الحقيقة التاسعة: يقيناً لا أحلاماً تُبنى في عالمٍ من الأوهام؛ لا ولن يستطيع أي اقتصادٍ في العالم أن يخلق فرص عمل دون أن يؤسس قبلها مشروعات حقيقية (مؤسسات، شركات)! هذه الحقيقة يدركها حتى غير المتخصص اقتصادياً، فكيف بالمخطط الاقتصادي؟! وأقولها صادقاً كم فرحتُ بالتصريح الأخير لمعالي وزير الاقتصاد والتخطيط، حينما حدد خمس أولويات رئيسة ستعمل الوزارة على تحقيقها، ما يهم منها هنا ثلاث أولويات هي (1) تنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد بدعم نشاط الشركات الصغيرة والمتوسطة. (2) زيادة فرص عوامل الإنتاج المتاحة سواء البشرية أو المادية. (3) زيادة قدرة الاقتصاد على توفير الفرص الوظيفية.
بذل قصارى الجهود وزيادة تركيزها لتحقيق هذه الأولويات الثلاث هو (مربط الفرس)، وعدا ذلك فلا يُنتظر إلا المزيد من ارتفاع معدل البطالة، وبقاء الاقتصاد الوطني رهيناً لتذبذبات أسعار النفط، وضعف كفاءة في الإنتاجية ستكون تداعياته مستقبلاً أكثر إيلاماً، ومصدراً للصداع المزمن للتنمية والاقتصاد والمجتمع بصورةٍ أقسى مما هو قائمٌ في الوقت الراهن.
يا وزارة العمل، اقبلي بالنصيحة قبل فوات الأوان! لن تُفلح جهودك إن أردتِ مواجهة شبح البطالة منفردةً، فلا بد من مساندة ودعم بقية أعضاء الفريق الاقتصادي والمالي الحكومي في مقدمتهم وزارات المالية والتجارة والصناعة والاقتصاد والتخطيط، إضافةً إلى ضرورة إشراك القطاع الخاص في التخطيط والتنفيذ من خلال مجالس الغرف التجارية والصناعية. القضية ليست مجرد اتخاذ قراراتٍ وإجراءات قد يشوبها الارتجالية وأحياناً العنف في التطبيق! فمثل هذه الطرق في التعامل مع قضيةٍ موغلة في التعقيد كالبطالة وارتفاع معدلات الاستقدام، قد يُفضي إلى مزيدٍ من تعقّدها وتفاقمها! بصورةٍ قد ينتج عنها المزيد من التكاليف الباهظة الثمن، ما قد يتطلّب حينها حلولاً أكثر صعوبة وتكلفة قد لا يتمكّن الاقتصاد الوطني من تحمّلها.
النصيحة الأخيرة: استعجال نتائج حلول “جزئية” لمشكلات “كلية”؛ سيُفضي إلى كوارث نحن في غنىً عنها.
يعطيك العافية استاذ عبد الحميد