وأنتَ جالسٌ خلف مكتبك كمدير لسياساتٍ اقتصادية رفيع المستوى! على يمينك سلةٌ مليئة بالأوراق أعدّها زملاؤك في إدارة الإحصاء والمعلومات، وعلى يسارك واحدة أخرى خالية. المطلوب منك هذا النهار فقط أن تتطلع على عناوين ومختصر تلك الأوراق في سلّة اليمين، وتنقل كل ورقةٍ تقرأها إلى تلك التي على يسارك فوق سطح مكتبك، على أن تدوّن في ورقة ستحملها معك بنهاية النهار في ملفك المحمول، لتكون ملخّصاً مهمّاً لكل ما قرأته على عجل، وبناءً عليها ستقوم لاحقاً بوضع خطة العمل اللازمة للورقة المطلوب إعدادها لمعالي الوزير قبل نهاية هذا الأسبوع!
تنفّس الصعداء؛ زملاؤك في إدارة الإحصاء والمعلومات كانوا في قمّة عطائهم وهم يُتخمون سلّة مكتبك على يمينك بهذه الأرتال من الأزمات والقضايا والمشكلات والمعوقات! أزمة الإسكان، شحّ الأراضي ومستوى الغلاء الفاحش الذي وصلت إليه قيمتها، النقل والمواصلات وشح بدائل النقل العام، تحدّيات سوق العمل المحلية والزيادة المضطردة في الاستقدام والتحويلات للخارج، مقابل تدنّي معدلات التوطين إلا في وظائف متدنية الأجور، قضية انخفاض مستويات الدخل لعديد من شرائح المجتمع وضعف أحزمة الحماية الاجتماعية حولها، أزمات الاحتكار والتلاعب بالأسعار والغش والتستر التجاريين، نقص الوقود المكرر في الأسواق المحلية، رداءة عديد من مباني المدارس للبنين والبنات، الأزمة الطويلة الأجل لسوق الأسهم المحلية وافتقارها للثقة للعام السادس على التوالي، المعوقات الكأداء أمام تمويل ودعم المنشآت المتوسطة والصغيرة، نقص مستوى الخدمات الصحية وتفاقم حالة الأخطاء الطبية، أزمة انكسارات المياه وتقطعها في عديد من المدن، أزمة انقطاع التيار الكهربائي، ضعف عوائد الاستثمار الأجنبي على كلٍ من النمو الاقتصادي والتنويع الإنتاجي والتوظيف، انخفاض كفاءة الأداء الوظيفي لعديد من الأجهزة الحكومية، التقطْ بعض أنفاسك سعادة المدير الآن، ولنكمل في الغد.