الاستثمار الوطني والأجنبي

19/03/2012 2
سليمان المنديل

أما وقد أكملت الهيئة العامة للاستثمار عقداً من عمرها، فحبذا لو جرى تقييم محايد لعملها، والبحث عن الأسباب التي جعلتها تغير أهدافها، ومسؤولياتها؟ ومدى رضا المستثمر الوطني، والأجنبي عن أدائها؟ وماذا نرجو منها خلال العقد الثاني من عمرها؟

لو طلب مني عمل ذلك التقييم لأوردت ما يلي:-

1 - يمكن تلخيص ما ينص عليه نظام الهيئة حول مهامها بما يلي:

أ - تحسين بيئة الاستثمار.

ب - الترويج لفرص الاستثمار.

2 - اهتمت الهيئة في مرحلتها الأولى برصد معيقات الاستثمار، وأعدت عدة دراسات تضمنت استبيان مستثمرين سعوديين، وأجانب، وخلصت الدراسات إلى تحديد عدد (106) معيق رئيسي، وعرضت تلك النتائج على المجلس الاقتصادي الأعلى، ولم تبذل الهيئة، في تلك المرحلة، جهداً كبيراً في عمليات الترويج، لقناعتها بأن إزالة العوائق هي أفضل دعاية، وعامل جذب، للاستثمار.

بعد ذلك تغيرت إدارة الهيئة، ومعها حدثت تغييرات جوهرية في التوجه، يمكن تلخيصها في ما يلي:-

- لم يعد هناك ذكر للمعيقات المختلفة التي يعاني منها المستثمرون.

- رُكز على نشاط الترويج، وبشكل دعائي مضخم، وبطريقة لا تتناسب مع واقع بيئة الاستثمار الحقيقية.

- انشغلت الهيئة بنشاط تأسيس، وإدارة ما سميت «مدناً اقتصادية»، وهي في واقع الأمر مشاريع تطوير عقاري.

3 - توجد لدينا في المملكة سياسة إدارية أفضل ما يمكن وصفها بـ «سياسة حب الخشوم»!! وأعني بذلك، أنه و حتى عندما تتكون قناعة بخلق جهاز إداري بديل لآخر، فإن الأغلب أن ينشأ الجديد، ويترك القديم بصلاحياته «لئلا يزعل أحد»!! شاهدنا ذلك يحدث عند إنشاء هيئة السوق المالية، مع بقاء وزارة التجارة مسئولة عن الشركات المساهمة، وهو ما خلق ازدواجية مستمرة حتى اليوم. وذات الحال حدث في هيئة الاستثمار، حيث كانت مصلحة الاستثمار تقضي بتوحيد إجراءات التراخيص لدى الهيئة، بغض النظر عن طبيعة النشاط، وهو ما يسمى الشباك الواحد (One Stop Shop)، وليس التنقل بين الوزارات، وإن كان يوجد حالياً، وشكلياً، موظف لكل جهة لدى الهيئة، ولكن عمله أقرب إلى المراسل، منه كمتخذ لقرار الترخيص.

ماذا نتمنى من الهيئة في عقدها الثاني؟

1 - إجراء تقييم محايد لعملها، يشتمل على الإجابة على الأسئلة الهامة، وهي: هل نحن بحاجة إلى أموال أجنبية؟ أو تقنية؟ أو إيجاد وظائف معينة للسعوديين؟ وأتوقع أنه نتيجة ذلك البحث، سيتم إيقاف منح تراخيص لمشاريع هامشية، كل همها الحصول على تأشيرات لأجانب، وبيعها في السوق السوداء.

2 - إعادة الاهتمام بالمعيقات، ووضعها تحت الأضواء، لأنها مازالت قائمة، وتؤثر على بيئة الاستثمار.

3 - نقل صلاحيات إعطاء مختلف أنواع التراخيص إلى الهيئة بصفة كلية.

4 - تفرغ الهيئة لمهامها الرئيسية، وتحوير مسمى الهيئة الملكية للجبيل وينبع، والتي أثبتت نجاحها، إلى الهيئة الملكية للمدن الصناعية، وتضاف لها مهمة الإشراف على المدن الصناعية الموجودة اليوم تحت إدارة وزارة الصناعة والتجارة، وكذلك «المدن الاقتصادية»، وإدارة مازال مجدياً منها للاستمرار.

5 - رفع مستوى الاهتمام بالمستثمر السعودي، ليكون مساوياً للمستثمر الأجنبي.

6 - أخيراً هناك نقطة قد يقول قائل إنها ثانوية، ولكنها مزعجة، فمن يتقدم اليوم إلى الهيئة لا يعرف الأسس التي تحدد بموجبها الرسوم التي تحصلها الهيئة، فهناك مستثمرون يعتقدون أنها مزاجية، وليس لها نظام محدد، ولا يساعد الأمور أن جهات رقابية، من بينها وزارة المالية، تغض الطرف عن ذلك، طالما أن ذلك لا يكلف الخزينة ريالاً، ولكنني هنا أنبه إلى أن جهود الترويج للاستثمار، في ظل مزاجية تحديد الرسوم، تبدو لأي مستثمر، بأنها بيئة تشابه ما يحصل من فساد في مختلف دول العالم الثالث!!