اهتمامات اقتصادية

18/12/2011 0
عامر ذياب التميمي

كيف يمكن لرئيس الوزراء الجديد وحكومته العتيدة أن يعيدوا التوازن لأوضاع الاقتصاد الوطني؟ هل يمكن أن تنتهج الحكومة الجديدة فلسفة اقتصادية مختلفة تبتعد عن مفاهيم الريع والانتفاع والتنفيع وتطور قيم الإنتاجية والعطاء والمبادرات الخاصة والمجتمعية وتحول الكويت إلى ورشة عمل يجتهد فيها الكويتيون ويزيدوا من القيم المضافة المتأتية من النشاط والبذل الإنساني بدلاً من الاعتماد على عطاء ريع النفط؟ لا شك في أن هذه الأمنيات مبالغ فيها وغير واقعية، على الأقل في الأجل القصير، ولكن يمكن لأي حكومة جادة أن تضع معالم لطريق مختلف وتتبع معايير ومفاهيم جديدة تؤدي إلى إصلاح الأوضاع وتعزيز القدرة على مواجهة التشوهات الاقتصادية المركزية .

بداية يمكن للحكومة أن تراجع برامج الإنفاق العام وتحدد مظاهر الهدر والإسراف وكيفية معالجتها، كما أنها يمكن أن تعالج مسألة الزيادات المستمرة في بنود الرواتب والأجور والمزايا الاجتماعية وكيفية تأطيرها بموجب معايير الكفاءة والأداء بدلاً من تخصص المنافع من دون التزام تلك الأطراف المستفيدة تجاه تحسين جهودها وتعزيز مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي .

أهم من ذلك يمكن لهذه الحكومة، وإذا ما استمرت لأجل معقول، أن تعيد النظر في خطة التنمية الاقتصادية وترشدها وتكيفها بما يتوافق مع متطلبات التنمية البشرية وتطوير كفاءة الكويتيين من خلال برامج تعليمية وتدريبية متواضعة مع متطلبات الاقتصاد الحديث .

إن هذه الجهود المبدئية المطلوبة من مجلس الوزراء الجديد لا يمكن تحقيقها من دون اختيار عناصر ذات كفاءة لمجلس الوزراء الجديد بعيداً عن أي اعتماد للمفاهيم التقليدية في الاختيار المتمثلة بالمحصاصة والانتماءات القبلية والطائفة والفئوية .

إذاً المطلوب اختيار طاقم مؤهل بالمعرفة والعلم والخبرة والشجاعة الأدبية بحيث تمكن هذا الطاقم من مواجهة كل الانتقادات السياسية والمطالب الشعبوية المتوقعة في بلد مثل الكويت اعتاد السياسيون فيه استخدام المال العام لتعزيز مواقعهم . . لكن هذه تحديات مهمة فهل يمكن أن نتجاوزها من دون عناصر كفؤة ومؤهلة ومقتدرة سياسياً ومدعومة من القيادة السياسية؟ وسوف تتضح قدرة مجلس الوزراء لإنجاز هذه التحديات المبدئية بعد أن يتشكل ونتعرف على أعضائه . لم يعد بالإمكان الاستمرار في استخدام الوسائل والأساليب القديمة في إدارة الاقتصاد الوطني فنحن نعيش في عالم دائم التغيير ويدار بموجب مقاييس موضوعية وتتحرك الإدارات في مختلف البلدان لمواجهة الأزمات بموجب الإمكانات والاستحقاقات وكيفية التعامل معها من أجل تنشيط الأعمال وتحسين ظروف المعيشة لسكان البلدان المعنية . . ونحن في الكويت لابد أن نواجه الحقائق بكل موضوعية حيث إننا نعتمد على مصادر دخل سيادية تتأثر بكل ما يجري في العالم ولا نملك خيارات واسعة ما عدا خيار حسن الإدارة للموارد والبشر، وإذا لم نبدأ بتطوير إدارتنا الاقتصادية فإننا سنعرض مستقبلنا لمخاطر مؤكدة .