بورصات الخليج والمشتقات المالية

01/08/2009 2
د. قصي الخنيزي

ضمن منافسة البورصات الخليجية والإقليمية لجذب رؤوس الأموال والاستثمارات، أوردت صحيفة "الفاينانشيال تايمز" يوم الإثنين الماضي 27 تموز (يوليو) خبراً مفاده عزم بورصة أبوظبي إطلاق التداول في المشتقات المالية من خلال البدء بالعقود المستقبلية للأسهم والمؤشرات. فالعقود المستقبلية تعد التزامات مالية استثمارية يتم تداولها ومشتقة من أدوات استثمارية أخرى عن طريق صيغة تعاقدية وتعرف بأنها عقد معين لشراء أو بيع سلعة أو أصل مالي (كسهم أو مؤشر مثلاً) في تاريخ محدد مستقبلاً وبسعر مستقبلي محدد.

بمعنى آخر، العقود المستقبلية ليست أصولا مالية في حد ذاتها ولكنها التزامات قانونية تعتمد على الأصل الاستثماري الذي تم بناؤها عليه من حيث الأداء وسعر التداول. فعلى سبيل المثال، عندما يرغب منتج نفط في التقليل من حالة عدم التأكد في أسعار النفط المستقبلية حين يتم بيع كمية معينة من النفط لإحدى المصافي في الوقت الذي ترغب فيه المصفاة من التقليل من احتمالية ارتفاع أسعار النفط، فإن الطرفين قد يقومان بالاتفاق على صيغة عقد مستقبلي يحدد فيه السعر اليوم على أن يتم التسليم بأجل في وقت مستقبلي.

هذا الالتزام التعاقدي من قبل الطرفين يعد تحوطاً من قبل منتج النفط ضد انخفاض أسعار النفط وقت التسليم ويعد تحوطاً من جانب المصفاة ضد ارتفاع أسعار النفط وقت التسليم. ومقارنة بالمشتقات المالية الأخرى كالخيارات، فإن العقود المستقبلية ملزمة لأطراف التعاقد مهما كانت نتيجة الحركة السعرية في السوق. وتستخدم العقود المستقبلية أساساً للتحوط ضد التقلبات السعرية في السلع أو الأصول المرتبطة بالعقود المستقبلية أو للمضاربة بناء على توقعات الحركة السعرية المستقبلية للأصل أو السلعة المرتبطة بالعقد.

وليس استخدام العقود المستقبلية أو المشتقات المالية جديداً على قطاع الأعمال في دول الخليج، حيث يتم توفير منتجات العقود المستقبلية والخيارات كأدوات للتحوط والاستثمار أو المضاربة من قبل البنوك للشركات الكبرى ورجال الأعمال من خلال الأسواق العالمية كلندن ونيويورك وأخيرا مركز دبي المالي العالمي. وعلى الرغم من عدم توافر بيانات كافية عن حجم تعاملات قطاع الأعمال السعودي والخليجي في سوق العقود المستقبلية والمشتقات المالية عالمياً، إلا أن حجم التعاملات من الأرجح أن يكون كبيراً آخذاً في الحسبان حجم التجارة الخارجية الكلية ودرجة التعقيد التي بلغها قطاع الأعمال.

لذا، من المنطقي توقع قيام بورصات دول الخليج بتوفير البنية التحتية التشريعية والتنظيمية والتقنية لإطلاق سوق للعقود المستقبلية والمشتقات تستهدف قطاع الأعمال المحلي وتحافظ على السيولة محلياً مع تحقيق الربح لهذه البورصات والبنوك الاستثمارية المحلية من رسوم التداول وتصميم المشتقات المالية.

وقد صرح توم هيلي المدير التنفيذي لبورصة أبوظبي أن بداية تقديم العقود المستقبلية ستركز على المؤشرات وعلى الأسهم وموضحاً أن المنافسة لبورصة أبوظبي تأتي من لندن وليست من البورصات وأسواق المال الإقليمية في هذا النوع من الأدوات المالية.

حقيقة، قد يكون في تصريح رئيس بورصة أبوظبي التنفيذي شيء من الصحة إذا افترضنا بقاء الحال على ما هو عليه حالياً، أي محدودية تقديم المشتقات المالية وتوفيرها من قبل البورصات الإقليمية مع العلم بأن بورصة الدوحة تعمل على إطلاق المشتقات المالية مع حليفها الاستراتيجي بورصة نيويورك يورونيكست، بينما تعمل سوق دبي المالية وتداول السعودية على التخطيط للدخول في سوق المشتقات المالية وتقديمها كأدوات تعطي قيمة مضافة للسوق المالية.

وأخيراً، تعد السوق السعودية هي الأكبر خليجياً وقطاع الأعمال السعودي هو الأكثر اعتماداً على منتجات التحوط كماً وحجماً لكون استخدام المشتقات المالية يعد انعكاساً لحجم التجارة والتداول في المنتجات المالية والسلع. لذلك، وفي حالة تشابه معطيات سوق المشتقات المالية في دول المجلس وتنظيماتها وبنيتها التحتية التقنية وأنواع المشتقات التي يتم تقديمها للمستثمرين، فمن الأرجح أن تستحوذ السوق السعودية على النصيب والسيولة الأكبر مقارنة بالبورصات الإقليمية، وقد تكون هي الفرصة المواتية لشركات الوساطة والبنوك الاستثمارية لتكوين ميزات تنافسية تعد كطوق النجاة في خضم الظروف الصعبة التي تمر بها.