شهدت أسواق الطاقة انخفاضاً ملموساً يوم الأربعاء وواصلت انخفاضها اليوم. وجاء ذلك نتيجة للأخبار المفاجئة من وزارة الطاقة الأمريكية بخصوص ارتفاع مخزون البنزين بنسبة 1.27 مليون برميل في الأسبوع الماضي، بدلاً من هبوطها كما هو متوقع بحيث يصبح الهبوط الأسبوعي الثاني عشر على التوالي. كما تزايد هذا الانخفاض نتيجة لما شاهدناه من مراجعة وكالة الطاقة الدولية، للمرة الأولى، لتوقعات الطلب العالمي على النفط لعام 2011 إلى مستويات أكثر انخفاضاً، والذي كان بدوره محصلة لردود أفعال المستهلكين على الارتفاع الملحوظ للأسعار خلال عام 2011. وقد كان البنزين، حتى الآن، هو أكثر منتجات البترول ارتفاعا، ففي إحدى المراحل اقترب ضمن نسبة 5% من الارتفاع الذي حققه عام 2008. وقد وصلت أسعار التجزئة للبنزين في الولايات المتحدة الاسبوع الماضي إلى متوسط 3.98 دولار للجالون الواحد، وهو سعر قريب جداً من المستوى النفسي لأربعة دولارات الذي كان سوف يتسبب في إحداث المزيد من الضغوط السياسية لاتخاذ إجراء ما.
انخفض سعر بيع النفط الخام في الأسبوع الماضي بواقع 20 دولاراً في غضون 48 ساعة، مما دفع معظم المحللين إلى الاعتقاد بأن ذلك قد أزال بشكل كافٍ أعباء المضاربة لتعود الأسعار بذلك إلى المستويات السابقة. ومن الواضح أن ذلك لم يحدث، والآن يواجه المستثمرين الواقع الذي بدأت تتكشف فيه بوضوح إستراتيجية الدولار قصير الأمد والسلع طويلة الأمد. وكان مؤشر رويترز جيفريز سي آر بي لم يشهد أي خسائر شهرية منذ أغسطس 2010. وقد أدت هذه الفترة الطويلة الممتدة من الحركات المربحة إلى جذب العديد من المستثمرين الجدد إلى مجال السلع الأساسية، خاصة الفضة، والذرة والنفط الذي سيطر على خيال المستثمرين. وقد نجحت الفضة وحدها في الوصول إلى ما يقرب من مستوى 50 دولار بعد ارتفاع 170 ٪ في فترة لاتتجاوز بضعة أشهر.
ومع ذلك، كان الضرر الرئيسي الذي لحق بالمستثمرين هو موجة التصحيح القوية في أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الماضي التي تجلت بشكل خاص في طريقة البيع الكثيفة. من أجل فهم ما يجري، علينا أن ننظر في البيانات الاسبوعية للجنة تجارة السلع الآجلة في الولايات المتحدة الأمريكية.
يوضح الرسم البياني أدناه كيفية تحرك وتغير العقود الآجلة للمضاربة على خام "غرب تكساس" التي احتفظت بها صناديق التحوط وكبار المستثمرين على مدى العامين الماضيين. فقد ارتفعت العقود الآجلة خلال الأشهر القليلة الماضية إلى 300,000 عقد مستقبلي أو 300 مليون برميل. وكان آخر تصحيح كبير خلال شهر مايو 2010 قد نتج عنه بيع مماثل أدى إلى انخفاض السعر بواقع 21 دولار خلال فترة ثلاثة أسابيع، مما أدى إلى خفض مراكز المضاربة من 150,000 إلى 50,000. ومع النظر بعين الاعتبار لتعطل الإمدادات، تحول اهتمام السوق إلى جانب الطلب حيث تشير المؤشرات الآن إلى تراجع في الطلب.
وقد كان ذلك بمثابة نقطة بدء التصحيح، جنبا إلى جنب مع انتعاش الدولار. وكان أداء خام غرب تكساس أقل من أداء خام برنت بنحو خمسة دولارات خلال الأسبوع الماضي، مما يشير إلى حد ما لمراكز المضاربة، جنبا إلى جنب مع حقيقة أن البيانات الأمريكية جاءت كأول إشارة إلى التباطؤ في الطلب.
ويعتقد أن مقولة "بِع في شهر مايو ثم اترك السوق" هي مقولة خاطئة، لكن يبدو أنها وللأسف تصدق هذا العام مع حاجة المستثمرين إلى مراجعة نظرتهم للسلع نتيجة للخطر المتزايد الناجم عن ارتفاع الأسعار والذي بدأ في التأثير في الطلب العالمي. وبشكل أساسي، ما زال الاستثمار في السلع أمر منطقي إلى حد كبير، لكننا لمرة أخرى نرى تأثير ما يحدث عندما يرغب أو يحتاج الكثيرون إلى الخروج من سوق صغيرة نسبيا، مقارنة مع سوق السندات والأسهم.
أوليه سلوث هانسن هو متخصص في جميع العقود الآجلة المتداولة، وهو يتمتع بأكثر من 20 عاماً من الخبرة في جانب البيع أو الشراء على حد سواء. انضم هانسن إلى بنك ساكسو في عام 2008 وهو يدير اليوم فريق CFD والمنتج المدرج في البورصة الذي يركز على مجموعة متنوعة من المنتجات من الدخل الثابت إلى السلع الأساسية. وكان أوليه قد عمل سابقا لمدة 15 عاما في لندن، وكان آخر وظائفه في مجال العقود الآجلة متعددة الأصول وصناديق تحوط الفوركس، حيث كان هو المسؤول عن فريق تنفيذ التداول. وأوليه متوفر للتعليق على معظم السلع، خاصة كافة أشكال الطاقة والمعادن الثمينة.