 3
د. فهد الحويماني

تحدثنا في الأسبوع الماضي عن تقرير ''إحصائية التداول حسب تصنيف الجنسية ونوع المستثمر''، الذي تصدره شركة تداول منذ عام 2008، ويظهر فيه تداول فئات مختلفة من المستـثمرين وكميات الأسهم التي قامت كل فئة ببيعها وشرائها خلال الشهر، إلى جانب عدد الصفقات بيعاً وشراء والقيمة الإجمالية لذلك. وتساءلنا عن سبب كون عمليات البيع بالنسبة للأفراد السعوديين دائماً أكبر من عمليات الشراء، عدا فقط في شهرين من مجموع 55 شهراً منذ بدء التقرير بالصدور، وأشرنا إلى أن السبب الرئيس يعود إلى بيع أسهم الاكتتابات، وربما هناك أسباب أخرى من الصعب تحديدها. في هذا المقال نقوم بدراسة عمليات البيع والشراء بالنسبة للأفراد السعوديين ومنها نكتشف إن كانت هناك فائدة من هذا التقرير الشهري للمضارب والمستثمر على حد سواء.

بالعودة مرة أخرى لتداولات الأفراد السعوديين ومحاولة اكتشاف ما إذا كانت هناك جدوى من رصد حركات بيعهم وشرائهم لمعرفة حركة المؤشر، خصوصاً أن هناك من يعتقد أن معاكسة حركة الأفراد تؤدي إلى نتائج إيجابية، فإن اشتروا تبيع، وإن باعوا تشتري! قمت بدراسة معامل الارتباط بين كميات البيع الشهرية وأداء المؤشر للشهر نفسه. من المتوقع أنه إذا كانت هناك حالات بيع كبيرة لهذا الشهر فينخفض المؤشر العام عن الشهر السابق، لكن تبين في الواقع أنه لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية، حيث كان معامل الارتباط 25 في المائة، علماً أن قيمة معامل الارتباط تكون موجب 100 في المائة إذا كان الارتباط طرديا بشكل مطلق، وتكون سالبا 100 في المائة إذا كان الارتباط عكسيا بشكل مطلق، وتكون صفراً إذا كانت لا توجد علاقة على الإطلاق.

وقد يبدو هذا الاستنتاج غير منطقي، لأن كثرة حالات البيع مفترض أن تؤدي إلى هبوط في أسعار الأسهم، لكن كما ذكرنا سابقاً أن مقابل كل عملية بيع هناك عملية شراء من داخل الفئة نفسها أو من فئة أخرى، وإجمالي البيع يساوي إجمالي الشراء في السوق ككل، لذا فإن كثرة حالات البيع أو نقصها لفئة معينة لا تؤثر في حركة المؤشر، طالما أن هناك فئة أخرى تأخذ الجانب المقابل من العملية. معنى ذلك أن زيادة عمليات البيع لدى فئة من فئات المستثمرين تعني زيادة عمليات الشراء من قبل فئة أخرى والعكس صحيح، لذا قد تكون من المناسب دراسة تصرفات كل فئة على حدة، ومن ثم دراسة علاقة كل فئة بالأخرى، وهو ما لم يتم من خلال هذه الدراسة. كما أن تقرير ''تداول'' لا يرصد حالات البيع والشراء كما هو متعارف عليه في دراسات السيولة اليومية التي تنظر للبيع والشراء من خلال العرض والطلب، بل إن التقرير يرصد البيع والشراء وفقاً لنوع الأمر الذي يقوم المستثمر بإدخاله في النظام.

بعد ذلك تمت دراسة كميات الشراء الشهرية للأفراد السعوديين، لتجنب إشكالية بيع الاكتـتابات الذي يؤثر في كميات البيع، ولم يكن معامل الارتباط قوياً حتى في هذه الحالة، بل كان أضعف بقليل من معامل الارتباط بين كميات البيع وحركة المؤشر. لكن هنا ملاحظة مهمة: وهي أنه حتى إن تم اكتشاف علاقة بين حجم الكميات الشهرية وحركة المؤشر للشهر نفسه، فليس في ذلك من فائدة للمتداول، لأن التقرير الشهري يصدر بعد فوات الأوان، إن صح التعبير. لذا تمت دراسة تأثير كميات البيع والشراء الشهرية في حركة المؤشر للشهر التالي (وليس الشهر السابق) والتي من الممكن الاستفادة منها في معرفة اتجاه المؤشر في المستقبل، أي أننا ننظر إلى نتيجة التقرير للشهر الماضي ومنها نحاول التنبؤ بحركة المؤشر للشهر الجاري. عند إجراء هذه الدراسة تبين أن معامل الارتباط بالنسبة لكميات الشراء وحركة المؤشر غير ذي جدوى (فقط 20 في المائة)، لكن دراسة كميات البيع أعطت نتيجة أعلى، بلغ معامل الارتباط فيها 28 في المائة، وهي التي لها دلالة إحصائية عالية على فاصل الثقة بنسبة 95 في المائة. وعلى الرغم من ذلك، فالعلاقة لا تعتبر قوية بالشكل الذي يمكن الاعتماد عليه، كما تشير نتائج فحص الانحدار الخطي وغيرها، بل كل ما يمكن قوله هو: إنه كلما زادت كميات بيع الأفراد السعوديين في أحد الأشهر، فإن المؤشر العام لسوق الأسهم يميل للارتفاع في الشهر التالي. ويمكن صياغة ذلك بطريقة أخرى، وهي أنه كلما زادت كميات الشراء لغير الأفراد السعوديين في أحد الأشهر، فإن المؤشر العام لسوق الأسهم يميل للارتفاع في الشهر التالي. ومرة أخرى غير الأفراد السعوديين، تعني الخليجيين والعرب والأجانب والشركات السعودية وصناديق الاستثمار.

أخيراً تجدر الإشارة إلى أن هناك عددا من التجارب الإحصائية التي يمكن القيام بها لاكتشاف أي معلومات أخرى قد تكون مفيدة وربما مفاجئة، ومنها تحليل الصفقات وإجمالي قيمة الشراء لكل فئة ومقارنتها تاريخياً، وكذلك معرفة متوسط سعر الشراء والبيع وبالتالي معرفة ما إذا كانت التداولات التي قامت بها كل فئة مربحة أم لا. وبهذه المناسبة أوجه دعوة للزملاء في شركة تداول لنشر مثل هذه البيانات بصيغة قابلة للمعالجة، حيث اضطررت للقيام بعمليات يدوية طويلة لمجرد وضع جزء من هذه البيانات بالصيغة المطلوبة، وهذا المطلب ينسحب على بيانات كثيرة تقوم بنشرها ''تداول'' – مع الأسف - معظمها بصيغ لا تأخذ في الاعتبار حاجة الناس إلى إجراء دراساتهم الخاصة وتحليلاتهم.