التنمية التي تعيشها المملكة تعتبر الأكبر بتاريخها من حيث حجم الإنفاق الحكومي وعدد المشاريع وضخامتها وتوزيعها على كافة أرجاء الوطن وتتميز عادة حالات التنمية وما توفره من نمو اقتصادي من أنها كالمحاسب العظيم تكشف معها القصور بالأنظمة والبيروقراطية بالأجهزة الحكومية ذات العلاقة بمفاصل عجلتها وكذلك أي خلل يسمح ببروز الفساد إلى الواجهة في ميكانيكية تنفيذ الخطة التنموية فتصبح تلك العقبات عاملاً سلبيا في حصد نتائج أفضل من المتوقعة كما يؤثر على مدى وصول الآثار الإيجابية للأفراد بالشكل والوقت المعد بالخطة فاختناقات الطلب المرتفع على السلع والخدمات لا تكشف فقط ضعف الطاقة الاستيعابية للاقتصاد وحسب بل تكشف أن العديد من الأجهزة لم تسارع إلى تيسير وتسهيل الإجراءات المطلوبة لتذليل العقبات أمام تدفق الاستثمارات في القطاع الخاص لزيادة العرض وتقليص الفجوة مع الطلب الكبير ففي القطاع المالي ما زال عدد البنوك السعودية ونوعية نشاطها محدوداً حيث يرتفع الطلب على الخدمات المصرفية والتمويل ولا يوجد سوى اثني عشر بنكا وطنيا وعدد محدود من فروع لمصارف أجنبية ولا بد من زيادة العدد لما له من توطين للاستثمار وزيادة المنافسة وتقليل المخاطر على البنوك القائمة حاليا التي تلعب كل الأدوار بالقطاع المالي رغم أن حجم الودائع يفوق التريليون ريال وفي ازدياد مضطرد ومستمر كما أن عدم التنويع بتراخيص البنوك من حيث التخصص يعد عاملاً سلبيا آخر يضاف لتعقيدات عمل القطاع حاليا فالبرغم من الحاجة الماسة لبنوك استثمارية بمفهومها الواسع والصناعية والعقارية وغيرها إلا أن ذلك لم يحدث إلى الآن بل يتجه المستثمرون السعوديون لتأسيس هذه النوعية من البنوك في الدول الخليجية المجاورة نظرا لعدم ترخيصها محليا وتحديدا الاستثمارية منها بينما يكتفى فقط بالسماح بتأسيس شركات مالية متخصصة لا يمكن لها أن تمارس نشاطها كما هو مطلوب لقصور الأنظمة التي تسمح لها بالتوسع في عملها وانعكاس هذا الأثر على الاقتصاد المحلي مما يتسبب بتباين في تقديمها لخدماتها من حيث التكلفة على العملاء وكذلك ضعف التنوع بمنتجاتها كما شهد السوق خروج شركات منه رغم حداثة ترخيصها فإذا كانت فالجهات المشرفة على القطاع المالي تمتلك أفضل المعايير التي تسمح لها بزيادة عدد الكيانات العاملة بالقطاع والقدرة على مراقبتها والإشراف عليها فما الذي يمنع زيادتها أو تطوير عمل القائم منهاصوصا القطاع المالي الاستثماري كما شهد سوق التمويل للأفراد ظاهرة الممولين الأفراد والوسطاء غير القانونيين الذين توزع ملصقات الدعاية لهم في الأماكن العامة بكثافة فلو تم الترخيص للعديد من البنوك لاختفت هذه الظاهرة تلقائيا دون أن تتوجه المجهودات لمحاربتها دون أن تقضي عليها بل إنها توسعت وأخذت أشكالا مختلفة فهناك المحلات التي تقرضك بضاعة وتبيعها نيابة عنك وتحمل العميل تكاليف باهظة بخلاف من يقومون بتقسيط السيارات الظاهرة الأبرز منذ سنوات طويلة ويضاف لكل ذلك تأخر صدور الأنظمة المنشطة لقطاع العمال كنظام الشركات وكذلك أنظمة الرهن والتمويل العقاري فتعطل صدور هذه الأنظمة سمح بتجاوزات كبيرة وقلل من التوسع بالنشاط الاقتصادي عموما مما سمح بارتفاع معدلات التضخم نتيجة عدم وجود زيادة بالطاقة الاستيعابية للاقتصاد التنمية مستمرة وأهدافها واضحة ولكن لا بد من مواكبة ما يساعد على تحقيق أفضل النتائج منها من خلال رفع قدرة القطاع الخاص على التكامل بمختلف الخدمات المطلوبة مع القطاع العام لكي نتحول بالقطاع الخاص لمرحلة تؤهله من قيادة النمو الاقتصادي مستقبلا بعيدا عن استمرار الاعتماد على الإنفاق الحكومي أو تأثير أسعار النفط مما يسمح بتنوع مصادر الدخل وفتح فرص وظيفية بأعداد ضخمة للشباب السعودي وتقوية قطاعات تعد ركيزة أساسية بكل الاقتصادات المفتوحة.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع