يبدو أن تداعي أسعار الغاز الطبيعي مسألة لن تنتهي أبداً؛ إذ بلغت مستويات منخفضة جديدة لم نشهدها منذ عام 2002. وصرحت إدارة معلومات الطاقة أنه في بعض المناطق المنتجة "سجلت أسهم الغاز أسعاراً مرتفعة لم تشهدها إدارة معلومات الطاقة على مر تاريخها الممتد طوال 17 عاماً". هذا وقد أدى تخزين البضائع لفصل الشتاء إلى ازدياد المخزون بمعدلات ترتفع كثيراً عن المعدلات المتوسطة الموسمية.
ولم تُظهر المجريات الأخيرة في سوق الغاز الطبيعي علامات تدفع صائدي الصفقات إلى الحراك. ولا يتعدى ظهور أي اتجاه معاكس للاتجاه الهابط كونه تغطية مركز مكشوف يسبق تكبد خسائر أخرى. والواقع أن الأسعار انخفضت على مدار عشرين جلسة مداولة سابقة بنسبة 30%، لم تحقق خلالها مكاسب ملحوظة سوى في جلستين فقط. وبناءً على ذلك، يُصعب ظهور أي تحرك بَنَّاء للأسعار طوال الأسبوع المقبل، إذ ثمة أسباب منطقية تدفع إلى الاعتقاد بأن الأسعار سوف تشهد تراجعاً آخر، كما أن الكميات الحالية تدفع إلى الاعتقاد بتداعي الأسعار إلى مستويات منخفضة جديدة، وينبئ بهبوط آخر بنسبة تتراوح بين 10 و20% في المدى القصير.
ويتبين أن الغاز الطبيعي لا يتمتع بالروابط التي يتمتع بها النفط الخام مع أسواق الأسهم. وفي ضوء فيض البيانات الاقتصادية الإيجابية، يجب أن يُنظر إلى الموقف على أنه في طور التحسن، وأنه مازال على الاقتصاد العالمي القيام بإجراء تطورات كثيرة لاسترداد الثقة كاملة، غير أنه لا يمكن تجاهل ثبات علاقات الأسعار بين الأسهم والنفط الخام.
جدير بالذكر أن مستويات الأسعار الحالية في مخزون النفط الخام مازالت اعتباطية، إذ مازالت أسعار الأسهم بالغة الارتفاع، علاوة على أنه لا توجد علامات تنبئ بزيادة الاستنزاف، ذلك أن الطلب مازال على حاله دون تغير. وتستند النسبة الغالبة من تطورات الأسعار إلى الكمية، عوضاً عن المبررات الرئيسية.
وقد مر النفط الخام باختبار خلال الأسبوع الماضي، عندما تم تداوله على سعر 70 دولار أمريكي، بيد أنه عجز عن الانخفاض إلى ما دون ذلك. ورغم أن سعر 70 دولار أمريكي يعد رقماً اعتباطياً، إلا أنه يشكل حاجزاً نفسياً يجب اجتيازه لكي يتحقق تسييل على نطاق أوسع للأسهم بعيدة الاستحقاق في الأسواق. وإلى أن يتحقق ذلك، علينا أن ندرك أن السوق يمكن أن تصل إلى مستويات أعلى. وأصرح بذلك بنبرة تحذير، إذ ثمة علامات تدل على تراجع سوق النفط الخام على المستويات الحالية، وانخفاض الرغبة فيه إلى إنشاء أسهم جديدة بعيدة الاستحقاق في السوق وفقاً للمستويات الحالية.
ومن وجهة نظر استثمارية، اعتقد أنه حان الوقت لذكر أن القائمين بعمليات شراء النفط الخام في بداية العام، تضاعفت أموالهم حتى الآن. ولا يمكن إنكار أن هذه الصفقة رابحة وأنه حان الوقت لجني الأرباح.
وحيث نرتقب موسماً هاماً بالنسبة إلى مصادر الطاقة، أعتقد أن من الأهمية بمكان أن أشير هنا إلى أننا نتطلع إلى موسم هام بالنسبة إلى الأسهم أيضاً. فقد اعتدنا أن يفرض شهر أكتوبر تحديات على الأسهم. وحيث أن الأسهم تمثل دافعاً قوياً للنفط الخام خلال هذا العام، إلا أنه علينا ألا نفقد حذرنا نظراً لأننا نقترب من وقتٍ اعتاد أن يفرض تحديات عسيرة على الأسهم.