جدوى السندات الحكومية

11/12/2011 7
سليمان المنديل

صرح وزير المالية السعودي مؤخراً بأن الحكومة تدرس فكرة إصدار سندات إسلامية، أو تقليدية، للمساعدة في تمويل مشروعات محددة، وقد ذكر ذلك تحديداً عند الحديث عن تمويل مطار جدة الجديد.

وهنا أود الإجابة على تساؤلات محتملة عن ذلك التصريح، منها التساؤل عن جدوى إصدار سندات في ظل الفوائض المالية الموجودة، وكون أن كلفة إصدار السندات ستكون أعلى من عوائد الاستثمار على تلك الفوائض، والتي هي مستثمرة اليوم بصفة ودائع بنكية، وهل إصدار تلك السندات هو نوع من الترف الاقتصادي؟ أم أن هناك فائدة مرجوة، إن لم تتحقق اليوم، فقد تتحقق غداً؟!

التساؤلات منطقية، وتستحق محاولة الإجابة عليها:

• بشكل عام كل من يتمكن من إصدار أداة دين عام، وبسعر منخفض، من بينها السندات والصكوك، فهو محظوظ، وهي دلالة على أن الوضع المالي لمصدّر تلك الأدوات جيد، وذلك بافتراض أن احتفاظ مصدّر السندات بسيولته النقدية، سيتيح له فرصة استثمارها في مشاريع تحقق عوائد أعلى.

• كل مستثمر محتمل لشراء تلك السندات، سيسأل عن السجل التاريخي للمصدّر، ومدى التزامه بالوفاء بشروط الإصدار، ولذلك يعتبر الوقت الحالي، وفي ظل الوفورات المالية، جيداً لتكوين سجل إيجابي يخدم مصدّر السندات، للحصول على أفضل الشروط، وأهمها تسعيرة السندات.

• التمويل من خلال السندات يعني تلقائياً، النظر في الجدوى الاقتصادية للمشروع الممول، وقدرته في تحقيق تدفقات نقدية، حتى ولو كان المستثمرون يعولون بالدرجة الأولى على الضمان الحكومي.

• إصدار الحكومات لسندات أصبحت أداة مالية هامة، وفعالة لضبط التضخم، من خلال سحب السيولة من السوق، وذلك بإتاحة فرصة الاستثمار في السندات، كبديل عن فرص استثمار أخرى، قد تتسبب في ضغوط تضخمية. وقد واجهت الحكومة الأميركية في أواخر ولاية الرئيس كلينتون هذه المشكلة، حيث تمكنت الحكومة من سداد جميع ديونها، وبقيت سندات الخزينة طويلة الأجل، ودار نقاش حول سداد تلك السندات، لأن المال كان متوفراً للسداد، أو إبقائها، وإصدار المزيد منها كوسيلة لكبح أي تضخم محتمل، وفعلاً قررت الحكومة الأميركية الإبقاء على السندات، لأنها أصبحت جزءاً أساسياً من خطة مكافحة التضخم.

• لكل ذلك فإن إصدار السندات الحكومية يمثل رافداً هاماً للميزانية، ولكنني أتمنى هنا ألا تكرر الحكومة الخطأ الذي حدث عند إصدار السندات الحكومية في الماضي، وهو أن تلك السندات قد أعفيت من الزكاة، لأنها سندات تنمية، تمول بها مشاريع تنموية، وكان ذلك مصدر جذب هام لها من قبل المستثمرين، ولكن لاحقاً قررت الحكومة إخضاعها للزكاة، وهو ما أفقدها جاذبيتها، بل أثار سؤالا هاماً، وهو كيف يحدث أن تكون السندات معفاة من الزكاة يوماً، وغير معفاة في اليوم التالي؟!