جاء بالمادة العلمية لدورة إدارة المخاطر التشغيلية و الخاصة بالمجموعة الإستشارية لمساعدة الفقراء - سيجاب ( و هي دورة تدريبية من سبعة دورات الهدف منها تنمية مهارات ممارسي صناعة التمويل الأصغر و قد تمت ترجمة هذه المادة بمبادرة من شبكة التمويل الأصغر في البلدان العربية – سنابل وتمويل من مؤسسة روكديل ) تعريف للمراجعة الداخلية مفادة أن المراجعة الداخلية هى فحص نظامي ومستقل للعمليات والضوابط داخل المنظمة أي أنها عملية تنظيمية للتأكد من أن الإجراءات والسياسات التي تم إرساؤها متبعة فعلا و من أكثر التعريفات المقبولة والمتعارف عليها هو آخر تعريف قدمة مجمع المراجعين و المحاسبين الداخليين بالوليات المتحدة الأمريكية مفادة ان المراجعة الداخلية هي نشاط تقييمي مستقل خلال تنظيم معين يهدف إلى مراجعة العمليات المحاسبية والمالية وغيرها وذلك كأساس لخدمة الإدارة ، و التعريف الأمثل من وجهة نظري و أنا ممارس للمراجعة الداخلية في مؤسسة للتمويل الأصغر من أكبر مؤسسات الشرق الأوسط لمدة تقارب من عشرة سنوات أن المراجعة الداخلية في مؤسسات التمويل الأصغر هي (( عملية منظمة محايدة مستقلة تقيمية و تحليلية لممارسات النشاط للتأكد من أن السياسات الموضوعة مناسبة و متبعة ، الهدف منها مد الإدارة برؤية حقيقية للأحداث و توصي بحلول لما تواجهه المؤسسة من مخاطر حالية أو مستقبلية )) .
و سوف نتناول أولاً الحديث عن مقومات إنجاح المراجعة الداخلية في مؤسسات التمويل الأصغر ، فمن أهم تلك المقومات وجود رقابة داخلية قوية في المؤسسة حيث يجب أن تكون السياسات و الإجراءات المرغوب إتباعها من قبل الإدارة مكتوبة و معروضة بمفهوم بسيط و قابلة للتنفيذ و موصلة بشكل جيد للفرد محل التنفيذ و بالتأكيد تكون موضوعة في الأساس للحصول علي أفضل نتائج من الممارسات ، كما تلعب البنية المؤسساتية دور كبير في إنجاح المراجعة الداخلية حيث يجب علي كل فرد من أفراد المؤسسة أن يكون ملماً برؤية و رسالة و هدف المؤسسة و أن يكون ملتزماً بالقيم الجوهرية القيمة و الأخلاقيات المهنية الرفيعة و التي يجب ان تكون جزء من الثقافة المؤسساتية الموجوده في المؤسسة ، و أيضاً دعم الإدارة العليا و تفهمها لطبيعة عمل المراجعة و وضعها للمردودات علي عمل المراجعة الداخلية من الإدارات محل المراجعة في نصابه المهني و المنطقي يعطي إدارة المراجعة الداخلية الحرية التامة في عرض الحقائق كما هي ، كما يجب أن تكون إدارة المراجعة إدارة مستقلة و غير تابعة إدارياً للإدارات التنفيذية فهذا عن حدوثة يعوق عمل المراجعة الداخلية ، و يجب أيضا ًأختيار العناصر المناسبة من الأفراد لإتمام أعمال المراجعة و التدريب المهني المؤهل لهم للقيام بتلك الأعمال و توفير جميع الأدوات اللازمة لإتمامها .
بعد عرض بعض مقومات إنجاح المراجعة الداخلية في مؤسسات التمويل الأصغر سوف نناقش أهمية المراجعة الداخلية في مؤسسات التمويل الأصغر و هل يمكن الإستعاضة عنها بالمراجعة الخارجية ؟ و لسوف أجيب علي هذا السؤال بأن المراجعة الداخلية في مؤسسات التمويل الأصغر هي الجهة الوحيده القادره علي الإبصار بعين مستقلة علي أغلب ما يدور في المؤسسة من عمليات و تحليل الأحداث بالقدر الحقيقي و المنطقي دون مغالاه أو تقليل بما يتماشى مع المنصوص علية من سياسات و ترتيب المتغيرات أو التجاوزات التي تحدث حسب وزنها النسبي حيث ان المراجعة الداخلية جزء من بيئة المؤسسة و لديها معرفة تامة بالسياسات و الإجراءات المنصوص عليها و لها القدرة علي أن تكون علي دراية كاملة بالأحداث الجارية و كذلك هي الجهة المحايدة القادرة علي مد الإدارة العليا بالمعلومات الحقيقية في الوقت المناسب لإتخاذ القرارات السليمة و التي تؤثر تأثير مباشر علي سريان العمليات كما ان وجود المراجعة الداخلية بشكل مستمر في المؤسسة يعطيها الفرصة لمتباعة جزء كبير جداً من العمليات و هذا لا يتوفر للمراجع الخارجي و بالطبع هذا من الناحية العملياتيه فمثلاً المؤسسة التي تمثل محفظتها النشطة 100 ألف عميل فكم عميل تستطيع المراجعة الخارجية زيارتة و التأكد من أن سياسات المؤسسة المنصوص عليها متبعة فعلا و لكن المراجعة الداخلية تستطيع زيارة ما لا يقل عن 20 ألف في السنة ( حسب قوة الوظيفية ( عدد الموظفين ) و إذا اعطت للمراجعة الداخلية الفرصة و الأدوات لذلك ) و لذا فإنه لا يمكن علي الإطلاق استعاضة المراجعة الداخلية بالمراجعة الخارجية حيث أنني علي المستوي الشخصي أعتبر المراجعة الخارجية هم أصحاب البدل الشيك و الذين يقومون بزيارات متفرقة للمؤسسة طيلة العام المالي و يهتمون أكثر بالأحداث المالية و المراجعات المحاسبية فهم لا يملكون الوقت و لا القوة الوظيفية ( عدد الموظفين ) لعمل تغطية مقبولة للمراجعات الميدانية .
و في تقديري الشخصي فإن أهم دور تلعبة إدارة المراجعة الداخلية في مؤسسات التمويل الأصغر هو الدور التحليلي للعمليات التي تجريها المؤسسة ليس فقط لإكتشاف الأخطاء التي حدثت أثناء القيام بالعمليات و لكن التنبوء أيضاً بما يمكن أن تتعرض له المؤسسة لأخطار مستقبلية ناتجة عن طريقة مزاولة النشاط و التي لا تخالف السياسات الموضوعة و لكنها يمكن أن تأتي بنتائج غير مرغوب فيها من قبل الإدارة ، كما أن المراجعة الداخلية ليس عليها فقط التأكد من تطبيق السياسات الموضوعة و لكن عليها أيضا التأكد من أن تلك السياسات هي سياسات قابلة للتنفيذ و هي أفضل الممارسات التي يمكن ان توضع و تحكم عملية سريان العمل و إلا فإنه علي المراجعة الداخلية تقديم مقترح للإدارة بتغيير تلك السياسات و توضيح الممارسات التي يمكن أن تأتي بأفضل النتائج ، إن المراجعة الداخلية هي جزء من البيئة الرقابية الموجود في المؤسسة و لكنه الجزء المسئول عن تقييم الرقابة الداخلية في المؤسسة و هذه يجب أن تكون المسئولية الأهم لدي المراجعة الداخلية .
و من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المراجع الداخلي لكي يستطيع تأدية وظيفتة بكفاءة الإستقلالية في التفكير و القدرة علي إستخلاص النتائج و أن يكون لدية مهارة تحليلية بقدر مقبول و يتمتع بمهارات إتصال شفهية أو كتابية قوية و أن يكون سريع البديهه و حاضر الفهم و لبق و أمين لأقصى درجات الأمانه في نقل المعلومة كما يجب علي المراجع الداخلي أن يكون علي دراية تامة بالسياسات و الإجراءات المتبعة لسريان العمل ، كما يجب أن تبني إدارة المراجعة الداخلية علاقة وظيفية مفتوحة مع الإدارات الأخري قائمة علي التعاون و توضيح بأن إدارة المراجعة الداخلية هي إدارة خدمية تكميلية لعمل الإدارات الأخري و توصيل للعاملين بأن الغرض من عمل إدارة المراجعة هو إستكمال لحلقات العمل المترابطة و المتتالية كما يجب علي إدارة المراجعة عدم الإندفاع لمردود الإدارات الأخري و أن تستكفي بإنهاء أعمالها بمجرد الإنتهاء من التقرير النهائي إلا في الحالات التي تطلب فيها الإداره العليا التوضيح .
و مما سبق يتضح جلياً أهمية و دور المراجعة الداخلية في مؤسسات التمويل الأصغر و علية يجب وجود إدارة خاصة بالمراجعة الداخلية في كل مؤسسة من مؤسسات التمويل الأصغر فإدارة المراجعة الداخلية هي بمثابة إشارة المرور التي تعطي اللون الأخضر أو الأحمر للإدارة حول السياسات الموضوعه و طريقة تنفيذها .