من المهم التأكيد على أمرٍ حيوي بالنسبة لاقتصادنا الوطني في المرحلة الراهنة، آملاً بكل ما تحمله هذه الكلمة من آمال وطموحات وطنيّة أنْ تصبَّ وزارة التخطيط كل تفكيرها في أعماق أعماقه بالدرجة الأولى، ومعها بقية الوزارات والجهات الحكومية الأخرى بالدرجة الثانية.
فما هو هذا الأمل؟!الجميع افتتن بوضع خططه الاستراتيجية لعشرات السنين القادمة! كلٌ يغنّي على ليلاه وحيداً، وليت المجال هنا واسع لأستطرد في الأمثلة، ولكن يكفي الإشارة إلى انفراد وزارة العمل بما تبتكره شهراً بعد شهر لأجل توطين الوظائف! في انفصالٍ تام عمّا تقوم به وزارة التخطيط من جهة، التي بدورها أعلنتْ عن استراتيجيات للقضاء على البطالة، وأخرى للقضاء على غول الفقر، وأخريات للتنوع الإنتاجي، والتحول للمعرفة… إلخ. وفي الضفّة الأخرى تصارع وزارة التجارة والصناعة وحيدة أشكال الغش والتستر التجاري، وتتبارز مع الزمن لحل المساهمات العقارية المتعثرة، وأخيراً تصرّح لأي شركة للترشّح أمام هيئة السوق المالية لأجل الإدراج! وخلف هذه الضجّة من المعزوفات المنفردة؛ هناك الهيئة العامّة للاستثمار الأجنبي تشرّع الأبواب والنوافذ للقادمين من وراء الحدود، وتمهّد لهم كافّة المطبّات البيروقراطية، التي هي ذات المطبّات التي تعثّرت عندها استثماراتنا الوطنية! ودعْ عدسة التأمل لديك تحلّق في السماء المحلية؛ فهناك الكثير جداً مما يستحق المشاهدة!إنَّه الأمل الوطني المشترك بأن تتولّى وزارة التخطيط لمَّ شتات هذه (المعزوفات) المنفردة! وأن تُصاغ بحنكة وذكاء وجرأة تدرك فعلياً واقع التحديات والفرص الراهنة والمستقبلية أمام الاقتصاد الوطني. ثم تتحوّل تلك الرؤية الواسعة إلى برامج تنموية محددة الأهداف، قابلة لقياس ومراجعة نتائجها بصورةٍ دورية ومستمرة، وللمحاسبة والمساءلة إذا اقتضى الأمر. أخيراً: إذا فاتت الفرصة، تحوّلت إلى تحد! وإذا فشل المرء في تجاوز التحدّي تحوّل إلى أزمة قد تنسف جميع ما لديك من فرص!