القصة التي تحاول جميع الأسواق تقريبا إقناعنا بها في الوقت الراهن هي أن الوضع الحالي ربما يكون بغيضا، لكنه مستقر وسرعان ما سنرى كل شيء يتحسن. فلو كانت هذه طاولة روليت، فإن كل الفيشات موضوعة على أرقام التعافي. وستكون خيبة الأمل هائلة في الشهور المقبلة إذا تحطمت هذه الآمال الوردية.
كانت طلبات شراء السلع المعمرة في الولايات المتحدة الأمريكية في شهر يوليو قوية جدا في العناوين الرئيسة، باستثناء النقل. ولو أجرينا تحليلا سيتبين لنا أنه لا يوجد شيء يوحي لنا بأن هذا لم يكن تقريرا قويا، مع بروز هذه القوة في الطلبيات الجديدة بشكل يكاد يكون عاما. ومع ذلك فقد شهدنا انخفاضا بنسبة -19.7 في المائة مقارنة بالعام الماضي دون احتساب إجمالي شحنات الدفاع. وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعتزم إعادة الاقتصاد إلى ما كان عليه منذ عام واحد مضى قبل أن ينزلق في الهاوية فإن الطريق أمامها طويل. وتشير الحجة القديمة حول الركود الذي يكون على شكل حرف دبليو (w) أننا نمر الآن بدورة استكمال مخزون (تمثل السنام الأوسط لحرف الدبليو)، حيث ترتفع بآمال الجميع قبل أن يخفق الطلب النهائي في تحقيق الأداء المطلوب من جديد فيقودنا هذا إلى الثانية. إن الجميع لديهم هوس شديد بشكل الركود لدرجة أن المعلقين خرجوا علينا بما يسمى الركود الذي على شكل الجذر التربيعي (وهو الركود الذي يتخذ شكلا جانبه الأيمن مستوٍ وتقبع تحته متغيرات). بعبارة أخرى نقول إننا نرى ذعرا ماليا حادا وقصيرا، لكننا سنعود سريعا إلى مسارنا، وإن كان هذا دون تحقيق نمو مثير. ويوحي نموذجنا لما يجري هنا بأن الركود الذي على شكل حرف دبليو أمر أكثر ترجيحا إلا إذا استطاع شخص ما تصميم رمز جذر تربيعي بقوس مائل للانخفاض على الجانب الأيمن.
وقد منحنا في وقت سابق الدولار الأمريكي فرصة معقولة لحفر قعر جديد، إذ أن ارتفاع الخطر يبدو أنه لا يجد مقاومة حقيقية كافية. لكن رد الفعل تجاه البيانات شديدة الإيجابية أمس (حول مبيعات العقارات الحالية وثقة المستهلكين) والاستجابة الفاترة لمؤشر معهد أيفو الألماني لمناخ قطاع الأعمال اليوم توحي بأن الزخم بدأ يتضاءل هنا على نحو ينذر بالخطر. ومع ذلك فإننا بحاجة إلى علامات أقوى في الرسوم البيانية تدل على أننا نعرف شيئا بخصوص قوة سعر صرف الدولار الأمريكي والين الياباني. كما أن سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي يحتاج إلى مصاحبة خط الاتجاه وغيره من المستويات.
فإذا وجدت الأسهم ببساطة أن هذه كانت عقبة في طريقها واندفعت لأعلى من جديد، إذن فسوف يشهد سعر صرف الدولار الأمريكي انخفاضا على الأرجح في حدود النطاق على المدى القريب. ومازالت سوق السندات القوية تبدو شاذة تماما إذا أخذنا في اعتبارنا تفاؤل السوق، وفيما يبدو أن حدوث ارتفاع شديد سوف يعني أن السندات طويلة الأجل ليس هي المكان الأنسب الذي نضع أموالنا فيه. الطرف القصير في هذا المنحنى قوي أيضا. فمزاد أمس لبيع أذون الخزانة الأمريكية بأجل استحقاق سنتان تمخض عن رقم ضئيل يبلغ 104 نقطة أساس. وهناك شيء ما غريب، ونحن نخمن أن حجم تقبل المخاطر قد يكون محتوما عليه الخضوع لاختبار واقع قريبا. وسوف تواصل أسواق الدخل الثابت القوية دفع سعر صرف الين لأعلى، رغم أننا يجب أن نناضل مع انتخابات تمثل تحولا عميقا خلال عطلة هذا الأسبوع في اليابان.
إذن فإذا نظرنا إلى عموم السوق سنرى العملات السلعية تناضل بقوة، وهي علامة على أن المراكز الخطرة يتم التخلص منها في هذه السوق. الانعكاس الهائل في النفط أمس بعد أن أظهرت المخزونات الأمريكية وفقا لبيانات المعهد الأمريكي للنفط انخفاضا كبيرا وتحذير بنك كندا بشأن الدولار الكندي دفعت سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدولار الكندي إلى ارتفاع حاد جدا. ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ أن الكلمات التي تؤيد رفع أسعار الفائدة بدرجة معقولة من جانب أحد مسؤولي مصرف الاحتياط الأسترالي ومعاودة الارتفاع في سوق الأسهم الصينية تخفق في إعطاء الدولار الأسترالي أي حبل إنقاذ اليوم. كما أن الجنيه الإسترليني يناضل أمام الدولار الأمريكي واليورو في أعقاب الكلمات الأخيرة التي صدرت عن كينج وشركاه (King and company) وتؤيد تخفيض أسعار الفائدة.
آخر شيء محل التركيز اليوم يتمثل في بيانات مبيعات المنازل الجديدة في شهر يوليو. لن يكون من قبيل المفاجأة أن يكون الرقم قويا إذا أخذنا في اعتبارنا أن كثيرا من مشتري المنازل الجديدة هم مشترون لأول مرة وأن المشترين يحصلون هذا العام على تخفيضات ضريبية لمرة واحدة في العمر إذا تمكنوا من شراء منزل قبل الأول من ديسمبر. فإذا كان هذا الرقم ضعيفا بشكل خاص اليوم، فإنه سيكون حجة داحضة قوية نوعا ما لأرقام الإسكان الأخرى الأكثر قوة التي صدرت مؤخرا (مؤشر كيس شيلر ومبيعات المنازل الحالية). علاوة على ذلك، على مدى الأربع وعشرين ساعة الماضية، رأينا أن البيانات الإيجابية يبدو أنها تفقد قدرتها على دفع السوق إلى الارتفاع.