نظرية القطيع أو (سلوك القطيع)

17/09/2011 34
جواهر

ما هي نظرية القطيع ؟ ومن أطلق عليها هذا المسمى؟ نظرية القطيع أو ( نظرية سلوك القطيع)/ سلوك القطيع(herd behavior) هو مصطلح يطلق على سلوك الشخص في الجماعة عندما يقوم بالتصرف بسلوك الجماعة التي ينتمي لها دون تفكير أو تخطيط. هذا المصطلح في الأساس يطلق على تصرف الحيوانات في القطيع أو السرب من الطيور خصوصاً عندما تستشعر بالخطر. إن سلوك الناس في الحروب وفي المظاهرات وعند الشعور بالخطر وفي سوق الأسهم هي أمثلة عن سلوك القطيع.

أول من أطلق هذا المسمى على هذا السلوك وصاغه كنظرية فلسفية علمية هو عالم الأحياء هاملتون وذكر فيها إن كل عضو في مجموعة ما يخدم نفسه بالدرجة الأولى حيث يقلل الخطر عن نفسه بالدخول مع الجماعة والسلوك بسلوكهم هكذا يظهر القطيع بمظهر الوحدة الواحدة .حيث يتبع الفرد الأضعف أو الأقل نفوذاً أو مالاً من هم أقوى منه وأشد نفوذاً ولنا في السياسة والسياسيين والفن والفنانين أكبر مثال ..

وبالرغم من أن هذه النظرية مستحدثة إلا أنها موجودة في الطبيعة البشرية التي خلقها الله سبحانه وتعالى .. فالقرآن الكريم زاخر بالآيات الدالة على سلوك القطيع فنقرأ كثيراً (لكن أكثر الناس لا يعلمون) فقد دعا الإسلام لتحرير العقول وترك التبعية وإلى عمق التفكير واستقلالية القرار. (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون) تسعة فقط بيدهم القيادة والنفوذ (سياسيون) يسوقون القطيع والقطيع يصفق خلفهم .. والأمثلة كثيرة ابحثوا عنها ..

ومن الأمثلة على سلوك القطيع في تراثنا الزاخر قصة الأحنف بن قيس التميمي حكيم العرب مع يزيد بن معاوية وكان أحد دهاة العرب (( لما كان الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أميراً للمؤمنين دارت بينه وبين يزيد بن معاوية حرب تنازل فيها الحسن عن الخلافة ليزيد فدخل الأحنف بن قيس يبايع يزيداً بالخلافة وكان من أنصار الحسن بن علي وكانت زوجة يزيد تجلس وراء الباب تسمع ما يدور بينهما))

فقال الأحنف ليزيد : اسمع يا يزيد : إن القلوب التي أبغضناك بها لفي صدورنا وإن السيوف التي قاتلناك بها لفي أغمادها وإن تقبل للحرب شبراً أقبلنا لها ذراعاً .. فسكت يزيد " فتعجبت زوجة يزيد من كلامه ! ولما خرج الأحنف بن قيس من مجلس يزيد قالت له : يا أمير المؤمنين لم سكتَ عنه؟ ولماذا لم تقتله ؟ فقال يزيد : ويحك يا إمرأة ألا تعلمين من هذا ؟ قالت : لا " فقال يزيد إنه الأحنف بن قيس التميمي الذي إذا غضب، غضب معه مائة ألف سيف لا يسألونه لماذا غضب …. إن الجملة الأخيرة التي قالها يزيد تمثل سلوك القطيع في النفس البشرية وقد أدرك يزيد بدهائه أن الأحنف قائد للقطيع وأن وراءه مائة ألف رجل يخرجون معه للقتال لا يدرون لماذا خرجوا !! .. أوضح صورة لسلوك القطيع قالتها العرب.

لقد عرفنا نظرية القطيع على أنها نظرية اقتصادية تخص سوق الأسهم ولم نكن نعرفها كنظرية فلسفية نفسية سلوكية .. والحقيقة أن معظمنا لم يعرفها إلا بعد دخوله للسوق"

فسوق الأسهم تتجلى به هذه النظرية بصورة واضحة خصوصاً عند نزول الأسواق أو انهيارها فتدافع الناس للبيع خوفاً من الخسارة وفقدان رؤوس أموالهم هو ما يسمى ببيع القطيع فنرى العروض دون طلبات وربما بالنسب القصوى كذلك التدافع للشراء من غير مبرر هو أيضاً يتبع هذا السلوك فالبيع الجائر والشراء المحموم هو صورة من نظرية القطيع ..

إن تحريك السوق وقيادته بيد أهل النفوذ وأصحاب رؤوس الأموال الضخمة وهم قادة القطيع الذين يسوقونه للبيع أو الشراء أو حتى الهروب من السوق سخروا لهم الإعلام ليقرع طبول الحرب وأبواقها أو يرفع راية الاستسلام ويعلن نهايتها .

إن من يخسر في السوق هم أولئك الذين تحركهم عواطفهم لا عقولهم !!لذلك فتعويد النفس على ضبطها وكبح عواطفها عند الشراء أو البيع يحد من تأثير هذا السلوك على المتداول وكلما كان بيعه وشرائه بطريقة مدروسة فنياً ومالياً وزمنياً كان استثماره ناجحاً وخسائره أقل وقراره حكيماً مقارنة بالشراء أو البيع بطريقة عشوائية .. بالتوفيق