التمويل الأصغر و التأمين الصحي للفقراء

15/11/2011 0
حسن ابراهيم

الفقر يعرض من يعانيه لكثير من الأزمات و ما يعظم مخاطر تلك الازمات هو عدم الإستعداد المسبق لها في اغلب الاحيان كما ان تأثير تلك الأزمات علي الفقراء واقعة عاصف و شديد فمثلاً إذا ما أصيب عائل الأسرة الفقيرة بمرض فإن تلك الأسرة لا تفقد مصدر الدخل فقط و لكنها سوف تعاني من عدم وجود نفقات العلاج اللازمة لعائلها .

و يعتبر المرض أشد أنواع الأزمات بالنسبة للأسر الفقيرة و لكنة ليس بالمخاطر الوحيدة التي يتعرض لها الفقراء فهم يتعرضون لمخاطر عديدة منها الوفاة و الإعاقه و الشيخوخة و فقدان الممتلكات بالسرقة أو الحريق و من هنا جاءت لزوم وجود آلية يستطيع الفقراء إستخدامها لمواجهة تلك المخاطر و كانت تلك الآلية هي التأمين الأصغر حيث يمكن تعريفه علي أنه تلك الآلية التي يستخدمها ذوي الدخول المنخفضة ضد مخاطر محددة مقابل دفع أقساط تأمينية منتظمة تتناسب واحتمال وقوع هذه المخاطر وتكلفتها .

و يعتبر التأمين الصحي منتج من مشتقات منتجات التأمين الأصغر فالتأمين الصحي هو عبارة عن نظام تكافل يضمن تقديم الخدمة الصحية لمجموعة من المشتركين الفقراء مقابل قسط تأميني تحدده شركة التأمين و أهدافة إزالة العائق المالي بين المريض الفقير و حصوله على الخدمة الطبية و توفير خدمة طبية متكاملة بجودة عالية و تكلفه يمكن أن يتحملها المريض الفقير .

و علي مستوى المؤسسات العربية المهتمة بمجال التمويل الأصغر أعلن الأمير طلال بن عبدالعزيز رئيس برنامج الخليج العربي للتنمية ( أجفند ) اعتماد التأمين الصحي للفقراء من آليات مكافحة الفقر وذلك في خطوة جديدة تمثل نقله في مشروع أجفند لمكافحة الفقر في العالم العربي .

و تنفيذاً لتلك المبادرة وقع البنك الوطني لتمويل المشاريع الصغيرة بالأردن و هو أحد بنوك أجفند للفقراء بالتعاون مع شركة تأمين أردنية و هي الشرق العربي للتأمين إتفاقية بموجبها تم اطلاق برنامج جديد لتمكين شريحة مجتمعية واسعة من محدودي الدخل وغير المشمولين بالتأمين الصحي للحصول على الخدمات الطبية والعلاجية بحيث يكون التأمين الصحي أحد الخدمات التي يقدمها البنك .

و لكن السؤال الذي يجب مناقشتة هل سيصبح التأمين الصحي منتج منتشر ناجح علي المستوي العربي ؟ و بالطبع أقصد عند وضعه كمنتج إجتياري و ليس إجباري كما تفعل بعض مؤسسات التمويل الأصغر في نشر منتجاتها التأمينية بوضعها كمنتج إجباري مثل منتج التأمين علي القروض ضد التعثر في السداد أو التأمين علي الحياة لعملائها حيث تجبر العميل علي الحصول علي المنتج التأميني الخاص بها عند حصولة علي منتج الإقراض الصغير .

للإجابة علي السؤال السابق يجب اولاً تحليل سلوك الفقراء الإنفاقي فالفقراء في العادة لا ينفقون علي الرعاية الصحية الوقائية و لكنهم ينفقون علي الإستشفاء من الأمراض عند الإصابة بها و إذا أنفقوا فإنهم ينفقون أغلب ما يملكونه لقلة ما يملكون ، فمن ثقافة الفقر أن ينفق الفقير أولاً علي طعامه و مسكنه و ما يعول و عندها لا يتبقى ما ينفقه علي صحته .

كما أننا في الوطن العربي نفتقر في الأساس الي ثقافة التأمين فما هو الحال عند التعامل في التامين الأصغر و ما هو الحال عند التعامل في شئ مرتبط بالفشل الحكومي في بعض الدول العربية مثل التعامل مع ما يسمى التأمين الصحي للفقراء .

إن ما سبق تحليل مبسط لسلوك عميل التمويل الأصغر العربي هذا و لو أضفناه إلي المضلعه الأساسية لمؤسسات التمويل الأصغر و هي رغبتها في تقديم منتج مربح مستديم حتي لا تفقد أصولها و تتوقف عن مزاولة النشاط فإننا نحصل علي سؤال آخر و هو كيف يمكن لمؤسسات التمويل الأصغر تقديم منتج التأمين الصحي و يكون منتج مستدام و يتمتع به أكبر عدد من عملائها ؟ .

إن الإجابة علي هذا السؤال تسوقنا إلي ضرورة إيجاد استراتيجية يجب ان يتحرك من خلالها مؤسسات التمويل الأصغر لكي تستطيع تقديم و نشر هذا المنتج المهم جدا لعملاء التمويل الأصغر و سوف أوضح في الآتي بعض الخطوات التي يجب أن تحكم تلك الإستراتيجية و هذا بالطبع تقدير شخصي لي :-

1. يجب علي المؤسسة أن تعظم و تفعل دورها في المسئولية الإجتماعية تجاه عملائها و مجتمعها حيث تعمل علي ترويج أفضل و أنفع المنتجات و بأقل التكاليف المحملة علي العميل .

2. توفير التمويل اللازم لعميات التعاقد مع الشبكات الطبية لبدأ النشاط .

3. يجب أن لا تفرض المؤسسة هذا المنتج علي العميل كمنتج إجباري و لكن عليها بنشره متجزأ و بشكل متوالي فمثلاً تقوم المؤسسة أولاً بعمل إجتماعات لتعريف العملاء الطب الوقائي ثم تقوم بتقديم المنتج بشكل محدد مثلاً ( إدفع طيلة شهور الحمل لتحصل علي حجرة عمليات للولادة ) و أيضا ( أدفع لطفلك اول سنتين للحصول علي الرعاية الطبية كاملة ) و هكذا .

4. علي مؤسسات التمويل الأصغر مراقبة أعمال شركات التامين المتعاقد معها بشكل دقيق لضمان تقديم خدمة جيده لعملائها .

5. و في خطوه ملحقة يمكن لمؤسسات التمويل الأصغر إنشاء شبكة خاصة بالتأمين الطبي لها و أن تقوم هي بإدارة تلك الشبكة الطبية دون اللجوء الي الشركات التامينية التي تقدم الخدمة .

نقطة أخيرة يجب الإشارة إليها بهذا الصدد و هو تهئية الاطر التشريعيه للبيئة القانونية في البلدان العربية لمزاولة هذا النشاط حيث أن كثير من الدول العربية لا تسمح لمؤسسات التمويل الأصغر فيها بمزاولة نشاط بخلاف نشاط الإقراض .

إن التامين الصحي للفقراء ذو أهمية بمكان أن يقابل مخاطر المرض لدي عملاء التمويل الأصغر و انا أتمني أن ينتشر هذا المنتج الجديد علي السوق العربية و أن تغطي مظلتة جميع فقراء العرب .