هل من مبرر لتطبيق الحد الأقصى للتذبذب اليومي؟

25/07/2012 11
محمد العمران

في الأسواق المالية العالمية، نجد تبايناً فيما بين الأسواق حول تطبيق الحد الأقصى للتذبذب اليومي على تحركات أسعار الأسهم، حيث نجد أن الأسواق المالية المتقدمة لا تطبقه على الإطلاق ونجد أن الأسواق المبتدئة تطبقه بشكل كامل (وإن كان بمعايير مختلفة لكن الفكرة واحدة)، أما الأسواق المالية الناشئة فنجد بعضها يطبقه والبعض الآخر لا يطبقه، ويعتقد مَن يطبق الحد الأقصى للتذبذب اليومي على تحركات أسعار الأسهم، أن هذا الإجراء يسهم بطريقة أو بأخرى في حماية صغار المستثمرين من التلاعبات نتيجة عدم اكتمال تطور السوق المالية، وهنا تبرز المعضلة!

في رأيي، لا شك أن هناك خطأ كبيراً تقع فيه الهيئات المسؤولة عن الأسواق المالية سواء من المنظور العلمي أو من المنظور العملي في اعتقادها أن تطبيق الحد الأقصى للتذبذب اليومي سيسهم في حماية صغار المستثمرين. فمن المنظور العلمي، يسهم التطبيق - مع الأسف - في زيادة الانحراف المعياري، وبالتالي زيادة المخاطر الإجمالية (المنتظمة وغير المنتظمة) على تحركات الأسهم وهذا بالتأكيد سلبي، ومن المنظور العملي أعتقد أن التجربة التي مرت بها السوق المالية السعودية عام 2006 وسوق الدوحة للأوراق المالية عام 2005 أكبر دليل على زيادة المخاطر عندما قررت الهيئات المسؤولة عن هذين السوقين تخفيض نطاق التذبذب اليومي إلى 5 في المائة اعتقاداً منهم أن ذلك سيسهم في تخفيض المخاطرة، بينما ما حصل هو العكس تماماً.

لذلك أستطيع القول إن تطبيق الحد الأقصى للتذبذب اليومي هو في واقع الأمر إجراء يسهم في رفع درجة المخاطرة، وبالتالي يزيد من تحركات أسعار الأسهم ولن يخفضها، كما يعتقد الكثيرون؛ آخذين في الاعتبار أن هذا الإجراء لن يحمي صغار المستثمرين بأي حال من الأحوال، بل إن ما يحصل هو حماية كبار المستثمرين وتسهيل مهمتهم في الحصول على أكبر كمية من الأسهم وبالسعر الذي يريدونه في لحظة واحدة فقط (عندما يقف تذبذب سعر السهم عند الحد الأدنى)، وفي التخلص من أكبر كمية من الأسهم وبالسعر الذي يريدونه في لحظة واحدة فقط أيضاً (عندما يقف تذبذب سعر السهم عند الأعلى) وهذه الميزة لا تتوافر لكبار المستثمرين إلا في الأسواق المبتدئة أو الناشئة، مع الأسف الشديد!

في الختام، يجب التفريق بين مفهوم الحد الأقصى للتذبذب اليومي لأسعار الأسهم، ومفهوم قطع الدائرة الكهربائية عن السوق أو الأسهم (ما يُعرف بـ circuit breaker) لأن الأخير مفهوم يختلف تماماً عن سابقه ويمثل إجراء يتم تطبيقه في حالات الطوارئ (سياسياً أو اقتصادياً) في جميع الأسواق المالية العالمية تقريباً بما فيها الأسواق المتقدمة؛ بهدف كسب الوقت وإعطاء المستثمرين وقتاً كافياً وعادلاً لاتخاذ القرارات الاستثمارية في أوقات استثنائية وحسّاسة، وهذا بالتأكيد إجراء سليم يجب على الأسواق تطبيقه عند الضرورة دائماً، وأعتقد أن السوق المالية السعودية تطبق مفهوم قطع الدائرة الكهربائية، كما حصل أخيراً مع شركة النقل البحري، عندما طلبت تعليق تداول سهم الشركة ليوم واحد لإعلان خبر مهم.