الأسبوع الماضي كان أمريكيا بكافة المقاييس، على الرغم من أن أسواق الأسهم لم تعكس ذلك كونه آخر أسبوع في الربع الثالث. ولكن هذا الأثر بدا واضحا على الدولار الذي حقق بعض المكاسب أمام العملات الرئيسية بارتفاع مؤشر الدولار القياسي بنحو 0.6%. يعود ذلك إلى تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية بدءا من نمو الناتج المحلي للنصف الأول بنسبة 1.3%، وارتفاع ثقة المستهلكين في مؤشر بوسطن. على الجانب الآخر من الأطلسي فإن الأوضاع لم بقيت كما هي عليه دون تقدم حقيقي لحل أزمة ديون اليونان، بل إن مؤشرات النمو في أقوى اقتصاديات منطقة اليورو، ألمانيا، جاءت مخيبة للآمال. بالإضافة إلى تدخل الحكومة الإسبانية لإنقاذ 3 من مصارفها لفشلها في توفير رأس المال الكافي لمقابلة المخاطر والذي حددته بنسبة 8% من حقوق المساهمين الرئيسية.
المشكلة التي اعترف بها كلا الطرفين هي التضخم. فعدم قيام الاحتياطي الفيدرالي بعملية تسهيل كمي ثالثة كان سببه الرئيسي ارتفاع معدل التضخم إلى 3.8% بنهاية شهر أغسطس. أما في أوروبا فقد فاق التضخم التوقعات التي كانت تضعه عند 2.5% ليصل إلى 3%. هذا الارتفاع يحد من قدرة البنك المركزي الأوروبية على المناورة بتخفيض سعر الفائدة. فهذا الحل المؤقت كان مطروحا ليتمكن من توفير السيولة للمصارف الأوروبية حتى ينتهي الساسة من حل مشاكلهم والاتفاق على شكل صندوق الإنقاذ الأوروبي. وأتمنى أن تدفع هذه المؤشرات السلبية الساسة الأوروبيين على الإسراع في عملية إعادة هيكلة منطقة اليورو للخروج من النفق المظلم الذي يمر به الاقتصاد العالمي.
ما يعقد الوضع بشكل أكبر هو ضرورة بقاء منطقة اليورو من أي حادثة تخلف عن السداد لكي لا تبدأ سلسلة من التبعات تطال البنوك الأوروبية بداية والعالمية تباعا والنظام المصرفي العالمي، قد تؤدي إلى دخول العالم في كساد جديد. الحل الوحيد لمحاربة التضخم في منطقة اليورو هو رفع قيمته، ولكن هذا يمكن أن يؤثر على الأداء الاقتصادي سلبا.إضافة إلى ذلك فإن تكلفة دعم اليورو لن تكون بسيطة ومن الأولى توجيهها لحل مشكلة الديون في الأساس.
يبقى الحل إذن في يد الاقتصاد الأمريكي. فمجرد الإعلان عن تسهيل كمي جديد سيخفض الدولار داعما بذلك سياسة الدولار الضعيف. ولكن في نفس الوقت فإن العائد الحقيقي على السندات طويلة الأجل في هذا الوقت يبقى سالبا كون العائد عليها لا يتعدى 2% في حين أن التضخم يفوق هذه النسبة بأكثر من 1.8%. ولذلك لم يبد الاحتياطي الفيدرالي متحمسا لطبع المزيد من الدولارات حتى لا تتفاقم مشكلة هذا العائد السلبي. يبقى العامل الأخير في معادلة التضخم وهو أسعار النفط المرتفعة. فارتفاع التضخم إجمالا كان سببه الزيادة في أسعار النفط. فهل من الممكن أن نرى تدخلا من وكالة الطاقة الدولية بضخ بعض من إحتياطياتها النفطية لإجبار أسعار النفط على الانخفاض؟ قد يكون ذلك ممكنا على الرغم من تأكيد الوكالة لمنظمة أوبك عدم لجوءها إلى هذا الأسلوب في المستقبل القريب، وعدم خضوع الوكالة لصناع السياسة المالية على جانبي الأطلسي.
الكاتب العزيز فى الظروف الصعبة مثل التى تمر بها الاقتصاديات العالمية هذه الايام فأن النمو هو مايجب التركيز عليه وليس التضخم لان محاولة كبح جماح التضخمفى ظل غياب النمو معناه مضاعفة حجم الكارثة المتوقعة