السوق السعودية : بين شبح الموجة الصاعدة ، وعافية التصحيح

14/04/2012 1
د.إبراهيم الدوسري

عاصفة من عمليات جني الأرباح أحاطت بالأسواق المالية العالمية والمحلية في تداولات الأسبوع الماضي ، تنازلت على أثرها جميع الأسواق المالية المحلية والعالمية عن قممها القياسية التي حققتها في موجتها الصاعدة منذ مطلع تداولات العام الجاري 2012م .

جاءت هذه العاصفة استجابة للمؤشرات الفنية المتضخمة ،مثل مؤشر القوة النسبية RSI ومؤشر تدفق السيولة MFI ،التي أعطت تحذيرات مسبقة لعمليات جني أرباح متوقعة خلال الأسبوع الماضي ، وسط تراجعت في معدلات السيولة وقيمة التداولات اليومية .

ففي أمريكيا تنازل مؤشر داو جونز عن قمة 13000 نقطة ، ليهبط في تداولات الأسبوع الماضي إلى مستوى 12,850 فاقداً ما يقارب 2 في المائة من قيمته الأسبوعية ، قبل. ويبقى التحدى له قائما عند مقاومة 13264 نقطة ، هي مقاومة الثاني من أبريل الجاري .

كما تراجع مؤشر فوتسي الانجليزي عن اختراق حاجز الـ 6000 نقطة ،بعد أن لامس أعلى مستوى له عند 5989 نقطة في تداولات منتصف مارس الماضي ، ويفقد في تداولات الأسبوع الماضي ما يقارب من 2 في المائة من قيمته مقارنة بإغلاق المؤشر عند مستوى 5652 نقطة .

أما السوق الياباني فقد تنازل عن قمة الـ 10,000 نقطة ،بعد أن وصل إلى أعلى قمة له في 27 مارس الماضي عند 10.152 نقطة ، و يفقد بعد عملية جني الأرباح في تداولات الأسبوع الماضي ما يقارب الـ 2 في المائة من قيمته السوقية الأسبوعية ، بإغلاقه عند مستوى 9638 نقطة .

أما السوق المالية المحلية ، فقد حققت أكبر نسبة تراجع في تداولات الأسواق المالية العالمية ، إذ فقدت 4 في المائة من قيمتها الأسبوعية في تداولات الأسبوع الماضي ،وذلك بعد إغلاق مؤشر السوق المالية السعودية TASI عند مستوى 7573 نقطة ،متراجعاً من قمة 7,895 نقطة التي أغلق عندها تداولات الأسبوع ما قبل الماضي ، الذي حقق فيه أعلى قمة له ، منذ منتصف سبتمبر 2008 عند مستوى 7944 نقطة .

جاء تراجع مؤشر السوق المالية السعودية بعد تراجع قيمة التداولات عن قمتها التي حققتها في تداولات الأسبوع الثالث من مارس الماضي التي تجاوزت 92 مليار ريال وبمعدل تداول يومي بلغ 18.55 مليار ريال يومياً ، ليتراجع في تداولات الأسبوع الماضي إلى 69 مليار ريال وبمعدل تداول يومي بلغ 13.8 مليار ريال .

جاء تراجع مؤشر السوق المالية السعودية TASI بضغط من قطاع البتروكيميات الذي تراجعت قيمته السوقية الأسبوعية في تداولات الأسبوع الماضي بنسبة 6 في المائة ، كما تراجعت القطاعات القيادية الأخرى كقطاع المصارف الذي تراجع بنسبة 2 في المائة من قيمته الأسبوعية ، وقطاع الاتصالات الذي تراجع بنسبة 2.5 في المائة ، وقطاع الطاقة الذي تراجع بنسبة 3.5 في المائة .

أما أكبر القطاعات المتراجعة بالسوق المالية السعودية في تداولات الأسبوع الماضي ، فكان قطاع الفنادق الذي تراجع بنسبة 7,7 في المائة ، وقطاع الاستثمار الصناعي الذي تراجع بنسبة 7 في المائة .

كما كان التراجع واضحاً وكبيراً في قطاعي التأمين الذي تراجع بنسبة 6,6 في المائة ، و التشييد والبناء الذي تراجع بنسبة 6,3 في المائة .

وفيما يتعلق بتحركات السيولة بدا واضحا توجه السيولة نحو مناطق آمنة في القطاعات ذات البيتا المنخفضة ، حيث احتل قطاع المصارف 18 في المائة من قيمة التداولات الأسبوعية في الاسبوع الماضي ، بعد أن كان معدله في الربع الأول 7 في المائة فقط من قيمة التداولات ، وكذلك توجهت السيولة نحو قطاع التطوير العقاري الذي يحوي أسهم كبيرة مثل "دار الأركان" و "اعمار" و "مدينة المعرفة" و "جبل عمر" ، وهي أسهم آمنة ذات بيتا منخفضة،قد لجأت إليها السيولة ليحتل قطاع التطوير العقاري 14 في المائة من قيمة التداولات في الأسبوع الماضي ، أما قطاع البتروكيميات فما يزال نصيبه من قيمة التداولات مستقراً عند 17 في المائة.

جاء لجوء السيولة إلى القطاعات الآمنة على حساب تراجعها من قطاعات المضاربة ، فقطاع التأمين الذي كان نصيبه في الربع الأول من عام 2012م 20 في المائة ،و 28 في المائة في الربع الرابع من عام 2011 م ، تراجع نصيبه في تداولات الأسبوع الماضي إلى 10.6 في المائة .

والحال نفسها في قطاع الزراعة الذي تراجع نصيبه من 13.3 في المائة في الربع الرابع من عام 2011 م ، و 7.6 في المائة في الربع الأول من هذا العام ، ليحتل 5 في المائة من قيمة التداولات في الأسبوع الماضي .

وفي العموم عودة مؤشرات الأسواق المالية المحلية والعالمية لمواصلة موجتها الصاعدة ، التي بدأتها مع مطلع تداولات العام الجاري 2012 م ، في تداولات الأسبوع القادم ، قد يدخل المؤشرات في تحدٍ مع مقاومتها التي تشكلت في الأسبوع ما قبل الماضي ، وإذا ما فشلت الأسواق في تجاوزها ، فإنه من المتوقع أن يتشكل النموذج الفني Double Top وهو نموذج سلبي فنيا .

هذا النموذج عانى من ويلاته متداولو السوق المالية السعودية في عام 2008 م ، عندما بدأت السوق موجة صاعدة من مستوى 7800 نقطة في منتصف أكتوبر 2007 م حتى قمة 11500 نقطة في منتصف يناير 2008 م ، فقد بعدها مؤشر السوق المالية السعودية TASI أكثر من 6200 نقطة في العام نفسه ، عندما اغلق عند مستوى 4800 نقطة في نهاية العام ، وخسر المؤشر وقتها أكثر من 56 في المائة من قيمته .

وباعتقادي أن استكمال مرشر TASI لعملية جني الأرباح الحالية ، سيكون لها أثر كبير في تحقيق المؤشر نتائج ايجابية في نهاية هذا العام الجاري 2012 م .

أما عودة المؤشر إلى مواصلة الموجة الصاعدة في ظل التراجع في قيمة التداولات والسيولة ، وانتهاء موسم محفزات الأرباح التي سوف تنتهي بنهاية إفصاح الشركات المدرجة وإعلاناتها خلال الأسبوع القادم والذي يليه ، سيكون أثره عكسيا على المؤشر والمتداولين في السوق السعودية .

وفي الإجمال ، ينصح المتداول الراغب في تحقيق نجاحات استثمارية في سوق الأوراق المالية ، التعامل بمعرفة ومهارة مع معطيات التحليل الفني ، وبخاصة مهارة الخروج السليم عند القمم ونقاط المقاومة ، ووقف الخسارة في الوقت المناسب عند نقاط الدعم ، وهذا أمر يمكن أن يحمي كل متداول من التعلق أو الخسارة .