لماذا خسر الذهب 100$ في يوم واحد؟

25/09/2011 9
صلاح الدين خاشقجي

في أسبوع حافل باجتماعات وتصريحات صناع القرار سياسيين كانوا أم اقتصاديين، انتهت تعاملات يوم الجمعة على انخفاض حاد في سعر أونصة الذهب وصل إلى -5.6% آخذة سعره إلى ما يقارب 1640 دولار للأونصة. اعتدنا في الآونة الأخيرة على علاقة عكسية بين أسعار السلع والدولار. فكلما انخفض سعر الدولار أصبحت السلع أرخص وبالتالي تميل إلى الارتفاع، والعكس صحيح. ولكن علاقة الذهب بالدولار دائما ما كانت تسير في نفس الاتجاه، باعتبارهما الملاذ الآمن في أوقات الأزمات.

بعد تصريحات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بأنه لن يقوم بطبع المزيد من الدولارات وإنما سيقوم باستبدال مخزونه من السندات قصيرة الأجل لتخفيض أسعار الفائدة طويلة الأجل، أعطت هذه التصريحات الدولار دفعة قوية أمام باقي العملات. الأمر الذي يمكن ملاحظته في مؤشر الدولار أمام سلة من العملات الرئيسية، والذي كان يقبع عند 76.8 قبيل تصريح برنانكي، وارتفع إلى 78.8 بعد التصريح، واستقر عند 78.3 بنهاية تداولات الجمعة. بحكم العلاقة بين الذهب والدولار فمن المتوقع أن يرتفع الذهب أيضا، ولكنه خالف الاتجاه هذه المرة.

فارتفاع الدولار لم يأت من مخاوف جديدة على الاقتصاد العالمي، فالاقتصاديون والساسة يدأبون في كل اجتماع، بدءا من اجتماع وزراء مالية وحكام مصارف مجموعة دول العشرين واجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، على التأكيد على دعمهم للنظام المصرفي والاقتصاد العالمي ومحاولة إيجاد حل للأزمة الأوروبية.

ارتفاع الدولار وراءه التغيير في السياسات المالية والاقتصادية التي طرأت على الولايات المتحدة. فقد أدت صفعة S&P من تخفيض لتقييم الدين السيادي الأمريكي لاستفاقة قد تكون شاملة. وبدأت معالم هذه التغيرات في الظهور منذ إعلان برنانكي وما تبعه من خطة الحوافز التي طرحها أوباما لتخفيض البطالة، وخطة خفض الدين العام والتي تمول عن طريق رفع الضرائب على الأثرياء الأمريكيين. بمعنى آخر، هذه التحركات التي حصلت في الاقتصاد الأمريكي أعطت للمستثمرين بصيص أمل في خروج الاقتصاد الأمريكي والعالمي من النفق المظلم.

وكما هو معروف، فلكل سلعة أو سهم أو أداة مالية مستثمرين ومضاربين. والمضاربين على أسعار الذهب هم الذين كانوا يحققون القمة تلو الأخرى مخترقين حاجز 1900 دولار. أما المستثمرين القلقين، فهم من كانوا يؤمنوا القاعدة لعدم كسر الدعم مع كل ارتفاع جديد. ولكن مع انخفاض المخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي سنجد أن المستثمرين يخرجون من الذهب إلى أدوات مالية أخرى تعطي عوائد ثابتة. ولنا مثال في ذلك وهو بيع جورج سورس مضارب العملات الشهير ما يقارب 800 مليون دولار من الذهب في الربع الأول. فهو لم يقم بذلك إلا لقراءته المؤشرات الاقتصادية في ذلك الوقت بشكل مختلف عن السوق.