بالتأكيد لا يخفى عليكم ما يمر به الاقتصاد العالمي من متغيرات وأزمات تعمل على إعادة تشكيله بتوازنات مختلفة تماما عما اعتدنا عليه في العقدين الأخيرين. وهذه المتغيرات تتطلب من السعودية تعديل سياساتها الاقتصادية على الأصعدة كافة، سواء كانت نقدية أو مالية بل وحتى نفطية. فالاقتصاد السعودي باتباعه المنهج المحافظ في تقديراته لإيرادات الموازنة العامة، وفي سياسته المالية المحكمة، تمكن من تخفيف آثار صدمات الأزمة المالية العالمية، بل وحتى استفادت السعودية خلال العقد الأخير من هذه السياسة بتكوين احتياطي مالي وصل إلى 500 مليار دولار. ولكن ومن وخهة نظري ما كان يصلح للأمس لا يصلح للمستقبل.
فالزيادة المطردة في الإنفاق الحكومي، بأشكالها الاستثمارية كافة أو الدعم للسلع الأساسية أو الإعانات المباشرة للمواطن، ستشكل ضغطا هائلا على إيرادات الدولة النفطية. ففي حين كانت التوقعات المتحفظة تتمكن من مقابلة المصروفات بالإيرادات عند سعر برميل يراوح بين 50 و60 دولارا، فإن تحليل الخبير الاقتصادي تركي الحقيل يشير إلى أن هذا الرقم سيرتفع إلى 114 دولارا في عام 2017 في حال استمرار الزيادة المطردة في الإنفاق الحكومي.
عدا عن ذلك، فإن هذا السعر المرتفع لبرميل النفط لا يمكن ضمانه في المستقبل القريب، خصوصا مع ضعف تعافي الاقتصاد العالمي، وتراجع معدلات النمو حتى في الاقتصادات النامية مثل الصين. بالإضافة إلى ذلك، فإن النفط غير التقليدي المستخرج من الرمال الكندية والغاز الصخري الأميركي يهددان مكانة المملكة كمصدر رئيس للطاقة حسب تصريحات خالد الفالح، الرئيس التنفيذي لأرامكو.
أما بالنسبة للسياسة المالية، فعلى الرغم أنه من الضروري تشديدها لضبط معدل التضخم المرتفع، إلا أنها في الوقت نفسه تضعف من فرص حصول القطاع الخاص على الأموال اللازمة لتوسيع دوره الإنتاجي في الاقتصاد، وهو ما يشكل ضرورة حتمية كونه المنفذ الوحيد القادر على خلق عدد كاف من الوظائف لاستيعاب القوى العاملة المتزايدة عاما بعد عام.
أتوجه بهذه الرسالة لعلمي بأن الجهات المسؤولة كافة تعمل على قدم وساق لتطوير وتحديث وإنعاش نمو الاقتصاد السعودي. فطالما أكدت خطط التنمية كافة على ضرورة تنويع مصادر الدخل وتخفيف الاعتماد على الإيرادات النفطية، ولكن هذه الضرورة باتت أكثر إلحاحا مع تطور صناعة الطاقة النفطية والمتجددة.
السلاح الأهم في إعادة تشكيل سياسات المملكة الاقتصادية يكمن في الاحتياطي المالي. فاستثماره في أوراق مالية معدومة العائد، لا يبدو الخيار الأمثل. بالإضافة إلى ذلك، فإن تدعيم وتمكين القطاع الخاص سيساعده على تحمل أعباء كبيرة من الإنفاق الحكومي، خصوصا في مشاريع البنية التحتية. وأخيرا، فإن تحديث وتسهيل الإجراءات والقوانين الحكومية في القطاعات الاقتصادية كافة مهم لتسهيل انتقال الأموال وتشغيلها بكفاءة أعلى، كما أنه يفتح المجال أمام انطلاق المشاريع الصغيرة.
منهوب
انا اعتقد ان مشكلتنا الاساسية ليس في حجم الانفاق ولكن في كيفيته...مشاريع الدولة مبالغة في التكاليف و سؤ في التنفيذ والصيانة...كذلك في التوظيف الحكومي هناك سؤ في توزيع الوظائف ففي دوائر تعاني من التخمة واخرى من العجز وقس على ذلك
مثال بسيط للانفاق الذي في غير محله شبكة الطرق التي اقيمت قبل 35 سنه (hyways) استمرت بدون مشاكل 25 سنه جيده وبدون مشاكل أما الطرق التي تعمل الآن خلال سنتين فقط تصبح عديمة الفائده !!! ياترى ماهو السبب؟؟؟