مع إعلان تداول مؤخراً عن إطلاق سوق المشتقات المالية في تاريخ ٣٠ أغسطس من العام الجاري وبدء التداول في العقود المستقبلية كأول منتج في هذا السوق والتي تعد أحد الحلول الاستثمارية. طبعا مع هذا الإعلان، الكثير بدأ يتساءل ماهي المشتقات المالية؟ وما طريقة عملها؟ وما فكرتها؟ ولماذا نحتاجها؟ والذي يزيد اهتمامنا أيضاً بهذه القنوات الاستثمارية عندما نقرأ كثيراً أن إجمالي قيمة عقود المشتقات المالية في العالم أكبر بكثير من كمية الأموال المتاحة في العالم، ولنعرف السبب ، دعونا نتعمق قليلاً في فهم المشتقات المالية.
عقد في تاريخ مستقبلي
المشتقات المالية هي بكل بساطة عقد بتاريخ تنفيذ مستقبلي ، بحيث أن هناك طرفان يتفقان اليوم على سعر معين وتنفيذ في تاريخ مستقبلي ، بالتالي يتضمن العقد ثلاث محاور أساسية: سعر العقد والكمية وتاريخ العقد. هذا العقد قد يكون على أي نوع من أنواع الأصول باختلاف أنواعها، سواء أسهم أو سندات أو سلع أو مؤشرات أو حتى عملات، والأطراف الذين يدخلون هذا العقد يدخلونه من باب تحقيق المنفعة، المنفعة قد تكون تحقيق ربح ، أو تكون من أجل تقليل المخاطر ( تحوط).
فلو دخلت عقد لشراء أصل ما بسعر معين في المستقبل، لنقل شهراً من الآن ، وفي يوم التنفيذ كان سعر الأصل أعلى من السعر المحدد، أنت بذلك حققت ربح ، بالتالي سعر العقد يتحدد بناء على تغير سعر أصل معين.
سوق المشتقات الحالي كبير جداً ، والأسواق تقدمه بعدة صور ، صحيح أنها غالباً تطبق على الأسهم والسندات والسلع لكن الواقع أنها تطبق على أي شيء له قيمة متحركة.
عقد مُلزم أو اختياري؟
عقود المشتقات المالية قد تكون إلزامية على الطرفين ، بمعنى أن كلا الطرفين ملزمين بالعقد المبرم بينهما وليس لأحدهما الخيار بالانسحاب مثل العقود المستقبلية و العقود الآجلة، أو عقود تكون مُلزمة لطرف واختيارية للطرف الثاني مثل عقود الخيارات، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون العقد اختياري للطرفين.
قيد زمني
بما أن المشتقات المالية عبارة عن عقود، فإن لها تاريخ انتهاء صلاحية. هذا يعني أنه بعد تاريخ معين يصبح العقد عديم القيمة تمامًا، و هذا يختلف عن المفهوم العام للأصول المالية. عادة ما تحتفظ الأصول المالية الأخرى بقيمتها لفترة زمنية طويلة مثل الأسهم والسندات. من ناحية أخرى ، تحتفظ المشتقات بقيمة لفترة زمنية قصيرة للغاية وهذه هي السمة المميزة لها.
التسوية
من الناحية النظرية ، يمكن تسوية عقود المشتقات نقداً أو عينياً بحسب تفاصيل العقد المتداول. إذا كانت تسويه العقد عينياً، هذا يعني أن الشخص الذي ينفذ العقد له الحق في طلب تسليم الأصل الأساسي أو مبلغ من المال يعادل قيمة الأصل الأساسية وقت تنفيذ العقد. وتعد التسوية النقدية هي أكثر أنواع التسوية شيوعاً لعقود المشتقات.
من المهم التنويه هنا على أنه ليس هناك معرفة مباشرة بين البائع والمشتري، ويمكن إغلاق العقد باتخاذ مركز معاكس للمركز المفتوح بمعنى إذا كنت بائع للعقد يجب أن تشتري العقد والعكس صحيح. كما يمكن لأي متداول إغلاق مركزه أو عقده في أي وقت من افتتاح المركز إلى تاريخ انتهاء العقد.
رافعة مالية عالية
ما يميز المشتقات المالية هي الرافعة المالية العالية والتي تصل أحيانا 10 إلى 1 أو 33 إلى 1، بمعنى أن كل 100 ريال مستثمرة في عقود المشتقات المالية تستطيع الدخول في عقد بقيمة 3400 ريال ، وهذا طبعا لا يعني أن كل تداول برافعة مالية يعتبر من عقود المشتقات المالية.
إما ربح أو خسارة
ما يميز عقود المشتقات المالية أنه لا بد من وجود رابح أو خاسر في نهاية العقد أو ما يسمى Zero Sum Game. فلو ارتفع سعر العقد، ربح المشتري وخسر البائع، وإذا انخفض سعر العقد خسر المشتري وربح البائع. بعكس الأسهم على سبيل المثال، فارتفاع سعر السهم سيحقق أرباحاً لجميع الأطراف الذين يملكونه. وبالمثل، انخفاض سعر السهم سيحقق خسائر لجميع الأطراف.
ما هي الحاجة للمشتقات المالية؟
وجود المشتقات المالية مهم جداً للاقتصاديات والأسواق المالية ، سأحاول ذكر أهم أسباب حاجتنا لمثل هذه الأدوات المالية:
- التحوط
تخيل شركة تصنيع سيارات ترغب بإلغاء خطر تذبذب أسعار الحديد والمواد الخام التي يتم استخدامها في التصنيع وبالتالي تثبيت تكلفة الإنتاج بأكبر قدر ممكن ، في هذه الحالة الدخول في عقد مستقبلي وبأسعار محددة من اليوم تساهم بشكل كبير في تقليل خطر تذبذب المواد الخام في تصنيعهم للسيارات. وقس على ذلك أيضا، مديري المحافظ لتقليل مخاطر تذبذب أسعار الأسهم في المحفظة.
- المضاربة
وهذا السبب الثاني للدخول في عقود مستقبلية ، وهو تحقيق ربح من خلال توقع حركة سعر أحد الأصول سواء التوقع بانخفاض سعره أو ارتفاعه .
هذه أهم الأسباب ويوجد غيرها من الأسباب التي ساهمت بوجود سوق كبيرة لعقود المشتقات المالية.
أربع أنواع أساسية لعقود المشتقات المالية
1- العقود الآجلة Forward contracts
العقود الآجلة هي أبسط أنواع عقود المشتقات المالية وأقدمها ، وهي بكل بساطة عقد بين طرفين لبيع أصل في المستقبل و بسعر يتحدد اليوم، وعملية التبادل تكون في المستقبل بالسعر المتفق عليه. وتعتبر عقود مرنة جدا.
كون العقد يكون بين طرفين خارج الأسواق المنظمة، بالتالي وبشكل منطقي هذا يزيد من مخاطر التعثر لأحد الأطراف ، أو ما يعرف بالمخاطر الائتمانية. في هذه العقود يكون كلا الطرفين ملزمين.
مثال على ذلك ، مزارع في أمريكا يتفق مع تاجر سعودي في بيع 100 طن من الذرة للتاجر السعودي والسعر يتحدد اليوم ويتم الاتفاق عليه وقت الدخول في العقد ، وفي تاريخ التسليم يتم التبادل ، بغض النظر عن سعر الطن في يوم التسليم المستقبلي.
2- العقود المستقبلية Futures Contracts
وهي التي سيتم تطبيقها في السوق السعودية ، وفكرتها شبيهة بالعقود الآجلة لكن يكمن الفرق أن الصفقة تكون ضمن سوق منظمة وهذه العقود تكون مواصفاتها موحدة، والوسيط يقوم بعملية تسوية يومياً لإلغاء خطر التعثر. بحيث أن الخاسر يغطي مركزه المالي بشكل يومي عن طريق هامش التباين.
هذه العقود عادة تكون موحدة ويتم تداولها في سوق منظمة. وتكون ملزمة للطرفين.
3- عقود الخيارات Option Contracts
عقود الخيارات تختلف عن العقود المستقبلية والعقود الآجلة ، من اسمها ، يكون أحد الاطراف ملزم والطرف الثاني مخير لممارسة حقه في العقد، بينما المستقبلية والآجلة يكون كلا الطرفين ملزمين بالعقد.
هذ العقد يتيح لمشتري العقد سواء كان عقد شراء أو عقد بيع بممارسة حقه في تاريخ انتهاء العقد ، على سبيل المثال مستثمر في السوق يتوقع أن سهم ما سيرتفع من سعر 100 إلى سعر 120 ريال ، فيقوم بشراء عقد خيار بمقابل مثلا 5 ريال ، في حالة ارتفاع السهم عن سعر 105 سيكون من المجدي أن يمارس حقه بشراء السهم بالسعر المتفق عليه وهو 100 والفارق السعري بين 105 و السعر السوقي عندما يكون أعلى من 105 يمثل ربح للمستثمر.
عقد خيار البيع العكس تماما ، يستخدمه المستثمرون حينما يريدون تخفيض مخاطرهم تجاه انخفاض سعر ورقة مالية ، فهم يدفعون مقابل مالي للحصول على امتياز مؤقت يتيح لهم بيع ورقة مالية بسعر متفق عليه مسبقاً.
4- عقود المبادلة Swap Contracts
وهي أعقد انواع عقود المشتقات المالية وعادة تستخدمها الشركات للتحوط من تذبذب أسعار الفائدة أو تذبذب أسعار العملات ، على سبيل المثال شركة تتبادل مع شركة أخرى سعر فائدة متذبذب ( عائم/ متغير) بسعر فائدة مثبت لتخفيض مخاطر تذبذب أسعار الفائدة ، ويمكن تطبيق ذلك أيضاً على أسعار العملات خصوصا للشركات التي تحصل على أموالها بعدة عملات و ترغب بتثبيت سعر التدفقات النقدية بالعملات الأجنبية مقابل العملة المحلية والتي تستخدمها في قوائمها المالية.
شكرا أخ عصام. تفصيل جميل لكن ما هي نظرة الشرع الى تداول المشتقات المالية بأنواعها؟
يعطيك العافية شرح وافى والاهم من ذلك توقيت المقال شكرا لك
اللي يجب يشتري الهواء يتاجر في المشتقات المالية ؟ هذا ما تصلح الا في حالة واحد في سوق السلع او الاسهم الامريكية في اوقات معينية فقط (اذا عرفت حدوث ازمة بدقة ) غيرها ستكون خسران لانهم مصممة فقط للازمات وليس للاتجاهات 95% من المشتقات المالية تخسر و اللي يربح5% في اوقات الازمات وقت قصير