حكاية بوردرز - أشهر مكتبة أمريكية

31/10/2011 10
اسلام زوين

إستوقفني كثيراً تصريح السيد / محمد العقيل رئيس مجلس إدارة شركة جرير للتسويق حول ما قد يمثله التطور الالكتروني نحو الكتب الالكترونية من تهديد على مبيعات الكتب قال العقيل “ربما تمثل تهديدا لكنه ليس وشيكا.. لكنه من الواضح أنه سيكون تهديدا محتملا نتيجة تغير (اتجاهات) الجيل الجديد.” ... والأن قد أستحضرني قصة سلسة متاجر بوردرز وهي لمن يرتادها مجموعة من المتاجر المريحة جداً والخاصة ببيع الكتب.

إنه مكان رائع، مفيد ، دافئ ، وثير ، مثير .. يمكنك شراء قهوتك من محلات ستار بكس الشهيرة من ركن خاص بتلك المكتبة ، أنه مكان رائع لكل من يحب أن ينهل من بحور الكتب العذبة

ألمح من بعيد شاب يسمي (جيف) يقع في مكتبه الصاخب بعيداً عني بألوف الكليومترات خطط ببراعة للقضاء علي لحظاتي الممتعة في بوردرز ، ولمن لايعرف (جيف) فهو رئيس مجلس إدارة شركة أمازون ... وهو الان يقف ملوحاً من بعيد بكتابه الالكتروني ذو المخالب الشيطانية المسمي (الكندل) ، فهذا الأخطبوط ببساطة قضي علي المكتبة الرائعة ، قضي علي أفضل اوقات عشاق الكتب في متاجر بوردرز ... كيف؟

لقد تصور رؤساء (بوردرز) أنهم بأمان وبعيداً عن هذا الزحف الشيطاني ، ولقد تركوا اشرعتهم مطوية متصورين أن هبوب عاصفة الكتب الالكترونية مايزال بعيداً ، ولم يعلموا أن أكواد فريق أمازون العنكبوتية تخترق الوديان لتنهش ماتبقي من (بوردرز) ، فلديهم (أمازون) شلالات تماثل حجم شلالات نياجرا من الكتب الالكترونية والتي أستنسخت في غفلة من الزمان كتباً من ورق وأحبار الي شاشة نحيفة خفيفة تزن أطناناً من الكلمات.

لماذا أنهارت (بوردرز) ؟ ... لماذا أغلق 399 فرع وسرح 177 الف موظف ... لأن حملة الاسهم ببساطة لم يستشعروا (نمواً) ... ودعونا نخوض بالتفصيل في رحلة قصيرة مداها سبع أعوام

عام 2003 ، إعتمدت (بوردرز) علي أن (أمازون) تقوم بعمل رائع في قطاع (بعيد) يسمي الأنترنت ، وهذا قطاع ليس من أهتمامات (بوردرز) ، فلقد كان لديهم الرغبة في التوسع العالمي ، ولكن التوسع أحياناً لا يعني الربح ، فهو يتطلب وقتاً ومالاً ومجهوداً ، وفي عام 2007 ، أفقلت (بوردرز) أبوابها في أنجلترا وايرلندا ، في عام 2008 كان الدور علي أستراليا ونيوزلندا البعيدة فأستحوذت شركة تسمي (Red Group) علي فروع بوردرز الشرق الأقصي بما فيها سنغافورة ، وكان السبب أن عمليات البيع اليومية لفروع هذة البلاد هي المورد الرئيس للتشغيل في للعمليات اليومية ، وبمعني آخر فأن إنهيار المبيعات اليومية لأي ظرف ما سيعرض الكيان الي التوقف بالسكتة الدماغية ... لم يكن لديهم أي مصادر للتمويل ، ولم يكن في حسبان (بوردرز) أن أمازن يزحف ويأكل الأخضر واليابس وبسرعة متناهية

مقارنة سريعة بين 2003 وحتي 2010

المصدر ... ويكيبديا

ببساطة كانت الإيرادات تستثمر في مشاريع جديدة في كل الإتجاهات إلا الأنترنت والتكنولوجيا ، وللأسف المشاريع فشلت ومع الأقتصاد المنهار .. تداعي السقف

السؤال.. هل أحمل إصراً علي أمازون ؟ فكما نري هذة مشكلة إدارة (بوردرز) عبر السنين ، وماهي علاقة الإنهيار بأمازون؟

بالطبع الأجابة نعم .... Kendle... من أمازون و Nook من بارنز ونوبل (منافس بوردرز التقليدي) ... بل إشترك أيضاً عشاق بوردرز أنفسهم في الجريمة بأن هجروا الكتب الورقية وشربوا عصيرها من الكتب الألكترونية

ولكن ليس المنافسون ومحبي بوردرز وحدهم هم من قضوا عليها ، بل (بوردرز) أنفسهم كانوا الفاعلين الاساسين ... كيف؟ أدعوك لقراءة القصة القصيرة (الواقعية)

كانت هناك زوجة محبة لـ (بوردرز) ، كانت بوردرز قد إفتتحت متجرها الالكتروني ، وضمن فاعلية عروض شهيرة وصلت تلك الزوجة قسيمة شرائية بخمس دولارات (تخيل فقط 20 ريال) صلاحيتها تنتهي في يوم واحد ، فقامت الزوجة بشراء مجموعة كبيرة من الكتب ولكن الموقع توقف تماماً ، فبوردرز لم يكن يهتمون بموقعهم وتطويره ... إلا أن الزوجة ظلت وفية لهم ... وحاولت أن تعاود الشراء .. فوصلتها رسالة تفيد أنهم بصدد تطوير الموقع لأيام .. وذهبت الخمس دولارات سدى ... وكان من الزوجة أن إشترت كل كتبها من أمازون ، بل وأنتقت الكندل ... ولم تعرف (بوردرز) مرة ثانية ... بالمناسبة إنها زوجة أخي ...

أخيراً ...

نسأل الله العافية وأن يبتعد نموذج (بوردرز) عن بلادنا ومتاجرنا العربية ... ولكن ما أود القول أن بلادنا ليست بعيدة عن أعاصير التكنولوجيا والتطور ، بل أن أبناءنا سيكونوا هم صانعوا تلك الاعاصير