أشار تقرير بنك الكويت الوطني إلى ارتفاع وتيرة النشاط في القطاع العقاري في الكويت خلال الشهور الثلاثة وهي يونيو ويوليو وأغسطس من هذا العام. وبالرغم من انخفاض قيمة المبيعات في شهر أغسطس بمقدار 82 مليون دينار، أو بنسبة 40.7 في المائة عن شهر يوليو، إلا أن التقرير أشار إلى أن إجمالي المبيعات كان مرتفعاً، حيث ان تلك المبيعات تظل أعلى من مستواها في شهر أغسطس 2010 بنسبة 8.4 في المائة. ويظل العقار السكني الأكثر حيوية في السوق من حيث عدد الصفقات، ففي حين كان عدد الصفقات في العقار التجاري واحدا في شهر أغسطس الماضي، كان العدد 74 في العقار الاستثماري و334 في العقار السكني. ولا شك أن تزايد عدد القروض الممنوحة من بنك التسليف والادخار قد عزز من النشاط في مجال العقار السكني. لكن يظل القطاع العقاري محفوفاً بإمكانات الركود، حيث لا يزال العديد من العمارات الحديثة البناء يعاني من انخفاض في نسبة الاشغال، خصوصا في مباني المكاتب، كما يؤكد الكثير من العاملين في ميدان العقار أن الطلب ما زال ضعيفاً على المساحات المخصصة للمكاتب. ويزيد هؤلاء بأن مباني المكاتب القديمة سوف تشهد اشغاراً بسبب انتقال الكثير من المؤسسات والشركات وجهات حكومية عديدة إلى مبان جديدة تتمتع بميزات أفضل ولا تزيد الإيجارات فيها كثيراً عن تلك المباني القديمة.. هل سيؤدي هذا النزوح أو الانتقال إلى قيام أصحاب العمارات التجارية القديمة بتثمينها أو هدمها وإعادة البناء بما قد يؤدي في المستقبل إلى زيادة المعروض من المساحات ومن ثم الضغط على المعدلات الإيجارية للانخفاض ما لم يحدث طلب حقيقي مرتفع على هذه المساحات..؟ ولا تلوح في الافق إمكانات لتحسن الطلب على مساحات المكاتب في ظل المعطيات الاقتصادية القائمة...
لا شك أن العديد من المستثمرين في القطاع العقاري قد استدانوا أموالاً مهمة خلال السنوات الماضية لإنشاء الكثير من المباني، سواء في السكن الاستثماري أو المباني التجارية، ولذلك فإن التزامات هؤلاء المستثمرين تجاه النظام المصرفي تبقى مرتفعة لدرجة مهمة.. لذلك فإن عمليات التوسع في بناء العمارات الاستثمارية والتجارية قد تتباطأ خلال الشهور المقبلة... ويشير تقرير بنك الكويت المركزي لشهر سبتمبر 2011 إلى أن القروض المعتمدة من البنوك للقطاع العقاري في الشهر الماضي لم تزد إلا بنسبة 0.4 في المائة، وهي نسبة متواضعة جدا، يضاف إلى ذلك أن تراجع قيم العقارات يحول دون تقديم ضمانات مناسبة للحصول على القروض.. وربما يتعين على هؤلاء المستثمرين أن يستريحوا حتى يتمكن السوق من استيعاب الفائض من المساحات وتتمكن الشركات ورجال الأعمال العاملون في القطاع من مواجهة أقساط القروض وخدمة الديون... ولم يتضح حتى الآن تأثير تخصيص الهيئة العامة للاستثمار مبلغ مليار دينار لاقتناء اصول عقارية وهو مبلغ يهدف إلى تعويم القطاع وتمكين المستثمرين من مواجهة التزاماتهم تجاه النظام المصرفي.. مهما يكن من أمر فإن كافة البيانات والتقارير تؤكد أن قطاع العقار، السكن الاستثماري والمكاتب والمتاجر سيظل يواجه أزمة طلب في المدى المنظور ولا بد من خفض معدل النمو في العرض حتى لا تتزايد الضغوط على القيم ومعدلات الإيجار.