حل أزمة اليونان وقطاع مصرفي منكمش .. ماذا بعد؟

05/10/2011 2
صلاح الدين خاشقجي

انتهت اجتماعات وزراء مالية منطقة اليورو يوم أمس إلى أن اليونان لن تتخلف عن السداد ولن تخرج من منطقة اليورو. ولكن مع ذلك فإنها لم توافق على إعطاء اليونان الدفعة الثانية من حزمة الإنقاذ والتي تبلغ 8 مليارات يورو. فاليونان لم تتمكن من الالتزام بهدف عجز الميزانية الذي حددته الترويكا الأوروبية عند 7.6% من إجمالي الناتج المحلي، إنما جاء عند 8.5% بسبب انكماش أكبر من المتوقع في موازنتها العامة للعام المقبل. هذه الأخبار تشكل خليطا من التفاؤل والتشاؤم حول مستقبل منطقة اليورو، ولكن يكفي أن نعرف أن لدى حكومة اليونان ما يكفي من المال حتى منتصف نوفمبر لنعرف أن الوقت مازال في صالح المجموعة الأوروبية. فالدفعة الثانية سيتم إقرارها إما في اجتماع الترويكا الخاص يوم 13 أكتوبر (وهي مكونة من المفوضية الأوروبية وصندوق الإنقاذ الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي)، أو في 18 أكتوبر وهو موعد انعقاد القمة الأوروبية، والتي يتم التجهيز لها باجتماع مصغر ما بين ميركل وساركوزي في 9 أكتوبر.

الأزمة اليونانية لها شقين، الأول هو اليونان المثقلة بالديون والغير قادرة على دفع عجلة النمو في اقتصادها، والثاني هو البنوك الأوروبية المنكشفة بشكل كبير على الديون اليونانية السيادية. الجديد الذي تمخض عنه اجتماع الأمس هو اتجاه منطقة اليورو لتحميل القطاع المصرفي جزءا من تكاليف الأزمة. فبعيد الإعلان عن هذا الاتجاه قام البنك الألماني دويتشه بانك بالإعلان عن أنه لن يتمكن من تحقيق أهدافه لأرباح هذا العام بسبب شطبه لنحو 250 مليون يورو من الديون اليونانية. قيام بنك ألماني بهذه الخطوة تأكيد على عزم وزراء المالية المضي قدما بهذا الاتجاه. وهذا يعني أن الصناعة المصرفية الأوروبية خصوصا، والعالمية عموما لن تعود إلى سابق عهدها من نمو في الأرباح بأرقام مرتفعه تتجاوز 10%، خصوصا مع الإلتزامات الجديدة التي تفرضها بازل 3 على المصارف. فالتقديرات الأولية تشير إلى أن على البنوك الأوروبية وحدها أن تزيد رؤوس أموالها بنحو 500 مليار يورو.

على الجانب الآخر من الأطلسي، نجد الصورة مشرقة إلى حد ما. فتصريحات برنانكي في استجوابه لدى الكونجرس الأمريكي طمأنت الأسواق إلى أن الاحتياطي الفيدرالي يعمل على الحد من آثار أي تخلف عن السداد من جهة اليونان. بالإضافة إلى ذلك، فقد أشار إلى أن أداء الاقتصاد الأمريكي وإن كان أقل من المتوقع فإنه بعيد عن الدخول في ركود جديد. أما فيما يخص المخاوف من التضخم، فقد قلل من أهميتها مشيرا أن على الاقتصاد الأمريكي التركيز على خفض معدل البطالة للعودة إلى العمل بطاقته الكاملة. ولكنه من جهة أخرى ألقى الكرة في ملعب الساسة الأمريكيين قائلا أن السياسة النقدية لا يمكنها أن تحل كل المشاكل، ولكنه (الاحتياطي الفيدرالي) مستعد للتدخل لخفض معدل البطالة بالإجراء اللازم، ولم يرفع خطة التخفيف الكمي الثالثة من على الطاولة.

الأسواق تفاعلت مع هذه الأخبار بشكل إيجابي في أمريكا، وبتردد شديد في أوروبا. ولكن اليورو استعاد بعضا من قوته أمام الدولار بنهاية تداولات يوم أمس وصولا إلى 1.33 دولارا. قد يأتي الحل من اجتماع المركزي الأوروبي المرتقب يوم الخميس المقبل بإعلانه خفض سعر الفائدة. ولكن المشكلة التي مازالت تتبلور ولم تتفاعل معها الأسواق حتى الآن هو احتمال تراجع الاقتصاد الصيني، الذي أعطت بعض مؤشراته قراءات متباينة حول الأداء الصناعي بالإضافة إلى تراجع الصادرات. ففي حال حدوث ذلك، قد تكون هي القشة التي تقصم ظهر البعير.