ضحايا التيسير الكمي

09/06/2011 24
عبدالله الجعيثن

(شيك بدون رصيد) هذا هو التيسير الكمي الذي أعطوه اسماً لطيفاً يذكرنا بالعرب القدماء حين يسمون (اللديغ) بالسليم، والصحراء المهلكة بالمفازة، تيمناً وطرداً للخوف تماماً كما يغني الساري العربي بليل بهيم، في صحراء مخيفة، ليطرد الخوف ويحدو ناقته.. وسبق أن كتبت عن الموضوع في بداياته بعنوان (التيسير الكمي شيكات بلا رصيد) ونُشر هنا.. الأدهى أن الصورة القبيحة لهذا التيسير - بل التعسير - أخذت تكشر عن أنيابها وتغتال الدول والشعوب الفقيرة، كيف؟ بارتفاع السلع الأولية إلى أرقام مخيفة وبوتيرة سريعة جداً لم نعهدها من قبل، فالمواد الغذائية ارتفعت على نطاق واسع بما فيها المواد الضرورية (الخبز والخضار والسكر واللحوم) كما أن مواد البناء نالها نصيب وافر من الارتفاع المتسارع خاصة النحاس والحديد والألمنيوم والاسمنت، وهي تعتبر مواد ضرورية لأن المسكن من ضرورات الحياة..

كل هذه الارتفاعات المتوحشة جاءت بسبب طبع أمريكا بلايين الدولارات بلا رصيد من العمل والانتاج الزراعي والصناعي وتبعتها أوروبا.. ففقدت العملات جاذبيتها ولجأت البنوك الكبرى وصناديق التحوط إلى شراء السلع الأولية (الضرورية) لأن هذه السلع لا يمكن أن يزيد انتاجها بسرعة، ولا بنسبة واحد في المئة مما أغرفت به أمريكا وأوروبا الأسواق من أوراق مالية غير مغطاة، وكان الذهب الأول ارتفاعاً لأنه الأذكى والأسرع في كشف الخدعة ولا يمكن الضحك عليه.. إن الشعوب النامية تدفع ضريبة كبيرة غير معلنة لأوروبا وأمريكا مقابل لجوئهم للتيسير الكمي بشكل هائل وغير منطقي ولا مقبول.

والمشكلة أن المؤسسات الدولية (صندوق النقد والبنك الدولي) في أيديهم أيضاً.

إن ما يدعيه الغرب من قيم أخلاقية تهاوى، ويتهاوى دائماً، أمام مصالحهم، فالتيسير الكمي غش وظلم فادح واضح للعالم الثالث وشعوبه الغفيرة، إن القيم الحقيقية والثابتة إنما هي في ديننا الإسلامي الحنيف الذي يحرِّم مقدار ذرة من الظلم ويأمر بالإحسان والعدل حتى مع الأعداء.