الرئيس السوري "بشار الأسد" يكرر اليوم الأخطاء الفادحة التي سبق أن أطاحت بأسلافه "زين العابدين ومبارك والقذافي". في مقابلة مع صحيفة "صنداي تلغراف" البريطانية الأسبوع الماضي، هدد "بشار الأسد" العالم بأن: "التدخل الغربي في الشأن السوري سيؤدي إلى زلزال من شأنه أن يحرق المنطقة بأسرها". وكما نعت "العقيد" شعبه الليبي بالهلوسة ووصفهم بالجرذان، اتهم "الرئيس" شعبه السوري بممارسة الإرهاب وقتل الاأبرياء.
على قناة التلفزيون الروسية الأولى قبل أسبوعين اعترف "بشار الأسد" بأن: "قواته الأمنية لا تستهدف سوى الإرهابيين"، وأن أحداث سورية هي: "صراع بين الإسلاميين والقوميين العرب"، وأن: "سورية تختلف كل الاختلاف عن مصر وتونس واليمن".
تكرار الأخطاء الفادحة أصبح سمة فاضحة بين بعض الزعماء العرب. تجاهلهم لمشاكل بلادهم المزمنة وإصرارهم على قمع شعوبهم وتعنتهم في رفض نصائح رفاق طريقهم، أدى إلى تفاقم مواقفهم الخاطئة لقناعتهم بنظرية المؤامرة المحاكة ضدهم.
من البديهي أن أهم أسباب اندلاع ثورات تونس ومصر وليبيا وانتشار عدوى الربيع العربي في سورية واليمن تنحصر في اتساع الفجوة العميقة بين الأغنياء والفقراء في هذه البلدان.
في الوقت الذي تشكل نسبة الأغنياء في مصر 4%، إلا أنها تسيطر على 90% من الاقتصاد المصري، وفي تونس 3% تسيطر على 77% من الاقتصاد التونسي، وفي ليبيا واليمن انخفضت النسبة إلى 1% لتسيطر على 90% من الاقتصاد الليبي واليمني، وفي سورية انحصرت نسبة الأغنياء في 2% من عدد السكان لتسيطر على 83% من الاقتصاد السوري.
هذا الخلل في المجتمع الاقتصادي العربي يتزامن مع تراجع مراتب كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية في المؤشرات العالمية إلى أدنى مستوياتها. من ضمن 193 دولة، تدحرجت دولة "العقيد" إلى المرتبة 56 في تنمية الموارد البشرية، والمرتبة 61 في تنمية الموارد المائية، والمرتبة 88 في عدد الأطباء لكل 1000 نسمة، والمرتبة 177 في مبالغ الصرف على التعليم كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما صعدت للمرتبة 3 في جرائم الحرب، والمرتبة 4 بين دول العالم في حوادث الطرق القاتلة، والمرتبة 75 في مؤشر حرية الصحافة، والمرتبة 96 في تعاطي شعبها للمخدرات وحبوب "الهلوسة".
وفي مصر، التي كان اقتصادها يساوي 20 ضعف نظيره الكوري الجنوبي قبل 30 عاماً، انحدر مستواه خلال حكم الحزب الوطني إلى ربع نظيره الكوري. لدى وفاة "السادات" كانت مصر تنتج معظم احتياجاتها من القمح والأرز واللحوم والدواجن والألبان بالإضافة إلى 37% من أفخر أنواع القطن في العالم الذي كان يطلق عليه اسم "طويل التيلة". واليوم تستورد مصر 76% من احتياجاتها في القمح و56% من اللحوم والدواجن والألبان و86% من احتياجاتها القطنية المصنوعة في المصانع الأجنبية. كما فاق الدين العام في مصر 1080 مليار جنيه ليعادل 90% من الناتج الإجمالي المصري، ولترتفع نسبة الفقر المدقع إلى 22% على مستوى الجمهورية المصرية.
وفي سورية، لجأت الحكومة قبل 3 سنوات إلى تطبيق سياسة التقشف وتقليص الدعم الموجه للطعام والوقود، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسب غير مسبوقة. كما أثار القحط الذي بدأ عام 2006م حالة من الإحباط في صفوف القطاع الزراعي ودفع بحوالي مليوني نسمة للنزوح من الأرياف إلى المدن لتفادي البطالة.
أما قطاع السياحة السوري، الذي يشكل 12% من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر 11% من الوظائف ويدُّر 8 مليارات دولار سنوياً، فلقد كان الأكثر تأثراً من سياسة التقشف الحكومية. من نتائجها المتوقعة، بدأت الفنادق والمنتجعات السياحية في إغلاق أبوابها ولجأت الوفود السياحية إلى إلغاء حجوزاتها، مما أدى لانخفاض دخل الفنادق السنوي بنسبة 75% وتراجع عدد المشاريع السياحية السورية بنسبة 50%.
ونظراً لتوقع فقدان استثمارات أجنبية في مختلف القطاعات الخدمية السورية بقيمة 55 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، وانخفاض معدل الواردات بنسبة 60%، تراجعت قيمة العملة السورية بنسبة 17% مقابل الدولار، وبدأ القطاع الخاص السوري، الذي يمثل 70% من الناتج المحلي الإجمالي بالانكماش بنسبة 3% سنوياً.
في بداية العام الجاري دخل الاقتصاد السوري في مرحلة الغيبوبة وبدأت سلسلة الاحتجاجات ضد النظام، ومنذ 5 أشهر باتت معظم القطاعات المالية والمصرفية غير قادرة على الاستمرار لتدهور الحركة الاقتصادية بنسبة فاقت 50%، مما أدى لهروب ما يقرب من 23 مليار دولار أميركي إلى لبنان منذ اندلاع الثورة.
من مآثر الحكومة السورية المعاصرة تمتعها بذاكرة ضعيفة وعزيمة محبطة وحجة واهية، أدت جميعها إلى قناعتها المتناهية بنظرية المؤامرة المحاكة ضدها. لذا أصبح هدفها المعلن وأملها الطموح اكتشاف مدبّر هذه المؤامرة والتنازع على تصفيته بافتراش الشوارع وإطلاق الشعارات وتأجيج النزاعات والانسحاب من الاتفاقات.
يجب أن تعترف الزعامة السورية بأنها تعيش اليوم هموم تراجع قدراتها الذاتية، لإخفاقها في توفير الحلول الحاسمة لمشاكلها المزمنة، وأن فشلها الذريع في إدارة كوارثها الاقتصادية واستسلامها أمام مغامراتها السياسية، يساهمان بشكل كبير في "زلزلة" مجتمعها السوري وجرفه بخطوات متسارعة تجاه الهاوية.
على الزعيم السوري أن يقتنع بأن "الزلزال" الذي يتوقعه قد بدأ فعلاً في زعزعة عقر داره نتيجة تهالك اقتصاد بلاده وتعنته في إصلاح أوضاع مجتمعه وانجرافه وراء تحالفاته الإيرانية، التي رفعت نسبة المخاطرة في علاقاته الدولية وخلقت أزمة من الثقة مع أشقائه.
أولآ يزلزل الجولان بعدها يفكر فى الاخرين #
رائع اخي فواز العلمي ... كلامك ممتاز ... لكن هذا الطاغية لن يتراجع مثله مثل باقي الاغبياء الخمسة <<< المجرم القرادفي - الغبي صالح - المعتوه مبارك - زي الهاربين ليتك تحط في جدول كل المؤشرات الاقتصادية و الاجتماعية قبيل ثورة الياسمين ( اول يناير 2011 ) التونسية لكافة الدول الخمس حتى نضع تصور منطقي لتسلسل الاحداث في الدول الخمس شكرا لك
مشكلة النظام السوري انه لايفهم ان مجرد بقائه, غير مرغوب فيه, وليس فقط من شعبه, بل من دول كثيره. لذا مهما عمل او سيعمل , لكن يعطيه الشفاعه بالبقاء, فالافضل له ولشعبه ان يرتب تركه للحكم. اما كون ان رغبة الشعب في الحاكم او مدى قوة الوضع الاقتصادي هما الفيصل في التغيير, فذلك ما يحتاج الى اعادة التمعن, والا فالوضع في البحرين وفي المغرب وفي الاردن, ليس بأفضل حالا من تونس ومن سوريا.
انا اتفق مع نابغة .... موضوع التغيير في سوريا ليس له علاقة بالموضوع الاقتصادي وانما لعدم رغبة بعض الدول الاقليمية والعالمية برؤية هذا النظام في الحكم بسبب علاقاته المضرة بمصالحهم ..... لاحظ الحماس العالمي والعربي (التابع) لتغيير النظام الحاكم في سوريا لكن هذا الحماس يخف في حالة اليمن وينعدم تقريبا في البحرين والاردن وغيرهم!!!