نجاح الدول في تشجيع صناعاتها المحلية وتحقيق أهدافها التنموية يعتمد أولاً وأخيراً على إرادة المسؤول عن المشتريات الحكومية القادرة على وضع الصناعة الوطنية في مكانتها المميزة التي تستحقها
لكل مسؤول يخجل من تفضيل منتجاتنا الوطنية (بسبب ارتفاع أسعارها) على مثيلاتها الأجنبية (بسبب انخفاض أسعارها)، عليه أن يعلم بأنه يسعى لتثبيت مساهمة صناعتنا في اقتصادنا الوطني دون نسبة 11%، في الوقت الذي فاقت هذه النسبة 19% في دولة الكاميرون الأفريقية، و18% في كل من تونس وجنوب أفريقيا، و17% في كل من فنزويلا ومصر، و16% في المغرب، و15% في السنغال، وتصل إلى 27% في ماليزيا، و22% في الفلبين وتايلاند وكوريا الجنوبية.
لكل مسؤول يخجل من تشجيع صناعتنا الوطنية (بسبب حداثة عهدها) ويتمادى في تشجيع الصناعة الأجنبية (بسبب عراقة تاريخها)، يجب أن يعلم بأنه يساهم في إحباط مصانعنا الوطنية الناشئة وتراجع أعدادها إلى 4148 مصنعاً فقط وانخفاض استثماراتها دون 100 مليار دولار، وتوظيفها لأقل من 487.630 عاملا، يشكلون 6% فقط من أعداد العمالة المتوفرة في السوق السعودي، بينهم 19% فقط من المواطنين.
لكل مسؤول يخجل من تنفيذ الأوامر والقرارات الصارمة القاضية بضرورة التزامه بالشراء المباشر من منتجاتنا الوطنية وتفضيلها على المنتجات الأجنبية في المشتريات الحكومية، يجب أن يعلم بأنه يبعثر فرص الاستثمار الصناعي المحلي التي تساهم في إيجاد فرص العمل للمواطنين، ويقضي على القيمة الحقيقية المضافة للاقتصاد الوطني.
لكل مسؤول يخجل من تطبيق اتفاقات انضمامنا لمنظمة التجارة العالمية، يجب أن يعلم أنه يتنازل طوعاً عن أهم المكاسب التي حققها فريقنا التفاوضي بشق الأنفس، التي من أهمها توفير الاستثناء المطلق لكافة مشترياتنا الحكومية وتمييزها وتفضيلها على المنتجات الأجنبية، والتي منحت أجهزتنا الحكومية والشركات السعودية المملوكة للدولة بأكثر من 50% الصلاحية المطلقة للشراء المباشر من مصانعنا الوطنية.
لكل مسؤول يخجل من دعم صادراتنا الصناعية الوطنية وحصولها على المزايا التمويلية والائتمانية اللازمة للوصول بها إلى الأسواق العالمية، عليه أن يعلم بأن الدولة قامت مؤخراً باستبدال معظم الإعانات المالية الممنوحة للدول النامية بمنتجاتنا الصناعية الوطنية.
لكل مسؤول يخجل من البت في المناقصات الحكومية لصالح منتجاتنا الوطنية متذرعاً بحماية المستهلك وتوفير المال العام، عليه أن يتأكد من التزام المنتجات الأجنبية بالمواصفات القياسية السعودية وليس بمدى انخفاض أسعارها، وأن يفاضل بين المنتجات الوطنية والأجنبية على أساس عدد الوظائف التي ستوفرها للمواطنين في مصانعنا بدلاً من توفيرها للعاملين في المصانع الأجنبية بالخارج.
لكل مسؤول يخجل من اتخاذ القرار الصائب لتشجيع منتجاتنا الوطنية عليه أن يتابع كيف تفوقت الصين (الشيوعية) بصناعتها على كافة الدول (الرأسمالية)، وكيف قفزت قيمة صادراتها من المرتبة 14 إلى المركز 3 بزيادة سنوية فاقت 20% وعائد مادي صاف وصل إلى 360 مليار دولار أميركي، نتيجة دعم وتشجيع المسؤولين عن المشتريات الحكومية للمصانع الصينية. في السنوات الثلاث الماضية حققت الاستثمارات الصناعية المباشرة المتدفقة لأسواق الصين أعلى النسب في العالم، وأدت إلى إيجاد 100 مليون وظيفة عمل جديدة لمواطنيها و100 مليون وظيفة أخرى جاهزة لاستقطاب خريجي الجامعات الصينية في العقد القادم.
هذه النتائج الباهرة للصناعة الصينية ساهمت في زيادة نسبة نمو الاقتصاد الصيني السنوي إلى 9% على مدى خمس سنوات متتالية، إضافة إلى تفوق المارد الشيوعي في حسن استغلال مزاياه التنافسية وزيادة القيمة المضافة في الصناعة المحلية. بين ليلة وضحاها أصبحت أسواق الصين مرتعاً خصباً لاستثمارات كبرى الشركات العالمية الرأسمالية متعددة الجنسيات، ومركزاً واعداً لصناعة الطائرات والسيارات والأجهزة والمعدات والقاطرات والمنسوجات والملابس وقطع الغيار.
كما على المسؤول أن يتعرف على كيفية استفادة ماليزيا وتايلاند وسنغافورة وكوريا الجنوبية من دعمها وتشجيعها لصناعاتها المحلية، حيث أصدرت حكوماتهم قبل 20 عاماً قراراً استراتيجياً طموحاً يقضي بتأمين عشرات الملايين من الحواسب الآلية المصنوعة محلياً كل عام لمدة عشرة أعوام قابلة للتجديد، بهدف تزويد الطلاب بأحدث الأجهزة والتقنيات. كان هذا القرار بمثابة ضمان واضح للشركات الصناعية المحلية التي هرعت لتصنيع هذه الأجهزة محلياً. كانت نتائج قرارات هذه الدول الحاسمة والداعمة للصناعة المحلية مبهرة حقاً.
في خلال خمسة أعوام انخفضت أسعار أجهزة الحاسب الآلي في أسواقها بنسبة 35% وتراجعت تكاليف إنتاج برامجها بنسبة 50% وتضاعفت صادراتها من هذه الأجهزة والبرامج 600%. خلال تلك الفترة ارتفعت نسبة توطين العمالة الماليزية 300% والتايلاندية 200% والسنغافورية إلى أكثر من 100%.
الوصول إلى مصاف الدول الصناعية الناجحة لا يحتاج إلى اختراع عجلة جديدة، فالأمثلة على نجاح الدول في تشجيع صناعاتها المحلية عديدة ومتوفرة، وتحقيق أهدافها التنموية يعتمد أولاً وأخيراً على إرادة المسؤول عن المشتريات الحكومية القادرة على وضع الصناعة الوطنية في مكانتها المميزة التي تستحقها وعدم الخجل من ارتفاع أسعارها وتفاوت إمكانياتها.
الصناعة السعودية تحتاج إلى من يؤهلها لمستويات العالم الأول، ويمنحها الدعم الحقيقي لتسويق منتجاتها الوطنية محلياً وإقليمياً وعالمياً، وليضمن أحقيتها المطلقة في المشتريات الحكومية المحلية، لكونها القاعدة الإنتاجية الوطنية المثلى لدرء المنافسة الأجنبية العاتية.
على كل مسؤول أن يقتنع بأن صناعتنا الوطنية هي الخيار التنموي الوحيد الذي يحقق طموحاتنا ويثري اقتصادنا ويبعث الأمل في مستقبل أبنائنا واعتمادنا على أنفسنا، كما يخفف من اعتمادنا على النفط ويفتح أمامنا المجال لتدوير خيراتنا وتصنيع احتياجاتنا وتوفير الوظائف لمواطنينا ومضاعفة عوائد صادراتنا وحمايتنا من تقلبات الدهر.
على كل مسؤول ألا يخجل من تشجيع صناعتنا الوطنية.
لابد من تشجيع المنتجات المحلية او الوطنية لان ذلك يجعل البلد من ضمن الدول المنتجة
مع التحية لبعض الكتاب الصحفيين الاقتصاديين. .... الكتابة في الاقتصاد تتطلب ارقام وحقائق ومعلومات وليس صف كلمات وسوالف يعطيك العافية يا دكتور امتعتنا