صرح وزير المالية السعودي مؤخراً بأن الحكومة تدرس فكرة إصدار سندات إسلامية، أو تقليدية، للمساعدة في تمويل مشروعات محددة، وقد ذكر ذلك تحديداً عند الحديث عن تمويل مطار جدة الجديد.
وهنا أود الإجابة على تساؤلات محتملة عن ذلك التصريح، منها التساؤل عن جدوى إصدار سندات في ظل الفوائض المالية الموجودة، وكون أن كلفة إصدار السندات ستكون أعلى من عوائد الاستثمار على تلك الفوائض، والتي هي مستثمرة اليوم بصفة ودائع بنكية، وهل إصدار تلك السندات هو نوع من الترف الاقتصادي؟ أم أن هناك فائدة مرجوة، إن لم تتحقق اليوم، فقد تتحقق غداً؟!
التساؤلات منطقية، وتستحق محاولة الإجابة عليها:
• بشكل عام كل من يتمكن من إصدار أداة دين عام، وبسعر منخفض، من بينها السندات والصكوك، فهو محظوظ، وهي دلالة على أن الوضع المالي لمصدّر تلك الأدوات جيد، وذلك بافتراض أن احتفاظ مصدّر السندات بسيولته النقدية، سيتيح له فرصة استثمارها في مشاريع تحقق عوائد أعلى.
• كل مستثمر محتمل لشراء تلك السندات، سيسأل عن السجل التاريخي للمصدّر، ومدى التزامه بالوفاء بشروط الإصدار، ولذلك يعتبر الوقت الحالي، وفي ظل الوفورات المالية، جيداً لتكوين سجل إيجابي يخدم مصدّر السندات، للحصول على أفضل الشروط، وأهمها تسعيرة السندات.
• التمويل من خلال السندات يعني تلقائياً، النظر في الجدوى الاقتصادية للمشروع الممول، وقدرته في تحقيق تدفقات نقدية، حتى ولو كان المستثمرون يعولون بالدرجة الأولى على الضمان الحكومي.
• إصدار الحكومات لسندات أصبحت أداة مالية هامة، وفعالة لضبط التضخم، من خلال سحب السيولة من السوق، وذلك بإتاحة فرصة الاستثمار في السندات، كبديل عن فرص استثمار أخرى، قد تتسبب في ضغوط تضخمية. وقد واجهت الحكومة الأميركية في أواخر ولاية الرئيس كلينتون هذه المشكلة، حيث تمكنت الحكومة من سداد جميع ديونها، وبقيت سندات الخزينة طويلة الأجل، ودار نقاش حول سداد تلك السندات، لأن المال كان متوفراً للسداد، أو إبقائها، وإصدار المزيد منها كوسيلة لكبح أي تضخم محتمل، وفعلاً قررت الحكومة الأميركية الإبقاء على السندات، لأنها أصبحت جزءاً أساسياً من خطة مكافحة التضخم.
• لكل ذلك فإن إصدار السندات الحكومية يمثل رافداً هاماً للميزانية، ولكنني أتمنى هنا ألا تكرر الحكومة الخطأ الذي حدث عند إصدار السندات الحكومية في الماضي، وهو أن تلك السندات قد أعفيت من الزكاة، لأنها سندات تنمية، تمول بها مشاريع تنموية، وكان ذلك مصدر جذب هام لها من قبل المستثمرين، ولكن لاحقاً قررت الحكومة إخضاعها للزكاة، وهو ما أفقدها جاذبيتها، بل أثار سؤالا هاماً، وهو كيف يحدث أن تكون السندات معفاة من الزكاة يوماً، وغير معفاة في اليوم التالي؟!
شكرا على الموضوع استاذ سليمان . ويبدو ان الهدف منه هو سحب السيوله فقط من القوارين الكبار جدا . ولكن المحزن فعلا هو اخر سطر ( كيف يحدث ان تكون السندات معفاة من الزكاة يوما وغير معفاة في اليوم التالي ) هذه اصعب سؤال ولا ينطبق على موضوع السندات فقط بل في كثير من شئون الحياة اليوم حرام بكره حلال !! والموضوع هو نفسه !!
في رأيي ؛ أن من مزايا اصدار السندات الحكومية: 1. اتاحة الفرد في الإستثمار الآمن (مع الحكومة) وبعائد معقول مقابل المخاطرة. 2. اتاحة الفرصة للفوائض المالية في الوازنة الحكومية لإستثمارها في مشاؤيع البنية التحتية في مختلف مناطق المملكة. 3. تقليل السيولة المتوفرة وذلك سينعكس ايجابيا إلى تخفيض معدل التضخم. وأعتقد أن هذا هو النهج المتبع من قبل أرامكو في توجهاتها الجديدة في قطاع البتروكيماويات ؛ حيث بدأت بـ(بترو رابغ) في اتاحة الفرصة للفرد في المشاركة في بناء الإقتصاد على أمل عائد مجزي؛ ولكن في هذه الحالة عن طريق طرح أسهم تملك مباشر في الشركة.
الا يمكن اعتبار التوجه الحالي لاصدار سندات لتمويل انشاء مطار الملك عبدالعزيز بجده, هو كون الدوله , ممثله بهيئة الطيران المدني, مهتمه بخصخصة قطاع الطيران المدني,, بما فيه المطارات والخدمات الاخرى, وكون تمويل المطار سيتم عن طريق اصدار سندات , فهو سيكون الاسهل والاسرع من بين كل المطارات للخصخصه.,
هذ عنوان لخبر منشور حاليا على أرقام (((طرح صكوك لتمويل مشروع مطار جدة خلال شهرين و تحويل الهيئة الى مساهمة قابضة)))
أستاذنا الفاضل/أبا هانيء: رغبتُ بالتعليق على الجزء الأخير من المقال.. فأزيدُ: وفقَ معلوماتي المتواضعة، سنداتُ التنمية الحكومية تصدرُها الجهةُ العاملة على بيتِ مال المسلمين (وزارة المالية) وبذلك تكون الذمةُ المالية لهذه السندات جزءاً من ذمةِ بيت المال.. كما أن الدولةَ (حفظها الله) تستخدمُ سنداتَ التنمية هذه لتمويلِ مشاريع خدمية للعموم وتكون غير هادفةٌ للربح!!... وبذلكَ لا تجبُ في ذمة حامل هذه السندات فرضَ الزكاة بسببِ عدم جواز فرض الزكاة على أموال بيت المسلمين... أما التخبطُ في الممارسات والتطبيق غير الموفق (فرض الزكاة من عدمها) على المكلفين الذي يمارسُه مسؤولو مصلحة الزكاة وضريبة الدخل فراجعُ أساساً لفهمِهم القاصر لمقصدِ فتوى هيئة كبار العلماء رقم (22665) التي صدرتْ قبل عدةِ سنوات بوجوبِ فرض الزكاة على الأموالِ الحكومية التي وصفتها الفتوى بالأموالِ المستثمرةِ في ذممٍ مالية مستقلة عن بيت المال.. وكذلك تكون هادفةٌ للربح (مثل أموالُ صندوق الإستثمارات العامة في ملكياتِ شركت سابك والإتصالات والكهرب ومعادن وأمثالهن)!!!.. ولدى شركتي قضيةٌ مماثلة للموضوع سأقومُ إن شاء الله برفعِها في ديوانِ المظالم ضد مصلحةَ الزكاة وضريبة الدخل وذلك لمخالفتِهم المراسيم الملكية الكريمة لنظامي جباية الزكاة وضريبة الدخل .. وكذلك لتفسيرِهم المتعسف والقاصر لمقصد الفتوى المذكورة... والله المستعان على ما يفعلون.
أستاذ سليمان، مداخلتي إن سمحت... هذه شغلة غير مجدية للحكومة السعودية لأنها تأخذ متحصلات السندات وتدفع فائدة عالية نسبياً عليها، كونها في النهاية ستستثمر هذه المتحصلات في سندات أمريكية وتحصل على فائدة أقل مما ستدفعه هي! يعني الحكومة قد تدفع مثلاً 3% لسندات 10 سنوات وستحصل على 2% عندما تستثمرها في أمريكا (السعر الحالي لسندات 10 سنوات)... لا أرى حنكة في ذلك. هي مفيدة لو كانت الحكومة بحاجة للكاش، ولكن هذا ليس الوضع هنا. أما مسألة تقييم المشروع والتأكد من جودته وجدواه فهذا لن يحدث لأن هذه سندات حكومية وليست سندات مشاريع حكومية، أي إنها مضمونة بغض النظر عن نجاح المشروع أو فشله. مسألة سحب السيولة صحيحة ولكن ذلك لن يغير في سعر الفائدة لأن سعر الفائدة محكوم بالفائدة على الدولار وليس بمستوى السيولة في المملكة، مع التحية للأخ سليمان.
لها جدوى ولا ما لها جدى لا يوجد لنا نواب يراقبون أداء الحكومة ويقيمون وزراءها والملك معصوم من الخطأ ونقده يعتبر خروج من الملة نسأل الله العافية!