هل يمكن أن نشاهد متغيرات في المشهد السياسي بعد عطلة عيد الأضحى الطويلة؟ هل من المحتمل أن تتصدى عناصر المجتمع السياسي في الكويت لمعالجة الأوضاع الاقتصادية على أسس جادة وموضوعية؟ صحيح أن التوقعات أن ينشغل مجلس الأمة في جلساته المقبلة بموضوع الإيداعات المليونية، وهو موضوع يستحق الاهتمام وتطوير قوانين البلاد وأنظمتها لمواجهة الفساد وآثاره المدمرة في المجتمع، ولكن هناك قضايا اقتصادية وتنموية تستحق المعالجة والمتابعة.
كما هو معلوم ان أوضاع القطاع الخاص ليست سارة، ومنذ بداية الأزمة الاقتصادية العالمية في الربع الأخير من عام 2008، اتضحت التزامات على العديد من الشركات ليس من المحتمل أن يتم تجاوزها بسهولة ويسر. كما أن قيم الأصول والأسهم المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية قد تراجعت بشكل ملحوظ، مما أفقد الكثير من المتعاملين أو المستثمرين، خصوصاً صغارهم، جزءاً مهماً من توظيفاتهم في هذا السوق المالي.
ولا تزال القيمة السوقية في تراجع مستمر، ويؤكد ذلك تراجع مؤشري السوق، السعري والوزني، إلى مستويات غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة.
وإذا كان المطلوب أن يتولى القطاع الخاص مسؤوليات استثماراته ويتحمل مخاطرها، فإن المطلوب من الحكومة ومجلس الأمة توفير القوانين والأنظمة الملائمة لدعم أعمال هذا القطاع وتطوير أنظمة العمل في مختلف المجالات، بما في ذلك سوق الكويت للأوراق المالية. صحيح أن حزمة من القوانين المهمة التي اعتمدت من قبل مجلس الأمة خلال سنوات العقد الماضي، مثل قانون الاستثمار الأجنبي المباشر، وقانون التخصيص، وقانون هيئة أسواق المال، إلا أن تفعيل هذه القوانين الأساسية لم يتم نتيجة للتدخلات السياسية وعقم أنظمة البيروقراطية في البلاد.
يتعين على مجلس الأمة ومجلس الوزراء تخصيص الوقت اللازم للتمعن في أوضاع البلاد الاقتصادية وكيفية الاستفادة من إمكانات القطاع الخاص الإدارية والمالية. لقد وضع قانون الاستقرار المالي لمساعدة الشركات ودعمها، إلا أن الاستفادة من آليات القانون كانت متواضعة. لقد كان أجدى لو تم إلزام الشركات ومساهميها أن يواجهوا متطلبات استمرار الشركات وتجاوز عثراتها وتصفية تلك التي لا جدوى من بقائها. ونظراً لعدم الحسم، فإن الكثير من الشركات لا تزال مدرجة في السوق، بالرغم من عدم تقديمها البيانات المالية في الأوقات المحددة، وعدم تولي المساهمين مسؤولياتهم في تحديد مصيرها. وكما هو معلوم، فإن هناك أموالاً مهمة وظفها صغار المستثمرين في هذه الشركات وهم ما زالوا يحلمون بتحسن أوضاعها في المستقبل القريب واستعادة أموالهم، أو على الأقل جزء معقول منها.
يجب أن تتولى السلطات المختصة، سواء في بنك الكويت المركزي أو هيئة أسواق المال ووزارة التجارة والصناعة، مسألة معالجة هذه الأوضاع وتوضيح الحقائق لجميع المستثمرين.
من جانب آخر، يتعين على السلطات السياسية أن تؤكد أهمية تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإعادة النظر في البرامج والمشاريع التي أقرت بموجب خطة 2010/2011 - 2013 / 2014، والتأكد من جدوى كل مشروع وبرنامج وتحديد القدرات المالية لكلا القطاعين العام والخاص في إنجاز أي من هذه المشاريع والبرامج وعلى أسس واقعية، تأخذ بنظر الاعتبار الإمكانات التنفيذية والاستيعابية في البلاد. لا يكفي أن تكون الدولة غنية وتتمتع بموارد سيادية جزيلة، بل المطلوب هو توظيف هذه الموارد على أسس ناجعة.
إن لم يكن أول إهتمامهم ... مادام في الوقت متسع ...فسوف يعانون عندما يداهمهم الوقت .