سوق الأسهم والرمال المتحركة

26/07/2012 11
عبدالله الجعيثن

كثيرون قالوا إنهم لم يخسروا خسائر كبيرة جداً إلا حين ربحوا ربحاً جيداً في الأسهم!..

لماذا؟!..

قالوا: لأن الربح الجيد يُشعل الحماسة ويشغل مراوح الطمع فنندفع للشراء أكثر وقد نتوغل في التسهيلات لأن الواحد منا يقول لنفسه: ربحت كذا وأنا لم آخذ تسهيلات فلو أخذتها لكان الربح مضاعفاً.. وهنا يطغى الطمع على الحذر ويطمس العقل والبصر فيندفع الرابح إلى أخذ تسهيلات كبيرة من المصرف ويقذف بها في لجَّة بحر الأسهم منتظراً أن تمتلئ شبكته بالأسماك والحيتان والربيان ولكنها - مع الأسف - كثيراً ما تفجعه فتمتلئ بالعقارب والثعابين والغربان!

* إنَّ الربح حلو الطعم لذلك يغري بالمزيد ويسهل الأمور على المضارب ويقوي فيه طبع الطمع حتى يندفع بكل ما لديه وبكامل ما له وتسهيلاته وبأقصى سرعته فربما يغيص في حفرة الأسهم كما يغوص في لجة بحر هادر الموج سحيق الغور، ومن لا يقيس قبل الغوص ما ينفعه القياس إذا غاص!..

* من المظاهر الطبيعية المخيفة (الرمال المتحركة) التي تبدو من بعيد ناعمة سالكة تغري بالاقتراب وركوب كثبانها لكنها - في واقعها - أوحال في أعماقها لا تكاد القدم تطؤها حتى تغوص بالتدريج، وكلما رفس وحاول النجاة غاص أكثر وبلعته الرمال المتحركة بالتدريج حتى يلفظ الأنفاس!

* إن (الاعتدال) هو ميزان الذهب، وهو حجر الفلاسفة الذي يحول الفحم إلى ألماس.. أما الطمع فهو الذي يذهب بالعقل ويطمس البصيرة والبصر، فإذا ربحتَ فاحمد الله واعمل خيراً وخذ نفساً عميقاً وابعد عن السوق عدة أيام أو شهوراً.