أين نستثمر أموالنا؟ (2 من 2)

14/09/2011 14
محمد العمران

في المقال السابق تحدثت عن حالة القلق والخوف التي تنتاب المستثمرين حول العالم حالياً من الاستثمار في الأصول الاستثمارية ذات المخاطر العالية (ومن أهمها الأسهم) نتيجة لما يحدث في اقتصادات كل من منطقة اليورو والولايات المتحدة مع تزايد احتمالات دخول الاقتصاد العالمي مرحلة ركود اقتصادي وربما كساد اقتصادي. وذكرت أن هذا لا يعني أن الأصول الاستثمارية الخطرة لن تحقق عوائد مجزية مستقبلاً، بل أرى أن الاستثمار فيها سيشكل فرصة ذهبية لتحقيق عوائد عالية قد لا تكرر مرة أخرى لكن هذا لن يتحقق إلا باتباع استراتيجيات محددة للاستثمار سنناقشها على عجالة فيما يلي:

فمن حيث المنظور الزمني، أرى أن أكبر خطأ يرتكبه المستثمرون في هذه المرحلة الحرجة هو الاستثمار طويل الأجل (مع الأسف الشديد أقول هذا الكلام) وأرى أن المستثمر الذكي يجب أن يتحول إلى مستثمر قصير الأجل من خلال شراء أو بيع الأسهم على فترات أسبوعية أو شهرية أو ربع سنوية على أكثر تقدير وسبب ذلك يعود إلى وجود احتمالات كبيرة في أن جميع الأسواق المالية حول العالم ستتذبذب بشكل حاد خلال المرحلة القادمة، وهو ما سيشكل فرصة للاستثمار قصير الأجل على حساب الاستثمار طويل الأجل بشرط المتابعة الدقيقة واتخاذ قرارات مدروسة بعيداً عن المضاربات العشوائية المغلفة بطابع الجهل أو ملاحقة الإشاعات.

أما من حيث نوعية الأصول، فالمستثمر يمكنه اختيار أسهم الشركات ذات الحساسية الضعيفة مع الدورات الاقتصادية أو الشركات التي تعتمد في إيراداتها على الطلب المحلي أو الشركات التي لا تعتمد على الاستيراد والتصدير أو الشركات التي ليس لها استثمارات خارجية وهذا طبيعي في مثل هذه الظروف ويتفق مع توصيات المؤسسات المالية العالمية، إلا أن الفرص الذهبية التي لن تتكرر في رأيي ستتركز في الجهة المقابلة من هذه المعادلة متى ما كان المستثمر محظوظاً بتوفيق الله عز وجل أي أن الفرص ستتركز في أسهم الشركات ذات الحساسية العالية مع الدورات الاقتصادية والشركات التي تعتمد على الطلب الخارجي والشركات التي تعتمد على الاستيراد والتصدير والشركات التي لديها استثمارات خارجية وليس العكس.

من المتوقع أن تتأثر جميع الأسهم مع التذبذبات الحادة للأسواق المالية في حال حدوثها وخصوصا في الدول التي تعاني مديونيات عالية، إلا أن حدة تذبذب الأسهم ستختلف باختلاف طبيعة الشركات من حيث درجة الانكشاف مع الاقتصاد العالمي ومن حيث مستويات التقييم ومن حيث نمو الإيرادات والأرباح ومن حيث المحفزات المستقبلية في حين ستبرز الدول التي ليس عليها ديون (مثل الدول الناشئة والدول الخليجية) كملاذات آمنة لرؤوس الأموال وهي نقاط يجب ألا نغفل عنها. أيضاً، يجب ألا ننسى أهمية الرصيد النقدي في نجاح عملية الاستثمار قصير الأجل حيث إن الشراء والبيع المتدرج والمدروس للأسهم سيلعب دوراً مهماً في تقليل المخاطر وفي تحقيق أعلى العوائد بإذن الله.

بقي أن أشير إلى أن من أكبر الأخطاء التي يقع فيها المستثمرون في أوقات الضبابية وعدم الاستقرار في الأسواق المالية استثمار أموالهم في حاجة ماسة لها أو استثمار أموال من خلال الاقتراض، وأرى أن المستثمر الذكي هو الذي يستثمر أموالا فائضة عن حاجته والذي لا يقترض فقط لأجل الاستثمار، والله ولي التوفيق.