يستمدُ الاستقرار الاقتصادي أهميته كونه أحد أهم ركائز الاستقرار الشامل لأي مجتمع على وجه الأرض، كما أن من أوّل تحقق هذا الهدف قيامه على سياساتٍ وإجراءاتٍ اقتصادية بجميع أنواعها، تأخذ بعين الاعتبار وفقاً للتصور القرآني العظيم تحقيق التقدّم بالتنمية الاقتصادية الشاملة، وتحقيق الرفاهية الاجتماعية لجميع الأفراد، إضافةً إلى بقية الأهداف الفرعية التي لا تخرج عن حدّي هذا الإطار العام. وضماناً لصيانة عدم الحياد عن هذه الأهداف لأي سياسات اقتصادية؛ يقوم ركن (الإصلاح الاقتصادي) ليؤدي دوره الإشرافي والرقابي والقضائي، من خلال تقويم ومعالجة أية انحرفات محتملة، ولا يقف عن هذا الحد، بل يمتد إذا تطلّب الأمر إلى إيقاع العقاب الشرعي على المخالف.
قد يأتي من يقول: وما الفرق بين ما أتحدّث عنه أعلاه سواءً على مستوى السياسات الاقتصادية، أو على مستوى الإصلاح الاقتصادي، وبين الأنموذج الرأسمالي المسيطر في الوقت الراهن على أغلب اقتصاديات دول العالم؟ فأقول له: إنه بموجب ما تم الإشارة إليه على عجلٍ بالأمس في الاختلاف التام بين المبادئ العامّة للاقتصاد في الإسلام وأهدافه، وبين ما هو قائم في الرأسمالية، فإنه بدون شكٍّ ستأتي التفاصيل مختلفةً أيضاً، وهو ما سيتضح للقارئ تماماً فيما سيأتي من حديث.
سيتبين هذا الاختلاف الجذري بين كل من المنهج القرآني الكريم والمنهج الرأسمالي، في سياق معالجتهما لقضايا كالتنمية الشاملة، والتوظيف ومواجهة البطالة، وتحقيق الرفاهة الاجتماعية ومكافحة الفقر، إضافةً إلى تحقيق العدالة على مستوى توزيع الثروة والدخل والحد من تكدسها في يد قلةٍ محتكرة على حساب الكثرة، وغيرها الكثير من المجالات التطبيقية التي ستثري الحديث كثيراً، وتفتح لنا أبواباً جهلناها نسياناً، لا لأنها غير موجودة بين أيادينا وأمام أعيننا في كتاب الله. وستكون الأمثلة حاضرة على كلا المنهجين (القرآني، الرأسمالي)، لعل من أبرزها قرآنياً ما قام به سيدنا عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه في عهده.
للأمام ..الله يوفقك