شهدت أسواق السلع أول ارتداد واسع النطاق منذ أسابيع في مؤشر على أن التصحيح أوائل مايو قد أخذ مداه الآن. وساعد ضعف البيانات الامريكية في رفع بعض الدعمالأخير عن الدولار، وذلك مع ارتداد اليورو على الرغم من تصاعد حدة التوتر بشأن ما سيحدث في اليونان في الأشهر المقبلة. وسقطت أسواق الأسهم الأوروبية ضحية لهذه الشكوك مع انخفاض مؤشر يورو ستوكس 50 بنسبة 7,5 ٪ عن أعلى مستوياته خلال الأسبوع الأخير، وذلك قبل أن يتعافى. وعلى الرغم من ذلك، فإن السوق ترى الآن أنه على الإرادة السياسية أن تجد حلولا قوية بما يكفي للمساعدة على تجنب المزيد من التصعيد.
فمع توقف ارتفاع الدولار بدأت السلع تتعافى. وقد ساعد على ذلك بعض البنوك الاستثمارية التي رفعت من توقعات سعر خام برنت لنهاية العام، كما ساعد على ذلك أيضا أن الطقس لا يزال يعيث فسادا في الحصاد المتوقع من المحاصيل لهذا الخريف من الصين إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي وقت كتابة هذا التقرير، يتجه مؤشر مركز أبحاث السلع (سي آر بي) إلى تحقيق ثاني مكاسبه الأسبوعية في الوقت الذي يعود فيه المستثمرون ببطء إلى السوق مرة أخرى. أما الفضة، الضحية الرئيسية للتصفيات الأخيرة، فقد أصبحت نجم الأداء هذا الاسبوع.
توقع رفع سعر النفط الخام
بعد أن عانت سوق الطاقة من الانخفاض مرة أخرى، حظيت تلك الأسواق بالارتفاع من جراء انتعاش اليورو وتصاعد العنف في ليبيا واليمن. وأضاف اثنان من البنوك الاستثمارية الكبرى على هذا الشعور الإيجابي من خلال رفع توقعاتهما لسعر خام برنت، حيث توقعا أن يعود السعر إلى حدود 120 - 130 دولارا للبرميل في ظل مخاطر بتجاوز كل الحدود في الارتفاع. ومع تطلع كل البنوك الآن نحو ارتفاع أسعار السلع الأربع الرئيسية، قال أحد المحللين أن السلبية فيما يختص بالنفط تجعل الأمر صعبا بمثل "صعوبة إدارة نادي تشيلسي لكرة القدم".
على الرغم من رؤية نشاط دول منظمة التعاون والتنمية يتباطأ بعض الشيء، فإن البنوك ما زالت ترى هناك طلبا قويا من الدول الأوروبية أكثر من كون هذا ركودا. ومع كون النفط السعودي ذو نوعية أثقل من الإنتاج المتوقف من ليبيا، فإن هناك خطر من هبوط قدرة المخزون الاحتياطي إلى مستويات حرجة. ولا يمكن وقف هذه الانحدار ومنع الطلب من أن يفوق العرض في 2012 إلا من خلال ارتفاع أسعار النفط الى مستويات يبدأ عندها الطلب في التأثر.
بعد انتهاء موجة الانخفاض الأولي في أسعار النفط، يبدو المضاربون مترددين في الوصول بخام برنت وخام غرب تكساس لمستويات أعلى بكثير من المستويات الحالية. ومن المحتم أن مشكلة منطقة اليورو ستواصل إصدار إشارات غير ودية عن السوق. وحتى نعرف إلى أين يذهب الدولار، سيظل إشعال الموقد هو الحرفة المفضلة.
اليورو والذهب يصلان إلى مستوى قياسي جديد
مع ارتفاع سعر الذهب بالنسبة لليورو إلى رقم قياسي جديد خلال هذا الأسبوع، استفاد الذهب والفضة من تصاعد التوتر في منطقة اليورو. ففي مرحلة واحدة تجمع جنبا إلى جنب مع الدولار، مما يعد علامة على أن مشاكل اليورو كانت هي المحرك الرئيسي. ولوحظ قيام بعض المنتجين ببيع كل من الفضة والذهب مما أدى إلى توقف سباق الأسعار (على الأقل في الوقت الحاضر). وكما يتوقع مجلس الذهب العالمي، يستمر الطلب الصيني القوي على مدى السنوات المقبلة، في إضافة مزيد من الدعم في هذا الاتجاه.
أما الفضة فقد أدت أداء قويا واستطاعت الآن أن تسترد 38,2 ٪ من الانخفاض الناتج من عمليات البيع من مستويات الانتكاسة في نيسان / أبريل. وماتزال التقلبات اليومية مثيرة للغاية، وهذا هو أحد الأسباب التي قد تجعل الفضة تواجه صعوبات في التواصل مع المستثمرين الذين احترقوا بنارها خلال عمليات البيع العنيفة.
يبين الرسم البياني أعلاه المدى اليومي كنسبة مئوية من الثمن. ومن الواضح أن نرى لماذا أصبح التداول في الفضة صعبا جدا مع تقلبات المتوسط اليومي لأكثر من ضعف ما نراه في الذهب. ولهذا فعلى المستثمر في الفضة أن يكون على استعداد ليعاني بعض الألم قبل الحصول على ما يريد في نهاية المطاف. وهذا هو أيضا أحد الأسباب التي تجعل صناديق الاستثمار المتداولة مرغوبة جدا حيث يكون المستثمر على أساس واحد مقابل واحد، وذلك مقارنة مع طبيعة الرافعة المالية المرتبطة بالعقود الآجلة.
روسيا قد تستأنف صادرات القمح
أشارت الحكومة الروسية إلى أنها قد تسمح باستئناف صادراتها من القمح بحلول يوليو المقبل، وذلك من أجل تفريغ مخازنها قبل موسم الحصاد القادم. ومن المتوقع أن يغل المحصول الوفير الناتج عن زيادة المساحة المزروعة، والأحوال الجوية الملائمة، ما بين 85 و90 مليون طن متري، أي بزيادة تقدر بحوالي 40 ٪ عن العام الماضي. وما يزال رد الفعل حتى الآن صامتا، حيث أن التجار لا يزال في ذاكرتهم الجفاف الذي ضرب روسيا وأوكرانيا في العام الماضي والذي أدى إلى انخفاض كبير في مستويات الإنتاج.
القمح يبلغ رقما قياسيا جديدا مع استمرار الجفاف
وتأتي هذه الأنباء بمثابة النجدة للمستهلكين في أوروبا حيث ضربت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة أسوأ موجة جفاف على مدى عقود، وشهدت أسعار المحصول الجديد من القمح ارتفاعا كبيرا خلال شهر مايو وصل إلى مستوى قياسي جديد يبلغ 254,50 يورو للطن المتري الواحد.
وفي غضون ذلك، مايزال هناك تأخير متواصل بسبب الطقس الرطب في شمال الولايات المتحدة وكندا حيث يكافح المزارعون من أجل الحصول زراعة القمح في باطن الأرض. فحتى يوم الأحد الماضي كانت المساحة المزروعة من القمح الربيعي 54 ٪ فقط ، ويقل هذا بكثير عن متوسط نفس الفترة من العام الماضي التي بلغت 85 ٪. ويفكر مزارعو الذرة في التحول إلى زراعة فول الصويا إلا إذا سنحت الفرصة في الاسبوعين المقبلين للزراعة. فحوالي 20 ٪ من محصول الذرة لم تتم زراعتها بعد. وأمام المزارعين إما بيعها أو التحول إلى زراعة فول الصويا الذي يظل من الممكن زراعته حتى نهاية يونيو.
أسعار المواشي تحت الضغط قبل موسم الشواء
وفي قاع مقياس الأداء نجد الماشية مثل الخنازير والأبقار. فقد هوت الأسعار مؤخرا بسبب ضعف الطلب على لحوم البقر، وارتفاع معدلات الذبح، حيث تسبب الطقس الجاف في قلة العشب اللازم لرعي الماشية. وجاء ضعف الطلب بسبب البداية البطيئة لموسم الشواء حيث لم يترك الطقس الرطب في المناطق الأخرى للناس عذرا قويا للتجمع حول حلقات الشواء.
بقلم: أولي إس. هانسن- مدير أول