لا تراهنوا على إيرادات النفط

12/09/2011 0
عامر ذياب التميمي

بعد تشكيل لجنة الإصلاح المالي في الكويت تساءل الكثيرون حول جدوى هذه اللجنة وغيرها من لجان لمعالجة الأوضاع الراهنة، وهل فعلاً أن الكويت تواجه مخاطر تراجع إيراداتها النفطية. ويرى هؤلاء وغيرهم أن الأوضاع الاقتصادية في الكويت جيدة مادامت إيرادات الدولة مناسبة وتمكنها من مواجهة التزامات بنود الإنفاق العام.. ثم أن هذه الإيرادات لا يمكن أن تتأثر بقرارات محلية، اللهم إلا إذا قررت الدولة تخفيض الإنتاج وهذا احتمال غير وارد، حيث أن هناك خططاً لزيادة الإنتاج وليس العكس، إيرادات النفط الكويتية، كما يزعم هؤلاء المراقبون، تعتمد على عافية سوق النفط وهو كما يزعمون ما زال قوياً، خصوصاً أن سعر الخام الكويتي يتراوح بين 100 إلى 110 دولارات للبرميل.. وإذا كان سعر التوازن للميزانية كما يذكر عدد من الاقتصاديين يتراوح بين 80 إلى 85 دولاراً للبرميل عند الأخذ بنظر الاعتبار لقيمة الإنفاق العام في البلاد، فإن هؤلاء المراقبين، ذاتهم، لا يرون احتمالات في الأمد القصير، على الأقل خلال السنة المالية 2012/2011 بانخفاضه إلى ذلك المستوى. عندئذ، يعتقد أصحاب الآراء المطروحة آنفاً أن فزاعة انخفاض الإيرادات غير مجدية وأن الاقتصاد العالمي، مهما تراجع أداؤه لن يؤثر كثيراً، أو على الأقل لزمن طويل، في أسعار النفط، وهم يستشهدون بما حدث في أواخر عام 2008 عندما انخفضت من 147 دولاراً أعلى سعر قياسي في منتصف ذلك العام، إلى 35 دولارا للبرميل، لكن ما لبثت الأسعار أن تعافت وعادت إلى الارتفاع التدريجي.

هؤلاء، بطبيعة الحال، لم يأخذوا بنظر الاعتبار لما فعلته منظمة الأوبك وتخفيضها لمستويات الإنتاج في البلدان الأعضاء، ولكنهم يصرون على قوة سوق النفط بفعل عدم وجود منافسة حقيقية للنفط كمصدر للطاقة لاعتبارات التكلفة الاقتصادية.

ما يطرح قد يكون معقولاً في ضوء أوضاع الزمن القصير، ولكن هل يمكن أن يظل سعر النفط متماسكا لزمن طويل في الوقت الذي يطرح المسؤولون في البلدان المستهلكة أهمية ترشيد استهلاك الطاقة والبحث عن بدائل متجددة وصديقة للبيئة، والدراسات والبحوث تسير على قدم وساق. كذلك لو افترضنا أن سوق النفط يظل قوياً، وربما لزمن قادم معقول، هل تعتبر عمليات الإنفاق الجاري، وكذلك الرأسمالي، مواتية لبناء اقتصاد كفوء وقادر على مواجهة كل التحديات في المستقبل؟ لقد أدى الاسترخاء في التعامل مع الأوضاع الاقتصادية وتعطيل عمليات الإصلاح وغياب فلسفة الترشيد إلى شيوع ذهنية متسامحة مع الهدر، وهي ذهنية تبحث عن مبررات لاستمرار الأوضاع القائمة دون معالجات.. ولا شك أن ذلك يعزز بفعل المطالبات الشعبوية لاستمرار الصرف دون مقابل، وكذلك استمرار طرح المشاريع ذات التكاليف العالية والتي لا تتمتع بالجدوى الاقتصادية. ما هو مطلوب هو العودة إلى المنطق في التعامل مع الأوضاع الاقتصادية وعدم الركون إلى أن إيرادات النفط قادرة على الوفاء بالتزامات الإنفاق، حتى لو كان ذلك صحيحاً.