في القرآن الكريم وردت كلمة "الجاهلية" في الآية 145 من سورة آل عمران، 50 من المائدة، 33 من الأحزاب، والآية 26 من سورة الفتح، وذلك استنكاراً لما كان عليه العرب من العنجهيّة والغطرسة والعصبية القبلية، وما كانوا يمارسونه من أساليب الثأر والوثنية وإضرام الفتن وسفك الدماء، ولكونها من الصفات المنافية لتعاليم الإسلام السمحاء سلوكاً ومنهجاً.
في سابقة خطيرة لم يشهدها تاريخ البشرية في مختلف بقاع العالم، تميزت نتائج ثورات "الربيع العربي" بالعقول الجاهلية التي أضرمت الانفلات الأمني والتشدد المذهبي والتمرد القبلي. استبيحت خلالها ساحات الرأي لإثارة الفتن والأخذ بالثأر واستخدمت فيها منابر الإعلام لتسفيه الغير والتنكيل بمقدرات المجتمع. أثبت "الربيع العربي" أن شعوبه لا تمتلك مؤهلات الحرية والقواعد التنظيمية للتعاطي مع الثورات الشعبية، وأخفق "الربيع العربي" في مسعاه لنيل الحرية بمعناها الحضاري، التي تتفق مع المسؤولية الوطنية وتتنافى مع العشوائية والجاهلية.
تشير التقارير الصادرة في الأسبوع الماضي إلى أن خسارة دول "الربيع العربي" فاقت 100 مليار دولار نتيجة الفوضى العارمة التي اجتاحتها بعد الثورة. بعد "ثورة الياسمين" التونسية في نهاية العام الماضي، تراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 12% والنشاط السياحي بنسبة 50% وحركة النقل بنسبة 25% وقطاع المناجم بنسبة 53%، وبلغ العجز الجاري لميزان المدفوعات 5% مقارنة بالناتج المحلي وفاقت نسبة التضخم 13%، مما أدى لتشريد 7,000 عامل شهرياً وارتفاع معدل البطالة إلى 43%. كما أشار البنك المركزي التونسي إلى أن التحويلات المالية للتونسيين المقيمين بالخارج تراجعت بنسبة 22% وتقلص احتياطي البلاد من العملة الصعبة ليصل إلى 10 مليارات دينار تونسي أي ما يكفي لتمويل الواردات لمدة 118 يوماً فقط.
وبعد اندلاع "ثورة التحرير" المصرية مطلع العام الجاري، انقسم الشارع المصري إلى 27 حزباً وتوالت على قيادة حكومته الانتقالية 3 وزارات سيادية. خلال عام واحد تراجعت إيرادات السياحة في المنتجعات المصرية بنسبة 42% وانخفض تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 25% وتراجع احتياطي النقد الأجنبي المباشر من 36 إلى أقل من 25 مليار دولار في أقل من 6 أشهر.
وزارة التخطيط والتعاون الدولي المصرية أعلنت بأسى بالغ عن انخفاض الاستثمارات الحكومية بنسبة 36% من الاستثمارات الكلية وبتراجع فاق 13 مليار دولار عن العام المنصرم، بينما ازدادت فوائد الديون بنسبة 17%. خلال عام "ثورة التحرير" ارتفع الدعم المحلي إلى 11 مليار دولار للمواد البترولية و6 مليارات للسلع التموينية و4 مليارات للإنتاج الصناعي و2 مليار للصادرات و500 مليون دولار لدعم الكهرباء وانخفضت قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار بنحو 5%.
"ثورة التحرير" ما زالت تفقد مصداقيتها إلى يومنا هذا، بسبب انتشار الآراء المتضاربة لأصحاب القرار وإشاعة التوجهات المتعاكسة لوسائل الإعلام وفشل الأقطاب السياسية في رأب تصدع خلافاتهم، مما أدى إلى تعرقل نقل مقاليد الحكم من العهد السابق إلى المرحلة الانتقالية. بعد 8 أسابيع من "ثورة التحرير" ارتفعت وتيرة جرائم السطو 200% وتراجعت كفة الانضباط الوظيفي في الشركات بنسبة 63%. وخلال 9 أسابيع انتفض الشارع المصري عشرات المرات لإطاحة حكومته المؤقتة وتعديل الدستور والإصرار على دحر الثورة المضادة. هذا في الوقت الذي تفاقمت حدة البطالة بنسبة فاقت 32% وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 30%.
وفي ثورة "أم المجازر"، تصدر زعيم "الممانعة" و"الصمود" جبهات الرفض، ليفقد 12% من ناتج بلاده الإجمالي و55% من تجارته الخارجية و60% من وارداته، مما أدى لفقدان 75% من دخله القومي. إبان ثورتها الشعبية، لجأت الحكومة السورية إلى تطبيق سياسة التقشف وتقليص الدعم الموجه للطعام والوقود، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسب غير مسبوقة وأثار حالة من الإحباط في صفوف القطاع الزراعي، مما دفع بحوالي 2 مليون نسمة للنزوح من الأرياف إلى المدن لتفادي البطالة. أما قطاع السياحة السوري، الذي يشكل 12% من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر 11% من الوظائف ويدرّ 8 مليارات دولار سنوياً، فقد كان الأكثر تأثراً من سياسة التقشف الحكومية. من نتائجها المتوقعة، بدأت الفنادق والمنتجعات السياحية في إغلاق أبوابها ولجأت الوفود السياحية إلى إلغاء حجوزاتها، مما أدى إلى انخفاض دخل الفنادق السنوي بنسب غير مسبوقة وتراجع عدد المشاريع السياحية السورية إلى نصف ما كانت عليه.
ونظراً لتوقع فقدان استثمارات أجنبية في مختلف القطاعات الخدمية السورية بقيمة 55 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، وانخفاض معدل الواردات بنسبة 60%، تراجعت قيمة العملة السورية بنسبة 17% مقابل الدولار، وبدأ القطاع الخاص السوري، الذي يمثل 70% من الناتج المحلي الإجمالي بالانكماش بنسبة 3% سنوياً.
ومن نتائج ثورة "الصمود" الليبية، التي فتك زعيم الشعوذة والهلوسة بحوالي 50,000 من مواطنيه، فقد أغلقت 72% من مصانعها وأعطبت 90% من منابع نفطها، لتفوق خسائرها الاقتصادية المباشرة 36 مليار دولار ولتفقد الخزينة الليبية 3 مليارات أخرى في كل أسبوع من الفوضى.
أما نتائج ثورة "التنحي" اليمنية، فقد فاقت كل المعايير، حيث فقدت الميزانية القومية 32% من أصولها الثابتة وتراجعت قدراتها الذاتية على الإنفاق إلى أدنى مستوياتها لتتضاعف ديونها السيادية 250%، وتتراجع تجارتها الخارجية بنسبة 54% ولتفقد 62% من تدفق الاستثمارات إلى أراضيها.
ثورات "الربيع العربي" بحاجة ماسة للتخلي عن عقول الجاهلية.
ذكرتني بعلوي درويش كيال حينا استنكر مطالبة الناس بتلفونات في الشوارع مدعيا بأن الناس سيحطمونها فأستهجن الجميع ذلك وتم تركيبها ثاني يوم مباشرة. أيضا كأنك تقول أن الديموقراطية هبطت على الغرب من السماء أو بوحي!!! لكل تجربة مثمرة ثمن يجب أن ندفعه.
هذا الكلام لا يروق للثوريين والمؤدلجين بشتى أطيافهم، الكثيرون يتجاهلون الحقائق المرة الواقعة أمامهم وهي صعوبة تطبيق الديموقراطية فيما بين الشعوب العربية، جهل الشعوب العربية وصلابة الأدلجة المعشعشة في رؤوسهم، النزعة الانتقامية وحب التشفي، معاداة الشعوب الأخرى (اسرائيل والغرب عموما) وهو ما سيؤدي إلى نتائج وخيمة خصوصاً لمصر وسوريا لاحقاً... وكله من أجل "الحرية".
وصفت ما هو موجود و نسيت اسباب ما حدث و ما قد يحدث الناس وصلت لمرحله ترى فيها ان المستقبل و ان كان غير معروفه توجهاته مع التغيير الذي سيحصل هو افضل بكثير من الواقع المحزن الذي يعيشونه قال تعالى " ..ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم.." صدق الله العظيم و لن يستقيم الحال الا بما ذكرة سبحانه و تعالى
لكن تجربة تونس ,,,, حتى الآن ,,,,تستحق النظر لها بعين مختلفه!!!!!
لك كل الإحترام والتقدير وأنا من المعجبين بكل ما تكتب لأنك دائما تستخدم لغة الأرقام التي نادراً ما تخطيء لكن في هذا المقال يبدو أنك جانبت الصواب. لأن ما يحدث الآن بأختصار هو ما تعبر عنه هذه المقولة في العالم الغربي: "sometimes you have to hit rock bottom before you can rise up "
لقد أخطات فى ذلك لما العالم الديموقراطى يتطور والعالم العربى أغلبه يتأخر هل العسكر ينفعون فى الحكم ؟
يا ليت يحكم الإسلام بالرغم المآساة التى تضعنا فيها مقالتك ....... و لكن إن شاء الله بعد حكم الجاهلية سيحكم الإسلام ..... كما حدث فى الجاهلية الاولى
الإخوة الذين يطالبون بحكم إسلامي، للمعلومية الثورات في جميع هذه الدول لم تقم من أجل إقامة حكم إسلامي، بل في كل دولة تفاجأ الكل من تأييد الناس لتلك الجماعات الإسلامية بالشكل الذي أوصلهم وسيوصلهم للحكم. فالثورات لم يقم بها الإسلاميون، هذا للمعلومية. نقطة أخرى أين النموذج الإسلامي الذي يمكننا أن نعول عليه؟ هل هناك دولة أقامت نظاماً إسلامياً ناجحاً يمكن أن نشير إليه كمثال ودليل على نجاح الحكم الإسلامي؟ الجواب (لا تعني نفسك) لا يوجد أبداً، بل إن ما يوجد هو أمثلة لدول طبقت الشريعة الإسلامية في الحكم (مثل طالبان وبشكل كبير الباكستان والسودان) وجميع هذه الدول فشلت بشكل كبير. الإشارة إلى تركيا وماليزيا كلام غير صحيح لأن هذه الدول لا تحكم إسلامياً. إذاً المطالبة بإقامة حكم إسلامي هو مبني على كلام نظري لم يجرب بعد، ولا أعتقد إننا كدول عربية نستطيع تحمل تجارب بهذا الحجم بناءاً على قناعات واعتقادات وتفسيرات قد لا تكون صحيحة. علينا إبقاء الإسلام في عزته وكرامته وعدم إقحامه في السياسة والإدارة والاقتصاد وغيرها، كما يرى المتحمسون الواهيون.
لكل فعل رده فعل .. طبيعي حدوث هذا الشي فهذي هي الفاتورة ولكن اطلب منك الكتابة بنفس الأسلوب بعد الاستقرار والذي من المتوقع ان يحدث بعد بضع سنين حسب الأوضاع والمعطيات
إيهاب يحيى ردك قوي