في الآونة الأخيرة وبعد ظهور بيانات اقتصادية مشجعة، أعرب فخامة الرئيس الأمريكي عن تفاؤله بالمسار الذي يسير عليه الاقتصاد الأمريكي وأن الخروج من مرحلة الركود التي تعيشها بلاده حالياً قد تستغرق عدة أشهر من الآن، حيث يأتي هذا التصريح في وقت نشهد فيه كثرة التقارير التي تتحدث عن تعافي اقتصادات الدول الصناعية الكبرى وتوقعات خبراء اقتصاديين بخروج الاقتصاد الأمريكي من الأزمة الاقتصادية خلال العام القادم أو خلال النصف الثاني من هذا العام بحسب تقديراتهم.
لا شك أن هناك تحسنا واضحا في بعض المؤشرات الاقتصادية وفي ربحية بعض الشركات خلال الأشهر الماضية، لكن يجب أن نضع في اعتبارنا أن هذا التحسن أتى بعد تقديم حزمة كبيرة من المحفزات بهدف إنقاذ الاقتصاد الأمريكي من الانهيار, تضمنت هذه الحزمة بشكل رئيسي خطط الإنقاذ التي خصصت لها مليارات الدولارات وتخفيض أسعار الفائدة إلى مستويات منخفضة تاريخياً والتوسع في الإنفاق الحكومي وتغيير المعايير المحاسبية, والأهم من كل ذلك المحافظة على انخفاض قيمة الدولار الأمريكي أمام العملات الرئيسية الأخرى لسنوات طويلة !!! لكن على الرغم من هذه المحفزات الاقتصادية القوية، إلا أن أهم المؤشرات الاقتصادية لا تزال تسجل أرقاماً سلبية تدل على عدم تحقيق نمو حقيقي حتى الآن، حيث نجد أن الناتج المحلي الإجمالي يسجل انكماشا بنسبة 1 في المائة, وإنفاق المستهلكين يسجل انخفاضاً بنسبة 1.2 في المائة, والعجز المزدوج للموازنة العامة والميزان التجاري يسجلان معدلات قياسية تاريخياً والدين العام يسجل نمواً قد يصل في نهاية هذا العام إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي, ومعدلات البطالة تسجل نموا وصل بها إلى معدلات مرتفعة تاريخياً، في حين لا نزال نلاحظ وجود فجوة بين معدلات التضخم وأسعار الفائدة قد تجبر أسعار الفائدة مستقبلاً على الارتفاع وهو ما سيحد من النمو ويدخل الاقتصاد في مرحلة معقدة من ''الركود الانكماشي''. بالنسبة للشركات، فالبعض منها تمكن من تحسين ربحيته إلا أن ذلك لم يأت من نمو المبيعات أو الإيرادات بل أتى بشكل رئيسي من تخفيض المصروفات ومن أرباح غير تشغيلية نتيجة لبيع بعض الوحدات، في حين لم يتمكن البعض الآخر من تحسين ربحيته بالرغم من خطط إعادة الهيكلة والمحفزات.
أما بالنسبة للمؤسسات المالية، فلا يزال وضعها صعباً للغاية والواضح أن الأزمة انتقلت من تقييم استثماراتها إلى عمليات الإقراض التي تشكل صميم نشاطاتها، حيث ارتفعت نسبة القروض غير العاملة إلى مستويات قياسية وهو ما أجبر هذه المؤسسات على عدم التوسع في منح الائتمان وكان لذلك انعكاساته السلبية على قطاعي المساكن والسيارات.
بشكل عام، من حق فخامة الرئيس الأمريكي أن يستغل الوضع الحالي لتحسين صورته أمام المواطن الأمريكي وقد ينجح فعلاً في تحقيق انتعاش اقتصادي على المدى القصير، إلا أنني أرى أن الخروج من الأزمة الاقتصادية لن يتحقق قبل عام 2013م على أقل تقدير وأن الأسوأ لم نره بعد والله أعلم. و بالتالي، فإن ما رأيناه في الأشهر الماضية ما هو إلا ارتدادات طبيعية للمحفزات الاقتصادية الاستثنائية وهي ارتدادات أشبه ما تكون بـ ''قفزة القط الميت''، والسنوات القادمة كفيلة - بإذن الله - بأن تبين من منا كان على حق، أنا أم الرئيس الأمريكي؟؟
أراهن على خطأك يا أستاذ عمران
شكرااااا أستاذ محمد , كم هي جميلة مقالاتك أستاذي العزيز , والاجمل فيها توعيتنا كمساهمين غير متخصصين , واما كتاباتك بفضح ان صحة التسمية بعض مجالس ادارات الشركات المساهمة لحقوقنا كماهمين بعد أن خلا لهم الجو وغاب عنهم الرقيب ؟
مقال رائع . الكثير من الخبراء في امريكا يراهنون على ان الاسواء في الازمه قد انتهى الا انهم لم يؤكدوا انها انتهت . فقط رؤيه للمدى القصير و اعتقد بأن الوقت مازال مبكرا . ننتظر نهايه هذا العام لنرى مؤشرات التحسن . آو التصحيح كما اوضحت اخ محمد.